اليوم إضراب بقلم بهاء رحال
-----------------
بقلم بهاء رحال
أمر بديهي أن تقدم حكومة الاحتلال لإصدار قرار بهذا الشكل الى جانب الكثير من القرارات التي أصدرتها وستصدرها مادام الصمت العربي المطبق وحدة في المواجهة صوتاً لا يعلوا إلا بالشجب وعمليات الاستنكار والإدانة التي لا تحمل إلا تصريحات لا تنفع ولا تضع حداً لانتهاكات كبيرة ومسلسل طويل من الممارسات التوسعية الاستيطانية التي تريد ابتلاع كل شيء وتسعى بشتى الطرق والوسائل الى سرقة التراث الديني والوطني ورسم الأرض المقدسة بنجمات سداسية حتى تصبح ارض الميعاد التي أرادوها ، لكنها مزورة ، فهذا وطني الذي يشكوا جراحة النازفة التي لن تضمدها كل عبارات الشجب والإدانة في مواجهة عدو يتمادى كل يوم أكثر وأكثر بجرافاته التي لا تعرف المحرمات وجنوده اللذين يتراقصون فوق أجساد الأحياء والأموات ، هذا وطني الذي لم يكن يوماً إلا وطناً لكل من يعشق الأرض ويرويها بالعرق والدم وهذا شعبي الذي يصر على الحق ولا يسقطه بفعل الزمن أو النسيان ورغم تتابع الألم ورغم الشتات والمنفى يعود حالماً لحضن الوطن يحلق فوق حيفا وتعود ذاكرته الى ربيع الجليل فتعرفه ويعرفها ويتعانقوا من جديد ، يغني لها وينشد لإزهار النرجس الكرمليه ، فتسقط خرافات عدو ابتدع كثيراً من الأكاذيب وحاول شطب أجزاء من التاريخ لا يعلموها فكان حلم النسيان أعظم أمانيهم وكانت ذاكرتنا حقاً يطاردهم ويسقط أمنياتهم ويبعثرها وهماً وسراباً ونسياً منسيا.
أمر متوقع أن يأتي هذا القرار من هذه الحكومة التي يرأسها نتنياهو ذلك العدو اليميني المتطرف الذي يسعى لإصدار العديد من القرارات وقد اصدر حتى اليوم ما يكفي كي تتحرك الضمائر العربية والوطنية لإنقاذ القدس التي تحتضر في هذا الوقت جراء عمليات التهويد المنظم التي تقوم بها حكومة الاحتلال بالصمت والعلن ولا تأبه لكل الدعوات الدولية التي تطالبها بضرورة وقف هذه الممارسات إلا أنها في كل مرة تقابل هذه الدعوات بإجراءات وقرارات أكثر عدائية وعنصرية وما هذا القانون العنصري الذي أصدرته حكومة الاحتلال بحق الحرم الإبراهيمي الشريف ومسجد بلال إلا تأكيد على عنصرية الاحتلال وسياساته الفاشية التي لا تجد أي رادع بل ربما الكثيرين يرحبون في الخفاء ممن نعتقد بأنهم أصحاب العدالة وأبواق الحق .
لم يعد الإضراب وحده كافياً ، ولم تعد التظاهرات السلمية قادرة على مواجهة هذا الجشع الاستيطاني ألاحتلالي المنظم ، ولم تعد الأمور تحتمل أكثر مع هذا الكيان المغتصب الذي لا يخشى المجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن وليس مستعداً ليكون شريكاً في عملية السلام ولو تظاهر بغير ذلك ، ولا يخشى من ردة فعل عربية فهو يعلم ماذا يعني صمت العرب ، فهم سكتوا في كل الحروب واكتفوا بالشجب والإدانة ، وهو طوال الوقت يمارس عاداته القديمة والجديدة في القتل والحرب والمصادرة والاستيطان وفق أهدافه وتطلعاته ألعنصريه التي تّزور التاريخ والحضارة والتراث الوطني والديني ، وهو اليوم يؤكد على همجيته السياسية وعنصريته العقائدية وبرامجه التوسعية باتخاذ هذا القرار وهذا التشريع الذي إن لم يجد رادعاً حقيقياً يمنعه عن تطبيق ذلك .
لم يعد الأمر يحتمل كل هذا الصمت وكل عمليات القرصنة الإسرائيلية ولم تعد تلك الشعارات التي يرددها الزعماء والملوك والدبلوماسيين تنطوي على شعبنا الذي كثيراً ما نظر الى هذه الوعودات بجدية وانتظرها طويلاً على أمل أن يجدها واقعاً يعيشهُ ويخلصهُ من هذا الظلم الكبير وهذا الاحتلال الجشع .
انتهاك خطير وخطوة تسبق الإعصار الكبير فليتنبه الكل الوطني والعربي والدولي لخطورة النوايا الإسرائيلية التي لا تنتهي ولا تتوقف عند حد معين طالما بقي الصمت والشجب والاستنكار الأدوات الوحيدة للمواجهة ولم تتحرك كل القوى في هذا العالم لوقف هذه السياسات التي تتكالب على فلسطين ومقدساتها وحضارتها وتاريخها وكل ذرة تراب فيها .