في جنح ليل مرعب..... سرقوا حصانك يا أبي
اجتمع الرجال بدارنا فجراً بزحف صاخب
قال الحكيم الهادىء لأبي الحزين الغاضب
بالله قل لي يا حسن. . .
هل كنت تعلفه طعاما لائقاً؟
التبن والبرسيم أو ما يشتهي
ما أظلمك.... هذا حصان من سلالة عنترة
لو كنت تطعمه الطعام المنتقى هل كان يرحل طائعاً؟
خانتك يا ولدي الفطن!
لو كنت تطعمه الحشائش والفواكه واللبن
بصهيله فضح اللصوص مزلزلاً نوم الزمن
إن الغذاء كرامة.... فالذنب ذنبك يا حسن
.. وتقدم الشرطي يسأل: يا حسن
هل كنت تربطه بسلسلة الحديد؟
ـ لا كان مربطه اللجام!
ـ هذا كلام يا حسن.... هذا كلام؟
فالحبل يقطعه اللصوص بكل يسر يا كرام
أما الحديد.... مجلجل وبضربه يصحو النيام
أخطأت فادفع الثمن .... الذنب ذنبك يا حسن
قال الطبيب: ليس الحصان بطبعه مثل النعاج
فهو للرعاية باحتياج!
هل كان يشعر بالأمان؟ هل كان معتل المزاج؟
ـ بل كان يعدو كالرياح وبريق عينيه السراج
وله صهيل منه ينكسر الزجاج!
هتف الطبيب: وجدتها.. وجدتها
هذا الصهيل كآبة وتمرد... هذا احتجاج
هرب الحصان مع اللصوص لأنه ينوي الزواج
يحتاج حضناً دافئا.... حرمانه وقيوده سبب إذن
فالذنب ذنبك يا حسن
... سأل المنجم قارئ الكف الخبير
وتكاد لحيته مع الريح تطير:
ـ قل أين كان منامه يعطيك ربي العافية؟
ـ هو في الحظيرة ههنا.... كما تنام الماشية
ـ يا سيدي هذا احتقار للخيول الغاليه
لو كنت أنت ربطته بسرير نوم العائله
ما كان يشعر بالأسى بين المواشي الجاهله
هذا الحصان النادر سأم السكن
وكرد فعل غاضب لجأ ليبحث عن وطن
فالذنب ذنبك يا حسن
مجنون قريتنا بكى مطراً فاسكت من حكى:
ـ يا للنباهة والفصاحة والفراسة والفطن
بالحضن يا عقلاءنا.... دمتم لنا عند المحن
انصب الملام على حسن
واللص يا عقلاءنا وهو الذي سرق الحلال المؤتمن
برأتموه علناً!
فاللص يسرق خيلنا وندين جداً بعضنا
اللص يسرق خيلنا وسيوفنا وبيوتنا
ماذا سيسرقنا غداً؟
أضحى نشيدك يا وطن: الذنب ذنبك يا حسن؟
كـريـم الـعــراقـي