المعنى اللغوي للسرابيل والوقاية:
السرابيلمن ( سربل ) جمع: سِرْيال. والسِّرْبالُ- كما في لسان العرب- القميص، والدِّرْع. وقيل: كُلُّ ما لُبِسَ فهو سِرْبالٌ. وقد تَسَرْبَلَ به، وسَرْبَلَه إِياه. وسَرْبَلْتُه فَتَسَرْبَل. أَي: أَلبسته السِّرْبالَ.. وتَسَرْبَلَ هو: لبس السِّرْبال. قال لبيد بن أبي ربيعة العامري:
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي *** حتى اكتسيت من الإسلام سِرْبالا
وقال الراغب الأصفهاني: السربال: القميص من أي جنس كان. قال الله تعالى:
﴿ سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ)(إبراهيم : 50 )
وتطلق السَّرابيلُ على الدروع، ومنه قول كعب بن زهير:
شُمُّ العَرانِينِ أَبْطالٌ لبَوسُهُمُ ***من نَسْجِ دَاوُدَ، في الهَيْجا سَرابِيلُ
وقد جمع قوله تعالى:﴿ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ ﴾ المعنيين: القمصان والدروع {2}.
والوقاية من ( وقى )، ومعناها: حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره. يقال: وَقَيْتُ الشيءَ، أقيه، وِقايةً، ووِقاءً. أي: حفظته حفظًا. قال تعالى:
﴿ فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً ﴾( الإنسان: 11 ).
﴿ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾( الدخان: 56 ).
ثالثًا-قال الله تعالى في القرآن الكريم:﴿ وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ * وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ﴾ ( النحل: 80- 81 ).
من نعم الله سبحانه وتعالى أنه خلق الأنعام وسخرها لخدمة الإنسان لكي يستفيد منها وتؤمن له الراحة والأمان والطمأنينة والسكون, فمن جلودها يصنع بيوتًا خفيفة الوزن، تحمل على ظهورها يوم الرحيل، وتؤمن الراحة والظل، الذي يكون أقل حرارة مما حوله في تلك الأرض ذات المناخ الحار, ونستطيع التعرف على هذه الحالة بالتجربة والبرهان عليها بالمعاينة.
لنأخذ مقياسا للحرارة ولنسجل درجة الحرارة في الظل المتشكل, ونقيس أيضًا درجة الحرارة بدونه, فنلاحظ أن الحرارة في الظل تكون أقل ضمن شروط المادة، التي شكلت الظل. ولملاحظة الفرق بين هذه البيوت، والبيوت المصنوعة من المواد ذات الموصلية الجيدة، التي تمتص الأشعة, سنأخذ بيتًا مصنوعًا من الحديد مثلاً, فنلاحظ أن الحرارة في ظله المتشكل ستكون أعلى من سابقتها وكأنه فرن حراري.
والآية الكريمة تخبرنا عن البيوت المصنوعة من جلود الأنعام ووظيفتها, فهي تحمينا من الحر؛لأنها تحجب بدورها أشعة الشمس من الوصول إلى داخلها مكونة الظل. ولأن جلود الأنعام وأصوافها وأوبارها وأشعارها تتمتع بموصلية رديئة للحرارة، يكون البيت أقل حرارة من الوسط المحيط، وواقيًا من أشعة الشمس المحرقة، التي يقوم على تشتيتها، فيوفر لساكنيه الراحة والطمأنينة والسكون, وتحمينا من البرد أيضًا؛لأنها تحفظ الحرارة داخلها، وتحول دون تسربها وفقدانها.
ومن حكمة الله تعالى وتكرمه علينا أنه سخر لنا هذه الأنعام؛ لنستفيد منها بصنع الأثاث والبيوت واللباس، الذي يحمينا من أيام البرد وأيام القيظ.
الملابس التي تقي الإنسان من ظروف الجو:
كيف لهذه الملابس (السرابيل) أن تحمينا في أيام البرد وأيام الحر؟
قال الله تعالى:﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ﴾
الملابس (السرابيل)هي موصل رديء للحرارة؛ حيث تعرقل وصول الحرارة من الجسم إلى الوسط الخارجي، وبالعكس.
ففي أيام البرد عندما يكون الجو باردًا، تكون درجة حرارة الجسم أعلى من درجة حرارة الجو؛ لذلك يشعر الإنسان بالبرد. ولكن عندما يرتدي معطفًا مصنوعًا من الصوف، أو الفرو مثلاً، فإن الأخير يعمل على فصل جسمه عن الوسط المحيط به، وبذلك يقوم المعطف بحفظ حرارة الجسم، ويحول دون نقلها وتسربها؛ لأنه لا يستطيع ذلك.
أما في حالة الحر فإن المعطف (السربال) يقوم بنفس العمل، الذي قام به عندما لبسناه في حالة البرد: لأنه موصل رديء يمنع وصول أشعة الشمس المحرقة من الوسط الخارجي إلى الجسم، الأمر الذي يحفظ للجسم حرارته.
ومن هنا نستطيع القول: إن السرابيل لا تدفئ الجسم، ولا تبرده؛ وإنما تعمل على حفظ حرارته.
ولكن التجربة خير دليل على ما سبق أسوة بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، رائد العلم النظري والتجريبي عندما قال:” ليس الخبر كالمعاينة “{4}.