مسلسل النبي يوسف .. هل كان عليه السلام شيعيّا ؟ بقلم:رشيد السيد احمد
تاريخ النشر : 2010-02-18القراءة : 261
مسلسل النبي يوسف .. هل كان عليه السلام شيعيّا ؟؟
بعيدا عن الإسرائيليات التي حفل بها المسلسل الإيراني " النبي يوسف " و التي اعتمدها كاتب السيناريو لعرض الأحداث بهذا الشكل الدرامي، و بعيدا عن الغوص في مدلولات الفقه الشيعي التي تناولها هذا المسلسل .. فقد حاول القائمون على هذا المسلسل طرح مفهوم " ولاية الفقيه " من خلال تحويل دور النبي يوسف كما طرحته القصّة القرآنيّة إلى دور مؤسس لمشروع دولة تقوم على " مفهوم الولاية " باعتماد النص " التوراتي " و الترويج له من خلال تسلسل الأحداث بدءا من طرح مفهوم " المظلوميّة " التي عاشها النبي يوسف ، و انتهاءا بإقرار مفهوم " الولاية " على لسان " الملاك " أولا ثمّ على لسان " النبي يعقوب" ثانيا ...
لقد أحس القائمون على قناة المنار أنّ المسلسل لم يحظَ بكمّ مناسب من المشاهدين في عرضه الأوّل خلال شهر رمضان نتيجة ازدحام الفضاء العربي بمسلسلات مما هبّ ، و دبّ ..فأعادت عرضه مرّة اخرى ليستقطب عددا كبيرا من المشاهدين هذه المرّة ، و على مختلف مستويات الأعمار .. و بتوقيت مناسب من ناحية وقت العرض ، و عدم انشغال هؤلاء المشاهدين بخزعبلاّت السياسة اللبنانيّة التي تجد متنفسها على الشاشات التي ما انزل الله بها من سلطان .. نتيجة مرور أزمة تشكيل حكومة " الوحدة الوطنيّة ؟! " ...
نجاح المسلسل يعتمد على نصّ محبوك بشكل فنيّ ، يعتمد الكثير من المراجع التاريخيّة ، و على الإمكانيات الهائلة في إعداد الاستوديوهات التي احتضنت هذا العمل ..و على ممثلين قادرين على تشخيص أدوارهم بكلّ حرفيّة بما فيهم الجموع ، و الكومبارس ، و على مهارة في دبلجة هذا المسلسل لينقل حرفيّة اللفظ الفارسي كما حاول المخرج إيصالها ، و قبل ذلك الفترة الزمنيّة الطويلة التي عُمل فيها على هذا المسلسل ليظهر بهذه الصورة .. و لعلّ أهم نجاح لهذا المسلسل كان في تجاوز القائمين على هذا المسلسل لكثير من التابوهات المحرّمة " سنيّا ".. و المحلّلة " شيعيّا " ، و التي تتحدث عن تصوير الأنبياء ، و الملائكة .. فقد تقبلها المشاهدون ..ممن قام بتشخّيصها دون حرج ، و بتمرير اعتراضات على هذا التشخيص سرعان ما بدأت تخفت مع تقدّم النص دراميّا حيث تمّ الانحياز لهذا الممثل ، أو ذاك.. و على فترة العرض من الحلقة الأولى للمسلسل و حتى تمنّي النبي يوسف " من الملاك " أن يبلّغ سلامه " للنبي الخاتم ، و للمهدي المنتظر " في المشهد الأخير من المسلسل ..كان المشاهدون يتسمّرون أمام شاشة المنار
حلقات المسلسل الأخيرة أظهرت مفهوم " ولاية الفقيه " بشكل واضح ، و صريح .. و بسلاسة تظهر كيف يكون الفنّ خير رسول لإيصال الرسائل من أجل خدمة هدف معيّن .. و هنا تُطرح أيضا إشكالية أزمة " المسلسلات " العربيّة التي يتمّ سَلْقها كيفما كان ..و حيث تعتمد على الممثل مقابل فشل " النصّ " ، و حيث تستجلب المشاهد بعرض مشاهد ساخنة ، أو إيحاءات جنسيّة ، أو بنبش جثث ممثلات اعتزلن الفنّ " بحجّة الحجاب " ثمّ خرجن " بحجاب فنّي " لا يمتّ لفضيلة الحجاب بشيء ...
مرّة أخرى تسجّل إيران نقطة هامّة ، و هذه المرّة من خلال الفنّ ..حيث يعرض أيضا مسلسل " مريم الصدّيقة "على أكثر من قناة فضائيّة ، و كان قد سبقه مسلسل " أهل الكهف " .. و غدا ستكرّ سبحة الأنبياء في " المسلسلات الإيرانية " ، و هل كان نبيّ دون " مظلوميّة " ؟؟ ما يسمّى بالفنّ العربي تُصرف عليه المبالغ الطائلة في بلداننا العربيّة من اجل تتفيه عقل المشاهد ، و تسطيحه ، و إبعاده عن قضاياه الأساسيّة إلاّ من رحم ربّي .. فإذا ما تمّت دبلجة مسلسل فهو إما مسلسل مكسيكي يظهر عري الأمريكيات اللاتينيّات ، أو مسلسل تركيّ يظهر خلاعة المستغربات التركيّات ، أو البطولات المتوهمة.. و مرّة أخرى يسألني ابني عن عدم تقبيل النبي يوسف ليد أبيه يعقوب " لأنّه لم يفهم معنى كلام يعقوب " .. و مرّة أخرى ابلس في مقعدي عاجزا عن " إفهامه " أنّ النبي يوسف لم يكن " شيعيّا " ذو ولاية ، كما لم يكن " سنيّا " ....
رشيد السيد احمد