الى متى سنظل نغيّب القدس؟!!
ندى الحايك خزمو
بعد أن رُحِّلَت ورحلت مؤسسات القدس عن القدس، إن كان ذلك بفعل الاحتلال الذي يهجّر يومياً مواطني القدس ومؤسساتها عنها، أو بفعل الضغوطات التي تعرضت لها تلك المؤسسات والتي تحدثت عنها في عدد سابق، فقد بتنا نرى أن معظم الأحداث أو المؤتمرات أو اللقاءات أو الاجتماعات أو... الخ حتى التي تخص القدس لا تقام في القدس وإنما خارجها.. في رام الله في معظم الأحيان وفي بيت لحم أو غيرها في بعض الأحيان ..
أمر خطير بحاجة الى إعادة النظر فيه.. أن ننقل كل شيء الى خارج القدس، فهذا ما يريده الاحتلال، وهذا ما يسعى اليه . ونحن للأسف اليد التي تنفذ مخططات تهويد القدس بمثل هذه الأعمال التي لم يدرك البعض مدى خطورتها ومدى تأثيرها المستقبلي على المدينة المقدسة.
يقول البعض اننا نجبر على عقد أي لقاء خارج القدس لضمان وصول من نريد الى الاجتماع أو الى المؤتمر أو الى الاحتفال أو ... لأن عدداً كبيراً من الحضور هم من الضفة، ومن الصعب عليهم الوصول الى القدس .. وأسأل هؤلاء : ولماذا عندما يكون هناك حفل استقبال لإحدى القنصليات الأجنبية في القدس يستطيع الجميع الوصول إليه حتى من يحملون الهوية الفلسطينية.. هذا مع العلم أن معظم من يحضرون الاجتماعات يحملون تصاريح دائمة أو شبه دائمة للدخول الى القدس.. وحتى لو افترضنا بأنهم لا يحملون التصاريح ولا يستطيعون الدخول الى القدس، فهذا ليس بمبرر للابتعاد بمؤتمراتنا ولقاءاتنا واحتفالاتنا الى خارج القدس التي هي المحور الذي يجب أن نركز عليه، ونعمل على إثبات وجودنا الفلسطيني فيها بكل ما فينا من قوة وإرادة وعزم.. فهناك "الفيديو كونفرنس" عند الضرورة نستطيع من خلاله التواصل فيما بين الأعضاء في القدس والضفة وغزة بكل بساطة وسهولة.
ولكن وللأسف فان هناك أيضاً بعض المؤسسات التي معظم أعضائها من القدس ورغم ذلك نقلت اجتماعاتها الى الضفة فلماذا وما المبرر لهؤلاء؟!
فحتى فعاليات القدس عاصمة الثقافة العربية - سبق وذكرت ذلك في مقال سابق- نقلت معظمها الى خارج القدس ولم تحظ القدس الا بالنزر اليسير من الفعاليات والتي لا تذكر.
نحن نهرب من القدس والاحتلال يعزّز من تواجده فيها، فمنذ اليوم الأول لتأسيس دولته فانه وضع نصب عينيه، بل وأكد على ذلك بقوانين حازمة وحاسمة، بأن القدس ستكون موحدة وعاصمة لكيانه، بل وأقر نقل جميع المؤسسات الاسرائيلية الرسمية والدوائر الحكومية الى القدس، وهذا يعني نقل عشرات الآلاف من الموظفين وعائلاتهم اليها.. وحارب جاهداً حتى من أجل نقل السفارات الأجنبية الى القدس.. ولم يكتف بذلك بل فاننا نراه كل يوم يضع الخطط لتعزيز التواجد اليهودي فيها بكافة الاتجاهات والنواحي ، يعمل ليل نهار من أجل ذلك ويرصد البلايين من الدولارات لتنفيذ مخططاته.. ونحن في المقابل نفرغ القدس من مؤسساتها بكامل إرادتنا. فالبعض لم يستطع تحمل الضغوط المختلفة التي يمارسها الاحتلال ضد المؤسسات، ولم يجد من يقف معه ويشد أزره ويدعم صموده ووجوده في المدينة المقدسة، والبعض الآخر انتقل الى رام الله من أجل مصالحه الذاتية ليكون قريباً من العين فيكون قريباً من القلب، والبعض الآخر صمدوا ويعملون جاهدين من أجل بقائهم في قدسهم، واحتملوا كل ضغوطات الاحتلال، ولكن وجدوا للأسف أن من يعملون من أجل اغلاق مؤسساتهم هم بني جلدتهم، من خلال المكائد التي تحاك ضدهم عملاً بمقولة "لا نريد أن نعمل ولا نريد للآخرين أن يعملوا"، يريدون أن يكونوا كل شيء وهم لا شيء، ولا يفعلون شيئاً، ويستكثرون على الآخرين أن يعملوا من أجل مصلحة وطنهم وقدسهم فيحاولون جاهدين إيصال من يعملون الى مرحلة الإحباط واليأس .
قبل حوالي العام قال د. مازن سنقرط – وزير سابق- بانه "يتم التعامل باستحياء مع القدس سواء عربيا او فلسطينيا، وانه ليس هناك إرادة سياسية تجاه المدينة،حيث لا يتلقى السكان المقدسيون 1% من المساعدات بينما يبلغ عددهم حوالي 10% من نسبة السكان الفلسطينيين".
وأضاف بالنسبة للمساعدات بأن " المشكلة ليست في المال، فهو متوفر وموجود، وهناك طرق ووسائل كثيرة لجمعه، لكن المشكلة للأسف تكمن في غياب الإرادة السياسية والقرار الفلسطيني تجاه القدس، بينما ينتقد الاسرائيليون رئيس حكومتهم لأنه يركز 90% من جهده للقدس وينسى بقية المدن الاسرائيلية ".
وما قاله د. سنقرط يضع الإصبع على الجرح ولكن من يسمع.. فها نحن نستمر في تجاهل القدس وفي تغييبها حتى من قبل بعض مؤسسات القدس.. هل نلوم تلك المؤسسات أم نلوم من يتجاهلون القدس ومؤسساتها ومواطنيها وحتى مقدساتها.. ويتركونهم لوحدهم يصارعون الاحتلال وضغوطاته ومكائده وخططه وبرامجه تجاه المدينة المقدسة. (مجلة البيادر)