كلّ نهار ٍ ,
أجلسُ عند صديقي الإيطاليّ (روبرتو)
كلّ نهارْ .
أحملُ تخطيطات الشعر ِ ,
آكلها بدلَ الإفطارْ ...
صارَ (روبرتو) يعرفُ وجهي
صارَ يقيسُ مساحة َ حزني بالأمتارْ ..
كل نهار ٍ ,
أمشي فوقَ الورق ِ اليابس ِ ,
كل نهارْ .
أتحدثُ في لغةِ الأعشابِ ,
وأفهمُ إحساسَ الأشجارْ
كلّ نهار ٍ ,
أصنعُ أملاً من ألوان الطيفِ ,
وأصنع شعباً من أزهارْ ...
كلّ نهار ٍ,
أنوي فيه ركوبَ البحر ..
تقولُ الشرطة: لا إبحارْ
كل نهار
أبني وطناً أسكنُ فيهِ
فتجرفه الأمطارْ ...
كل نهار ٍ,
ألبسُ ذاتَ المعطفِ ,
أقطعُ ذاتَ الشوارع ,
أشغلُ ذلتَ المقعدِ ,
أطلبُ ذاتَ القهوة ,
أشري صحفاً من بلدان الشرق الأوسطِ
لا ـحمس كي أفتحها
فالأخبارُ هي الأخبارْ
في القرن الأول ِ .. أو في القرن العاشر ِ.
الأخبار هي الأخبارْ ..
كلّ نهار ٍ,
أجلسُ عند صديقي الإيطالي (روبرتو)
كل نهارْ .
اطلبُ قدحاً من كونياك فرنسا
أبلعهُ سيفاً من نارْ
أكتبُ فوق الفوطة شعراً
تبكي منه فتاة البارْ ...
كلّ نهار ٍ,
تجلسُ فوق سريري امرأة ٌ
تخطفها من الأقدارْ
كلّ امرأةٍ تحمل طفلاً مني
يضربها الإعصارْ
كلّ نهارٍ ,
أكتبُ للحرية شعراً
يمنعه حتى الأحرارْ ...
يا سيدتي :
إن النملة تملك وطناً
إن الدودة تملك وطناً
إن الضفدع يملك وطناً
إن الفأرة تملك وطناً
إن الأرنب يملك وطناً
والسحلية , والصرصارْ .
وأنا ما ملكني أحدٌ وطناً
ولذا , أسكنُ يا سيدتي
وطناً بالإيجارْ ...
نزار قباني