أوباما - نتن ياهو زوبعة في فنجان
أن تعتبر السيدة هيلاري كلينتون اعلان الحكومة الاسرائيلية بناء 1600 وحدة سكنية في احدى مستوطناتها شمال القدس اثناء زيارة جوزيف بايدن نائب الرئيس الامريكي لتل ابيب 'اهانة' موجهة الى الولايات المتحدة الامريكية، فهذا امر جميل، ولكنه اعتراف متأخر بعد سلسلة طويلة من الاساءات والاهانات الاسرائيلية امتدت لاكثر من ستين عاما، اي منذ قيام اسرائيل على حساب الارض العربية في فلسطين.
توبيخ السيدة كلينتون لنتنياهو في مكالمتها الهاتفية التي استمرت اربعين دقيقة ليس كافيا، طالما لم تتبعه خطوات عملية عقابية على ارض الواقع، لان الساسة الاسرائيليين تعودوا على مثل هذه المكالمات الغاضبة، ويعلمون جيدا انها سرعان ما تتبخر وتعود المياه الى مجاريها، وبصورة اكثر قوة وصلابة.
بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي يدعي دائما انه يفهم الولايات المتحدة اكثر من غيره، ويتحدث الانكليزية بلكنة امريكية، يتحدى الرئيس باراك اوباما، ولا يتورع عن السخرية منه وادارته، لانه يعتبر نفسه الاقوى، بسبب دعم اللوبي اليهودي له، وسيطرته بالكامل على مراكز صنع القرار في المؤسسة الامريكية الحاكمة.
تراجع الادارة الامريكية الحالية، وبطريقة مخجلة، عن مطالبها بتجميد كامل للاستيطان في الاراضي المحتلة، ومن ضمنها القدس، قبل العودة الى طاولة المفاوضات، هو الذي شجع نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، على استفزاز هذه الادارة بالاعلان عن بناء المزيد من المستوطنات في الضفة والقدس المحتلتين.
الرئيس اوباما، وبعد هذه الصفعة التي تلقاها من نتنياهو، مطالب بان يرد الاعتبار لنفسه اولا، ولادارته ثانيا، ولعملية السلام ثالثا، وان يتصدى لمثل هذه العجرفة الاسرائيلية بالطريقة التي يتصدى فيها حاليا لايران، من خلال السعي من اجل استصدار قرار عن مجلس الامن الدولي بتشديد العقوبات الاقتصادية عليها.
فعندما يقدم اوباما على انزال اسرائيل وقادتها ومستوطنيها من وضعها الحالي كدولة فوق القوانين والاعراف الدولية، ويرفع عن جرائمها الحصانة العسكرية والدبلوماسية الامريكية، فإن ادارته ستكتسب الكثير من المصداقية في العالمين العربي والاسلامي، بل والعالم بأسره.
ولا نعتقد ان الرئيس اوباما الذي اضاع عاما كاملا من عمر ادارته وهو يغض الطرف عن الجرائم الاسرائيلية في الاراضي المحتلة، ويحول ضغوطه الى الطرف الفلسطيني الضعيف لاجباره على العودة الى مفاوضات غير مباشرة محكومة بالفشل مسبقا، لا نعتقد انه سيفعل اكثر من الاحتجاج والعتب بالنسبة الى حلفائه الاسرائيليين، فنائبه بايدن الذي اعلن انه صهيوني اصيل، رد على استفزازات نتنياهو له، وافشاله لجولته بالتأكيد على عمق العلاقة الاسرائيلية ـ الامريكية، والتزام واشنطن بالامن الاسرائيلي دون اي تحفظ.
الرئيس اوباما ضعيف امام اللوبي اليهودي، وكذلك الحال بالنسبة الى معظم المسؤولين الاوروبيين الآخرين، وهذا الضعف المصطنع، في رأينا، يعكس رؤية ازدواجية في النظر الى المعايير الاخلاقية، والتعاطي بازدواجية مع قضايا المنطقة العربية، وبما يؤدي في النهاية الى اذكاء حالة التوتر بين الغرب والعرب، وصعود موجات التطرف واستفحال ظاهرة الكراهية المتنامية.
ومن المؤسف ان الضعف العربي، وقلة الحيلة عند معظم الزعماء العرب، ان لم يكن كلهم، هو الذي يشجع هؤلاء على عدم تحدي اللوبي اليهودي الموالي لاسرائيل، مثلما يشجع نتنياهو والمتطرفين اليهود على المضي قدما في نهب الارض وتهويد المقدسات، وهدم المسجد الاقصى وبناء هيكل سليمان على انقاضه.