تدخين السجائر فور سماع الأذان عادة خطيرة
--------------------------------------------------------------------------------
الدوحة - هدى منير العمر
رغم أن شهر رمضان فرصة ذهبية للإقلاع عن التدخين أو التخفيف منه على الأقل، فإن هناك مفارقة تثبت تناقض حال المدخن قبل الإفطار وعقبه، فيوجد من المدخنين من يعوضون ساعات الصيام التي امتنعوا فيها عن التدخين بساعات أخرى يضاعفون فيها من جرعات السجائر اليومية لتصبح أكثر خطورة عن ما اعتاد عليه المدخن، بالإضافة إلى الأساليب والعادات السلبية التي يتبعها المدخن في رمضان كأن يشرب سيجارة على معدة خاوية فور سماعه لأذان المغرب، أو كأن يزيد اهتمامه بزيارة المقاهي والخيم الرمضانية التي تجعل من «الأرجيلة» سيدة المكان.
تعج حالياً مقاهي الشيشة بروادها ليلاً، وكما للرجال حضور فللنساء أيضاً حضور منافس على شرب الشيشة، والتي بلا شك تشكل خطراً مضاعفاً عن السجائر، هذا ما يمكن استنتاجه من خلاصة ما يعنيه فؤاد الديب مسؤول في أحد مقاهي الشيشة بالدوحة، فيذكر لـ «العرب» أن نسبة الإقبال على الأرجيلة في رمضان قد تضاعفت، وهو أمر معتاد في هذا الشهر على حد تعبيره، مفسراً «يحبذ الكثيرون السهر ليلاً في رمضان وتحديداً في المقاهي والخيم الرمضانية وفي غالبها تقدم الأرجيلة، لذلك يزيد إقبال المشيشين عليها في رمضان لا سيما بعد الساعة التاسعة حتى وقت متأخر من الليل».
أما فيما يتعلق بالفئات الأكثر إقبالاً فيؤكد أن نسبة إقبال الرجال على تدخين الشيشة ما زالت أكثر من النساء، معتبراً في الوقت نفسه أن كل شيء يحسب بطريقة «النسبة والتناسب»، وعلى ذلك يعد الإقبال النسائي الحالي على مقاهي الشيشة حسب طبيعة المجتمع القطري كبيراً جداً، بل ومن الملاحظ كذلك أن نسبتهن في تزايد مستمر.
ويلفت مسؤول المقهى إلى أن أعمار غالبية زبائنه من الذكور تتراوح بين 20 حتى كبار السن، فيما تتراوح أعمار الإناث «المشيشات» بين 20 إلى 30 سنة، ومن بينهن زبونات دائمات.
أما فيما يتعلق بإقبال المواطنين تحديداً على الشيشة فيشير أيضاً إلى أنه كبير للغاية وزاد في شهر رمضان، أما المواطنات فيؤكد أن هناك تواجدا ملحوظا في الفترة الأخيرة من قبلهن على تدخين الشيشة، لكن تبقى نسبتهن أقل من غيرهن حسب قوله، مقدراً حجمهن بـ 4 % من نسبة زبائنهم من الإناث المدخنات للشيشة.
الصيام فرصة ذهبية
في هذا الصدد يقول مدير مركز أم غويلينة الصحي الدكتور هاشم السيد استشاري طب الأسرة : «تلعب فترة الانقطاع الطويلة عن التدخين والمتمثلة في فترة الصيام دوراً مهماً في مساعدة المدمن على التخفيف من إدمانه ومن ثم ترك التدخين نهائياً لو تواجدت النية، وهذا لا ينطبق على السجائر والأرجيلة فحسب، بل أيضاً على من يدمن الكحوليات مثلاً لأن شهر رمضان فرصة ذهبية لمراجعة النفس حيث إن الفرد يكون مضطراً تحت تأثير الوازع الديني أن لا يأكل ولا يشرب شيئا، ويصبح الوازع الديني في هذه الفترة هو الدافع الأقوى.
وبالتالي ليس للوازع أو العامل الصحي التأثير ذاته، لا سيما في المجتمعات العربية التي تتأثر بهذه المفاهيم الدينية بعكس المجتمعات الغربية التي يكاد يكون فيها الوازع الديني مختفياً رغم أنه يعتبر صمام أمان حسب ما تشير إليه الدراسات الحديثة خصوصاً في الأمراض المتعلقة بالعادات السلوكية كالإدمان على المخدرات أو الكحوليات أو الانتحار أو العوامل النفسية كالقلق والاكتئاب وما إلى ذلك، وبالتالي يعتبر شهر رمضان فرصة ذهبية للإقلاع عن العادات السلبية ومن بينها التدخين، خصوصاً لو تزامن هذا مع النصح والمشورة من قبل طبيب الأسرة على سبيل المثال الذي سيرشد المدخن إلى بعض العلاجات التي ستساعده على الإقلاع عن التدخين».
عادات سلبية
ويتبع بعض المدخنين سلوكيات سلبية في رمضان ومن أبرزها تناول سيجارة فور سماع الأذان قبل أن يدخل في جوفه شيء، وحولها يقول استشاري طب الأسرة: «تعتمد هذه السلوكيات على تركيبة الإنسان وعقليته وطريقة تفكيره، فيوجد بعض المدخنين من يصبح عندهم نوع من المراوحة في التفكير أو التردد في الإقلاع أو عدم الإقلاع عن التدخين وبالتالي يشغل هذا القرار حساباتهم، لكن في المقابل يوجد مدخن من نوع آخر وهو من يعتبر أن الصيام مجرد فترة مؤقتة، ومن بعدها سيعود للتدخين فور سماع المدفع، لأنه لم يدخل في عقله الإقلاع أو النية عليه، لذلك تعود المسألة لطريقة تفكير المدخن، فهل سيعتبر شهر رمضان مناسبة للإقلاع أم مسألة حرمان مؤقت، ومن ثم سيزاول العادة من جديد! فقد يعود المدخن للتدخين أحياناً بشكل أكثر وأشد عما قبل في رمضان، لأن فيه تكثر السهرات مع الأصدقاء وتنشط مقاهي الشيشة وما إلى ذلك».
ومن التأثيرات السلبية التي تتركها عادة تناول السجائر فور سماع أذان المغرب يضيف الدكتور هاشم: «يؤدي الدخول المفاجئ لثاني أكسيد الكربون والمواد السامة التي يستنشقها في رئتيه عند شرب السجائر إلى التقليل من نسبة الأكسجين الذي يصل للمخ والقلب والرئتين، والدخول المفاجئ هذا بعد الصيام يسبب نوعاً من الصدمة للجهاز التنفسي والشرايين والقلب والمخ، بالإضافة إلى أن شرب السجائر والمعدة خاوية قد يؤدي إلى فقدان الشهية عن الطعام قبل البدء بالإفطار، وهذا دمار إضافي لصحة الإنسان، فبطبيعة الحال تعتبر كل سيجارة بمثابة إنقاص لعمر الإنسان مدة خمسة أيام، فيعرض المدخن نفسه للجلطات والسرطان والذبحة الصدرية والالتهابات الرئوية».
إرشادات للإقلاع
وينصح الدكتور هاشم المدخنين في رمضان بمراجعة الذات ليستغلوا هذا الشهر أحسن استغلال «فكما يقرأ الإنسان القرآن بهدوء ويتدبره، يجب أن يتدبر الإنسان أيضاً كافة جوانب حياته ولو لمدة ربع ساعة، خصوصاً المدخنين أو مرضى السكري مثلاً أو صاحب أي سلوك غير صحي، لمحاسبة النفس، ففرصة الصيام تعد فرصة ذهبية لمراجعة النفس والنظر إليها من الداخل، إلى جانب النية، كأن يقول المدخن لنفسه: أريد أن أقلع عن التدخين نهائياً، ثم يأخذ الخطوات اللازمة لذلك وتنفيذها مع الاستمرار في التنفيذ لتحقيق النجاح، وقد ينجح بعض المدخنين في الإقلاع عن التدخين فجأةً، وآخرون قد يقلعون تدريجياً، فكل شخص حسب حالته وقدرته».
ويلفت مدير مركز أم غويلينة الصحي إلى أهمية إشراك الزوج أو الزوجة في التشجيع على ذلك، فضلاً عن تجنب أماكن التدخين داخل البيت وخارجه مع إبعاد كل ما يتعلق بأغراض التدخين كالقداحة أو طفاية السجائر، وأخيراً الانشغال بشيء إيجابي لأن معظم المدخنين يكون عندهم نوع من توتر، وينصح أيضاً بالرياضة واليوغا والمراجعة الدورية مع طبيب الأسرة لأن حالة المدخن قد تنتكس فجأة، وهنا سيحتاج إلى الدعم من طبيبه الذي يعتبر أكثر معرفةً بحالته، ومن ثم سيشعر المدخن أن مسألة الإقلاع بدأت تسهل عليه شيئاً فشياً فيما لو اتبع تلك الإرشادات».
*العرب القطرية