حل شهر رمضان المبارك ضيفا ثقيلا على اليمنيين امس اثر اصطحابه للكثير من الاعباء التي لم تقتصر فقط على مستلزمات رمضان من المواد الغذائية وصنوف الطعام التي يفترض توافرها خلال شهر الصيام، ولكن تجاوزت ذلك الى قطع الخدمات الاساسية كالكهرباء والمياه والوقود وغيرها، وكذلك مواكبته للتصعيد العسكري الكبير الذي قامت به القوات الحكومية الموالية للرئيس الجريح علي عبد الله صالح منذ الساعات الاولى لبدء الصيام في عدة مناطق وفي مقدمتها منطقة ارحب بصنعاء ومدينة تعز الجنوبية.
انطفأت الكهرباء في كل أرجاء اليمن لمجرد الاعلان عن دخول شهر رمضان مساء امس الأول، وعاش اليمنيون ظلاما دامسا عشية دخول الشهر الفضيل، واستمرت في الانقطاع حتى مساء امس، ولا يعرف هل ستعود للخدمة ام ان اليمنيين سيعيشون شهرهم في الظلام، خاصة ان حياتهم الرمضانية تنتعش خلال فترة الليل الذي يتحول الى نهار تماما بالعمل والنشاط والحركة.
وضاعف الاعباء الرمضانية حلوله مع امطار غزيرة جدا حولت شوارع العاصمة صنعاء الى وحل وبرك واسعة لكثرة المياه المتراكمة فيها واختلاطها بأكوام القمامات التي لم تقم المجالس البلدية بواجبها في تنظيف الشوارع منها بسبب النقص الحاد في وقود وتوقف الكثير من العربات والسيارات بسبب ذلك.
وكان العبء الاكبر على المتظاهرين في ساحات الاعتصامات في صنعاء والعديد من المدن الرئيسية في اليمن، حيث هطلت عليهم الامطار بغزارة وتحولت ساحات الاعتصامات اثرها الى قيعان مليئة بالمياه والتي اخترقت الخيام وحولت بعضها الى ركام وافسدت ما فيها من فرش واغطية وادوات كهربائية، وضاعفت الاعباء على المتظاهرين الذين اصبحوا مشغولين بترتيب وضعهم المعيشي في الساحات على حساب نشاطهم السياسي المطالب بإسقاط النظام.
ولكن وفقا لقول العديد من المعتصمين في العاصمة صنعاء الذين التقتهم 'القدس العربي' فإن 'مضاعفة الاعباء والمعاناة التي نواجهها في ساحة الاعتصام مهما كانت ترفع معنوياتنا اكثر وتضاعف اصرارنا على ضرورة الاستمرار في مشروعنا حتى تحقيق أهدافنا المرجوة وهي اسقاط النظام'.
وهدد العديد من الائتلافات الشبابية بتصعيد حدة الفعل الثوري من اجل الاسراع بعملية الحسم والوصول لاهداف الثورة السلمية في اسرع وقت ممكن، ودعت الى استغلال شهر رمضان لرفع المعنويات في اوساط شباب الثورة واتخاذه موسما لشحذ العزيمة وجعله شهرا للحسم كما عهد عنه بانه كان شهرا للانتصارات خلال التاريخ الاسلامي.
ومن المفارقات العجيبة في رمضان اليمني انه لم يشهد هدوءا في ساحات المعارك بين القوات الحكومية الموالية للرئيس صالح وبين رجال القبائل المسلحين الموالين لشباب الثورة، حيث شهد اليوم الاول لرمضان مواجهات عسكرية عنيفة في العديد من الجبهات وبالذات في مدينة تعز الجنوبية التي شهدت اعنف مواجهات مسلحة بين قوات الحرس الجمهوري ورجال القبائل المساندة لشباب الثورة، حيث قامت القوات الحكومية باستخدام كافة الاسلحة الثقيلة بشكل عشوائي على الاحياء السكنية في شمال مدينة تعز 'سقط خلالها العديد من الضحايا من المدنيين فيما اعطب المسلحون القبليون العديد من الاليات العسكرية في تعز.
وذكر بعض سكان مدينة تعز انهم اصيبوا بالهلع امس اثر تصاعد موجة المواجهات بين المسلحين القبليين والقوات الحكومية التي لم تحترم حرمة الشهر الحرام، كما لم تحترم حرمة دماء الابرياء من المدنيين الذين يسقطون كل يوم تحت نيران 'المدفعية الثقيلة والقصف العشوائي على الاحياء المأهولة بالسكان بذريعة ملاحقة المسلحين القبليين فيها.
وتزامن حلول رمضان المبارك في اليمن مع تصعيد قبلي وحكومي واضح، حيث سعى الطرفان الى عمليات تصعيد وصلت حد الذروة قبيل رمضان من خلال التصعيد العسكري الحكومي - القبلي ومن خلال تصعيد الخطاب السياسي بينهما ايضا الذي وصل حدا لم يسبق له مثيل من قبل، لدرجة ان شيخ مشايخ قبائل حاشد صادق الاحمر هدد بانه لن يسمح للرئيس علي عبد الله صالح ان يحكم اليمن ما دام على قيد الحياة، وهو خطاب تصعيدي قرىء سياسيا بانه اعلان حرب على نظام الرئيس صالح وافراد عائلته.
وبعيدا عن الوضع السياسي، حل رمضان ضيفا ثقيلا ايضا على اليمنيين بسبب تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي لليمنيين اثر تدهور القدرة الشرائية لديهم بسبب تراجع مستوى الدخل وفقدان الكثير لوظائفهم والركود الاقتصادي الكبير والارتفاع الجنوني للاسعار بسبب الوضع السياسي المتدهور وانعدام الخدمات العامة ووسائل النقل منذ بدء الثورة الشبابية قبل ستة اشهر.
واضطر الكثير من سكان المدن للنزوح الى الريف بحثا عن الامان، كما هو هروب من الاعباء الاقتصادية المرتفعة في المدن التي لم يستطع الكثير منهم بسببها دفع الايجارات لمساكنهم، ناهيك عن تغطية التكاليف المعيشية المتصاعدة واصابة الحياة الاقتصادية في المدن بالشلل وتوقف الكثير من الشركات الخاصة والعديد من المرافق العامة عن العمل لاجل غير مسمى.