صوم الصالحين .. تمامه بستة أمور
***************************
الأول : غض البصر وكفه عن الإتساع في النظر إلى كل ما يُذم ويُكره وإلى كل ما يشغل القلب ويلهي عن ذكر الله عز وجل .قال : (( النظرة سهم مسموم من سهام إبليس لعنه الله فمن تركها خوفا من الله آتاه الله عز وجل إيمانا يجد حلاوته في قلبه ))أخرجه الحاكم .
الثاني : حفظ اللسان عن الهذيان والكذب والغيبة والنميمة والفحش والجفاء والخصومة والمراء وإلزامه السكوت وشغله بذكر الله سبحانه وتلاوة القرآن ؛ فهذا صوم اللسان . وجاء في الخبر : (( أن امرأتين صامتا على عهد رسول الله فأجهدهما الجوع والعطش في آخر النهار حتى كادتا أن تتلفا ؛ فبعثتا إلى رسول الله يستأذناه في الإفطار ، فأرسل إليهما قدحا وقال : قل لهما قيئا ما أكلتما ، فقاءت إحداهما نصفه دما عبيطا ولحما غريضا ، وقاءت الأخرى مثل ذلك حتى ملأتاه، فعجب الناس من ذلك ، فقال : هاتان صامتا عما أحل الله وأفطرتا على ما حرم الله تعالى عليهما ، قعدت إحداهما إلى الأخرى فجعلتا يغتابان الناس فهذا ما أكلتا من لحومهم )) أخرجه أحمد
الثالث : كف السمع عن الإصغاء إلى مكروه ؛ لأن كل ما حرم قوله حرم الإصغاء إليه .
الرابع : كف بقية الجوارح عن الآثام من اليد والرجل عن المكاره ، وكف البطن عن الشبهات وقت الإفطار، فلا معنى للصوم وهو الكف عن الطعام الحلال ثم الإفطار على الحرام فمثال هذا الصائم مثال من يبني قصرا ويهدم مصرا ، فإن الطعام الحلال إنما يضر بكثرته لا بنوعه ؛ فالصوم لتقليله ، وتارك الإستكثار من الدواء خوفا من ضرره إذا عدل إلى تناول السم كان سفيها ، والحرام سهم مهلك للدين والحلال دواء ينفع قليله ويضر كثيره .
الخامس : أن لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار بحيث يمتليء جوفه فما من وعاء أبغض إلى الله عز وجل من بطن مليء من حلال ، ومعلوم أن مقصود الصوم الخواء وكسر الهوى لتقوّى النفس على التقوى ، فروح الصوم وسره تضعيف القوى التي هي وسائل الشيطان في العود إلى الشرور ، ولن يحصل ذلك إلا بالتقليل فيصفو عند ذلك قلبه ويستديم في كل ليلة قدرا من الضعف حتى يخف عليه تهجده وأوراده.
السادس : أن يكون قلبه بعد الإفطار معلقا مضطربا بين الخوف والرجاء ؛ إذ لا يدري أيُقبل صومه فهو من المقربين أو يرد عليه فهو من الممقوتين ؟ وليكن كذلك آخر كل عبادة يفرغ منها . وعن الأحنف بن قيس أنه قيل له إنك شيخ كبير وإن الصيام يضعفك ؟ فقال : إني أعده لسفر طويل والصبر على طاعة الله سبحانه أهون من الصبر على عذابه .
فهذه هي المعاني الباطنة في الصوم
رزقنا الله وإياكم الحظ الأوفر منها
والحمد لله رب العالمين
*******************
منقول للإفادة