بسم الله الرحمن الرحيم
جعل الله الأعياد مواسم للفرحة والسرور وإدخال السرور على الآخرين، ويتمثل ذلك في صلة الرحم، والتزاور بين الأهل والأحباب، ومد يد العون للمعوزين والمحتاجين؛ طلباً لثواب الله، وأملاً في مرضاته ـ عز وجل ـ واستجابة لنداءٍ داخلي؛ يحرك قلوب المؤمنين نحو تلك الخيرات، فهم كما وصفهم الله ـ عز وجل: {إنما المؤمنون إخوة} (الحجرات:10) كما يشعرهم بتكامل الصلة العضوية؛ فإنهم جسد واحد، وكل مؤمن يمثل عضواً في هذا الجسد، فمنهم من يمثل الرأس، ومنهم من يمثل القلب، ومنهم من يمثل الأطراف. وكل عضو في هذا الجسد يحتاج بالضرورة لجميع الأعضاء. قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" (رواه الشيخان وأحمد) هم كذلك بنيان واحد لا يتم ولا يثبت، ولا تصلح فيه المعيشة إلا عن طريق متانة أركانه وتماسك جدرانه واتصالها جميعا فيما بينها؛ ففي الحديث المتفق عليه، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" وشبك بين أصابعه. وعسانا أن نقف مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في هذا الحديث الجامع الشامل الذي جمع خصال المؤمنين وما ينبغي أن يكونوا عليه من كبير إحساس، وحسن صلة، وجميل لقاء في الله وفي رحاب العلم حيث الملائكة تحفهم، والسكينة تغشاهم، مع عدم التفاخر بالأنساب، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسرٍ يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهَّل الله له طريقاً إلى الجنة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده. ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه" (رواه الإمامان: مسلم، وأحمد)
فهل وقفنا مع أنفسنا مدركين تلك المعاني السامية ؟!!
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال, وكل عام وأنت بخير، وأعاد الله الأيام المباركة علينا جميعا بالصحة والعافية والستر وعلى الأمة الإسلامية باليقظة والتوحد والنصر، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.