يرفض أنصار العقيد الليبي معمر القذافي المخلصين الاستسلام إلى من أطاحوا به وأجبروه على الاختباء مما يثير مخاوف من تجدد القتال في ليبيا بعد انتهاء مهلة تنتهي بانتهاء عيد الفطر.
وأمهل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل القوات الموالية للزعيم المخلوع امس الثلاثاء أربعة أيام حتى السبت لتسليم المدن التي تسيطر عليها وإلا تعرضت لعمل عسكري.
وحصل المجلس الحاكم الجديد الحريص على تشديد قبضته على البلاد وتخفيف الاعباء بعد ستة أشهر من الحرب على دفعة حين أعلنت بريطانيا امس الثلاثاء إن لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة وافقت على طلب لندن بالافراج عن 1.55 مليار دولار من الأموال الليبية السائلة التي جمدت في بريطانيا في إطار عمليات تجميد الأموال التابعة لحكومة القذافي السابقة.
وقال القادة الجدد في ليبيا انهم قد يبدأون ضخ النفط خلال أيام.
وفي العاصمة طرابلس في ساحة الشهداء وهو الاسم الجديد الذي أطلقته المعارضة على الساحة الخضراء تجمع مئات في ساعة مبكرة من صباح اليوم لاداء صلاة عيد الفطر مبتهجين بسقوط القذافي.
وقال حاتم قريش (31 عاما) وهو تاجر من طرابلس "هذه احلى صلاة. غمرتنا الفرحة. القذافي جعلنا نكره حياتنا.. جئنا الى هنا لنعبر عن فرحتنا بانتهاء 42 عاما من القمع والحرمان... هذا أحلى عيد وأجمل يوم منذ 42 عاما."
وشددت اجراءات الأمن في الساحة التي كان من المقرر ان يحتفل فيها القذافي غدا بذكرى الفاتح من سبتمبر ذكرى الانقلاب الذي جاء به الى السلطة قبل 42 عاما. كانت الكلاب البوليسية ترقب المصلين وانتشر القناصة على الاسطح تحسبا لاي هجوم ينفذه أنصار القذافي.
وقال أحمد دارات وزير الداخلية الليبي المؤقت لرويترز انه قد تكون هناك بعض الجيوب لقوات القذافي لكن العاصمة مؤمنة بشكل عام وصرح بأنه شكل فريقا أمنيا لادارة الازمة والحفاظ على الامن في العاصمة.
وقالت فاطمة مصطفى (28 عاما) وهي امرأة حامل ترتدي عباءة سوداء "هذا يوم الحرية يوم لا أستطيع ان أصفه لك. أشعر كمن ملك العالم. أنا سعيدة لاني لم أضع مولودتي بعد حتى تولد في ليبيا الحرة."
على خطوط الجبهة حيث تقدمت قوات المعارضة من الشرق والغرب لتطبق على معقل القذافي الساحلي في سرت وقف مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي ينتظرون ملتزمين بوقف لاطلاق النار أعلنه المجلس حتى يوم السبت. ومدينة سرت هي من بين عدة اماكن منها العاصمة طرابلس يعتقد أعداء القذافي انه ربما يختبيء فيها.
وقصفت طائرات حلف شمال الاطلسي قوات القذافي قرب سرت وأكد الحلف لحلفائه في ليبيا انه سيواصل حملته الجوية حتى انتهاء الصراع وهو ما يقول زعماء المجلس الانتقالي انه لن يتحقق الا بالعثور على القذافي "حيا او ميتا".
وحذر عبد الجليل الذي كان وزيرا للعدل في حكومة القذافي الى ان انقلب عليه هذا العام مجددا أمس من ان القذافي لم ينته بعد. وقال من معقل المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي ان القذافي مازال يمثل خطرا على "الليبيين والثورة" وان مازالت له جيوب تؤيده داخل ليبيا ومؤيدين خارج ليبيا سواء أفراد أو دول.
وفي الصحراء الى الجنوب من سرت تقع بلدة سبها وهي من البلدات التي لا يسيطر عليها المجلس الانتقالي.
وقالت شبكة سكاي نيوز البريطانية أمس نقلا عن حارس لخميس القذافي عمره 17 عاما إن القذافي كان في طرابلس حتى يوم الجمعة وتوجه منها إلى سبها في الجنوب.
وعبر الصحراء أيضا فرت زوجة القذافي وثلاثة من ابنائه الى الجزائر. ومع استمرار ملاحقة القذافي اتهم مسؤولون ليبيون الجزائر بالعدوان لايوائها زوجة القذافي الهاربة وثلاثة من أبنائه.
وقالت وزارة الخارجية الجزائرية إن صفية زوجة القذافي وابنته عائشة وابنيه هنيبال ومحمد دخلوا الجزائر صباح الإثنين مع أبنائهم. ووصلت عائشة في الوقت المناسب لتضع مولودتها أمس في واحة دجانيت.
وأغضبت موافقة الجزائر على إيواء زوجة القذافي وأبنائه الزعماء الليبيين الذين يريدون محاكمة الزعيم المخلوع والمحيطين به بشأن ما يشتبه انهم ارتكبوه من جرائم.
وذكرت صحيفة الوطن الجزائرية امس نقلا عن مصادر دبلوماسية أن الجزائر ستغلق الجزء الجنوبي من حدودها مع ليبيا بسبب "خطورة الوضع" هناك.
وتخشى الجزائر من ان تشكل انتفاضات الربيع العربي خطرا على قادتها المخضرمين كما تخشى من ان تقدم ليبيا ما بعد القذافي المساعدة لاعدائها الاسلاميين ولم تكن الجزائر من بين أكثر من 40 دولة اعترفت بالمجلس الوطني الانتقالي كحكومة شرعية لليبيا.
وقالت صحيفة جزائرية ان الحكومة الجزائرية قررت عدم منح حق اللجوء للقذافي نفسه وانها ستسلمه اذا وصل الى اراضيها الى المحكة الجنائية الدولية في لاهاي التي اتهمته هو وابنه سيف الاسلام ورئيس مخابراته بارتكاب جرائم ضد الانسانية.
ولا يعرف حتى الان مكان الثلاثة وان قال قائد عسكري ان مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي ذكروا ان عبد الله السنوسي رئيس مخابرات القذافي قتل هو وخميس القذافي في مطلع الاسبوع. وترددت أنباء من قبل عن مقتل الاثنين.
واستبعد مجددا أحمد الباني المتحدث العسكري باسم المجلس الوطني الانتقالي اجراء مفاوضات مع القذافي وأنصاره ودعا الصامدين منهم الى الاستسلام سريعا وقال ان المجلس لن يتفاوض مع القتلة من أتباع القذافي ومن هم على شاكلته.
وعبر عن أمله في طرح اقتراح سلمي قبل انتهاء مهلة يوم السبت قائلا ان ساعة الصفر تقترب بسرعة.
وعن مكان وجود القذافي قال الباني انه لا توجد معلومات مؤكدة عن تحركاته سواء كان في سرت او في مكان آخر لكن من الواضح ان الخناق يضيق من حوله وانه سيعتقل عاجلا ام آجلا.
وقال علي الترهوني وزير النفط المؤقت في تصريحات من طرابلس ان المجلس الانتقالي لديه فكرة عامة عن مكان وجوده وانه ما من شك سيعتقل.
وقال جورج فريدمان مستشار المخاطر بمؤسسة ستراتفور التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها محذرا انه من السابق لاوانه القول بأن الصراع انتهى. وقال "قوات القذافي مازالت تسيطر عسكريا على مناطق كبيرة. القذافي مازال يقاتل ويشكل تحديا. الحرب لم تنته."
كما أشار الى مخاوف بشأن قدرة المجلس الوطني الانتقالي على السيطرة على البلاد بشكل عام.
وقالت منظمة العفو الدولية ان العاملين فيها شاهدوا مقاتلين مناهضين للقذافي يهددون ويحتجزون خصوما جرحى خاصة الليبيين السود والاجانب.
وقال كلاوديو كوردوني من منظمة العفو بعد حادث وقع في طرابلس ""على المجلس (الانتقالي) ان يفعل المزيد ليضمن الا ينتهك مقاتلوه حقوق المحتجزين خاصة الاضعف مثل الليبيين السود وافارقة من منطقة جنوب الصحراء".