وسط أجواء إيمانية تلهج فيها ألسنة الحجيج وقلوبهم بالذكر والدعاء, بدأ نحو أربعة ملايين حاج الوقوف بصعيد عرفات لأداء ركن الحج الأعظم.
وقد مضت بأمن وسلام حركة تفويج وتصعيد الحجاج من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة ثم إلى مشعر مِنى حيث قضى الحجاج أمس يوم التروية تأسيا بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن ينطلقوا إلى عرفات.
ولأول مرة شارك قطار المشاعر المقدسة بكامل طاقته في نقل الحجاج من مشعر منى إلى عرفات (حوالي عشرين كيلومترا) عبر تسع محطات إذ ينقل في الساعة الواحدة حوالي 75 ألف حاج، بالإضافة إلى الحافلات، كما أن عددا غير قليل من الحجاج فضلوا قطع هذه المسافة سيرا على الأقدام وتستغرق حوالي ست ساعات.
وبعد الغروب سينفر الحجاج من عرفات إلى مزدلفة حيث يصلون المغرب والعشاء جمعا وقصرا ويقضون ليلتهم هناك.
وبعد مزدلفة يتوجهون في ساعات الصباح الأولى من يوم غد -وهو أول أيام عيد الأضحى- إلى منى لرمي جمرة العقبة الكبرى وذبح الهدي ثم الحلق أو التقصير فيتحللون من إحرامهم تحللا أصغر. وعقب ذلك يتجهون إلى مكة المكرمة لطواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة، وبذلك يتحللون تحللا أكبر.
وتشهد الطرق المؤدية من مشعر منى ومن مكة المكرمة إلى عرفات إجراءات أمنية وطبية مشددة، حيث تصطف دوريات الشرطة الراكبة والمترجلة بطول الطريق المؤدي إلى عرفات.
كما اصطفت سيارات الإسعاف وسيارات خدمات الحجاج التي توفر المياه والطعام للحجيج. وذكرت هيئة الأرصاد الجوية السعودية على موقعها الإلكتروني أن صعيد عرفات سيشهد طقسا معتدلا، حيث تبلغ درجة الحرارة 24 درجة، بينما تبلغ سرعة الرياح ستة كيلومترات/ساعة.
وقد قضى حجاج بيت الله الحرام ليلة أمس في مشعر منى في ما يعرف بيوم التروية, اقتداء بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك في الوقت الذي تتواصل فيه استعدادات المملكة العربية السعودية تحسبا لأي طوارئ قد تحدث أثناء الحج.
وتشهد المشاعر المقدسة -التي يُقصد بها منى وعرفات ومزدلفة- اكتظاظا كبيرا في موسم الحج بسبب الازدياد المطرد في أعداد الحجاج. كما يشهد المسجد الحرام في مكة المكرمة ازدحاما شديدا ولا سيما في الأيام التي يؤدي فيها الحجاج مناسكهم في وقت واحد، رغم توسيعه عدة مرات على مر التاريخ الإسلامي.
الأمن والصحة
من جهة ثانية, نفى الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي "وجود أي معلومات تشير لوجود أي أمر قد يهدد سلامة الحجاج أو يتسبب في الإضرار بالأمن بأي صورة كانت".
وأكد التركي أن إجراءات الأمن تسير وفق انضباط عال من قبل حجاج هذا العام "والكل منصرف لأداء العبادات وليس هناك ما يخيف في هذا الصدد".
بدوره, كشف وزير الصحة السعودي عبد الله بن عبد العزيز الربيعة أن الوزارة جندت عشرين ألف موظف تحت مظلتها من أطباء وفنيين وكوادر تمريضية وإداريين لخدمة الحجاج.
وأضاف الربيعة أن "الوزارة ومنذ بدء موسم الحج لهذا العام أجرت ما يقارب مائتي عملية قسطرة و12 عملية جراحة قلب مفتوح للحجاج". وقال إن "وضع الحجاج آمن صحيا ولم تسجل أي أمراض وبائية أو محجرية".
الإنقاذ المائي
من ناحية أخرى أعلن مصدر رسمي سعودي أن السلطات جهزت عشرين وحدة للإنقاذ المائي للتعامل مع الحوادث التي قد تنجم عن الأمطار والسيول في موسم الحج، حيث يتوقع هطول أمطار.
وكشف قائد قوات الطوارئ والإسناد للدفاع المدني السعودي بالحج العميد مستور بن عايض الحارثي عن زيادة عدد ضباط وأفراد قوات الطوارئ والإسناد المشاركة في تنفيذ خطة تدابير الدفاع المدني لمواجهة الطوارئ في موسم الحج لهذا العام عن ما كانت عليه العام الماضي، بعد إضافة وحدة للتدخل في حوادث انهيارات المباني والزلازل, وزيادة عدد وحدات الإسناد إلى خمس.
وأكد الحارثي "تكامل كل المعدات والآليات الخاصة بقوات الطوارئ والإسناد، وارتفاع مستوى تقنياتها ومواصفاتها الفنية، ولا سيما بعد استخدام عدد من المعدات الجديدة التي تستخدم لأول مرة في حج هذا العام، منها رافعات جديدة ومجموعة من سيارات الحريق والإنقاذ والإسعاف المزودة بأحدث الأجهزة، وعدد من قوارب الإنقاذ".
وأشار إلى إعداد خطة تفصيلية للتعامل مع مخاطر الأمطار والسيول، وعلى ضوء هذه الخطة "تم تشكيل عشرين وحدة للإنقاذ المائي".