المرأة المميزة
الكاتب : طالبة العز
إن مما لا يقبل المراء ولا الجدل أن للمرأة المسلمة دور بارز وإسهام عظيم في المجتمعات... وذلك بما تقدمه لمجتمعها وبما تسهم به في تكوين وتشكيل الأجيال ... فبين أحضانها تنمو الطفولة... ومن خُلقها وسلوكها تمتص الطفولة خُلقها وتتكون دوافع سلوكها ... فلها الأثر الأكبر في حركة التغير وبناء المجتمع ... ولذا جعل لها الإسلام تميز سامي ومقام ومنزلة رفيعة...
ومن ثم فلقد أدرك أعداء الإسلام من جميع الملل هذا الأمر مما عمد بهم إلى كثرة الهجمة على المرأة المسلمة ومحاولة النيل من حيائها وعفتها ودينها ... فصوبوا نحوها السهام محملة بالأفكار المنحرفة لإبعادها عن فطرتها والسير بها في دروب الضلال ... وما فتئ الأعداء عن الكيد بها والتخطيط ، لتجريدها من ثياب التقى والعفاف ... وللأسف فقد شطت كثير من النساء في مظهرها ومخبرها كل الشطط.. فوقعت في شراك هؤلاء الفجار ... وانطلقت دون وعي منها وتبصر وراء وافدات مظاهر الانحلال..فأصبحت أسيرة التقليد الشائن تحت أسماء زائفة( التقدم تارة ، والمودة أو المودرن تارة أخرى ) واتخذت ذلك سببا َلتميزها ولم تتفطن لحظة أنها بذلك تتخذ أسلوباًً ذليلاً في حياتها وتسير تابعة لشهواتها ورغباتها... وعلى جانب أخر اتسم بالإشراق.. فلقد تميز بعضهن بكل معاني الفضيلةٍ..
ولعله ومما لاشك فيه أن كل إمرة منا تسعى للتميز... ولكن هنا سؤال يفرض نفسه ولعله يجول في خاطر كلاً منا ألا وهو من هي المرأة المميزة حقاً ؟ وكيف تميزت ؟ هل هي واقع موجود فنتحدث عنه،أم أنها خيال طارت به الركبان ؟ هل هي امرأة تعيش بيننا وفي مجتمعنا أم ورآها التراب فأصبحت تحت أطياف الثرى ... وما السر يا ترى وراء هذا التميز وهذا الرونق والجمال الذي كان بمثابة علامة فخر لها ...
أهي المرأة التي تميزت بمظهرها الفاتن ولباسها..أم هي التي تميزت بماكياجها .. أم هي التي تميزت بطريقتها في التعامل مع الآخرين أو بطريقة كلامها ومشيتها وأخذها وعطائها..أم هي التي تشهد لها الأسواق بكثرة الخطى فيها..أم هي التي خرجت بعباءة فاتنة ساحرة وحجاب وجوده كعدمه من شدة ما يكشف..أم هي التي ما جهلت الموديلات وما نسيت أسماء الماركات...........هل هذا هو التميز الذي جعل لهذه المرأة كل هذا الرونق والجمال ؟؛
لا والله يا أخية .. لا يمكن أن يكون ذلك مصدراَ لتميزها ذلك أن التميز رفعة ومكانة وأن كل تلك الأمور والصفات ليست مصدراَ للتميز.. فكيف بامرأة كان في أخلاقها المطامع الذليلة والضجر والكسل والبلادة والركود إلى الدنيا والانغماس في ملذاتها أن تحوز على هذا المنزلة وعلى هذه الرفعة والمكانة.. و ما رأينا السيف سلط على المرأة التي لا تعرف الدين ولم ترفع له راية ...
بل إن التميز الحقيقي هو لتلك المرأة التي جرى دم الإسلام في جسدها،وجملت ظاهرها وباطنها بسنة نبيها محمدr.. فهي المجتهدة في طاعة ربها...الصوامة القوامة...القوالة بالحق ...العفيفة النزيهة.. القانعة باليسير..الخاشعة المتواضعة لله..الخائفة منه جل جلاله..البارة بوالديها..الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر..الوافية بالعهود.
التي جعلت حبيبها الإنفاق... و شعارها الصدقة... وعشيقها الدعوة إلى الله تعالى ...
إن التميز الحقيقي ،هو لتلك المرأة ،التي تنهض بالأمة وتعيد لها أمجادها من جديد.. فهي أمة لوحدها..
إن التميز هو لتلك المرأة التي تكون مع زوجها بمثابة تسلية لألمه ومصائبه كما كانت خديجة مع النبي r ..
إن التميز هو لتلك المرأة المباركة..أينما كانت وأينما حلت وأينما ذهبت.. فهي متميزة في بيتها وعملها ومدرستها في السوق ومع زوجها وأهلها وفي كل مكان تحل بهِ ...
إنه لتلك المرأة المتيقظة بين النساء النائمات،التي أعلنت همتها ويقظة نفسها... كما قال ابن القيم رحمه الله عن هذه اليقظة المباركة(هي انزعاج القلب لروعة الانتباه من رقدة الغافلين، والله ما أجمل هذه الروعة، وما أعظم قدرها وخطرها، وما أشد إعانتها على السلوك، فمن أحس بها، والله لقد أحس بالفلاح وإلا فهو في سكرات الغفلة، فإذا انتبها شمر لله بهمته إلى السفر إلى منازلة الأولى)
إن تميزها في إيمانها بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدr نبياً ورسولاً ...
إن تميزها في شخصيتها الإنسانية ... في فكرها الوقاد .. وأهدافها السامية ... وغايتها النبيلة ...
إن تميزها في التزامها بمكارم الأخلاق والبعد عن مساوئه ...
إن تميزها في اهتمامها بمعالي الأمور والبعد عن سفا سفها ... إن تميزها بخروجها عن مألوفاتها ... وقربها من ربها بمحافظتها على الأوامر الشرعية والصبر على ذلك والانتصار على وساوس الشيطان وحيله ...
إن تميزها في حفظها لكتاب ربها ..وإتقان تلاوته ... وأن تجعل منه منهجاً تنتهج به في حياتها...
إن تميزها في حرصها على طاعة ربها والبعد عن معصيته والانقياد لأمره والتسليم لرسوله r
إن تميزها هو الذي يبعث فيها العفاف والفضيلة ، ويدعوها إلى الحياء والخلق الرفيع ..
إن تميزها يجعلها عنصر فعال في مجتمعها ويحقق لها مشاركتها الفعالة في بناء حضارته ...
إنها امرأة من نوع فريد إنها شامخة كشموخ الجبال يتعاقب خيرها كتعاقب الليل والنهار..
هي المرأة التي تلد الأبطال الشجعان فتمد بهم الثغور فالرجال العظماء وراءهم نساء متميزات ..
فهذا الزبير بن العوام فارس رسول الله r والذي عدل به عمر ألفاَ من الرجال من هي أمه ؟
إنها صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله وأخت أسد الله حمزة بن عبد المطلب هؤلاء الكمل العظماء ،
وعلي بن أبي طالب من رباه ؟ إنها فاطمة بنت أسد وخديجة بنت خويلد رضي الله عنهم أجمعين ..
وهذا الإمام سفيان الثوري ذو العلم المشايخ كان ثمرةُ أمٌ صالحة غذته بلبنها وحاطته بكنفها حتى صار إمام المسلمين وأميرهم في الحديث.......قالت له أمه وهو صغير
أي بني أطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي )
وهذا الأوزاعي والشافعي والبخاري عاشوا أيتام ..ولكنهم رزقوا بأمهات متميزات.. موجهات ..مربيات..
هذه هي المرأة المتميزة فهي البحر الزاخر في عطائه وعظمته وكنوزه وهي شمس النهار وقمر الليل ..
كيف لا ؟ وهي مربية الأجيال وقائدة مسيرتها ومقوية بنائها ومشيدة صروحها ... هي المرأة التي قال عنها نبي الأمة الذي لا ينطق عن الهوىr لعمر ابن الخطاب ( ألا أخبرك يا عمر بخير ما يكنز المرء ، المرأة الصالحة ) ...
هي المرأة التي لها في كل ميدان صولة وجولة ، وفي كل عمل لها سبق ونهم.. كيف لا ؟؛
وهي حفيدة خديجة وعائشة ... إنها امرأة قد تأثرت بالرميصاء واقتد بالخنساء ...
فحديثها عن أم سليم وفعالها كذات النطاقين ... ماذا نقول عنها وهي التي تربت في أحضان سيرة سيدة نساء أهل الجنة فاطمة الزهراء ... هي المرأة التي لها صور مشرقة في كل جوانب حياتها ... فتميزت
فنحن يا أخيه أمة التميز والعزة متى ما استقمنا على شرع الله ومنهج نبينا عليه السلام ...
فإن ابتغينا العزة والتميز في غيرهما أذلنا الله..