بسم الله الرحمن الرحيم
فقه الأسرة المسلمة
(معالم تربوية لأسرة راشدة)
الحبّ كريمٌ يسّد كل الثغرات، والمودة رحيمة تغفر كل الهنَات..
وخيرٌ لمجدافي السفينة أن يتّحِدا في اتجاه المسير..
لأنكِ أنتِ.... لأنـي أنـا **
تعاليْ لِنبنيَ بيتَ القصيدِ *****
تعاليْ نُصلّ لربِّ الوجودِ***
تسـيـرُ الحياةُ رُخـاءً بِنا
بشطريـنِ: منكِ ومنّي أنا
ليغمُـرَ بالديـن أعمارَنا
وإذا كان آدم هو الشطرالأول، فإن حواء هي الشطرالأجمل!
المعلم الأول :
ما قبل الزواج وفترة الحملِ الأسـري
((الخِطبـــة))
الأسرةُ تولد كما يولد الطفل، وفترة الحمل بهذا المولود الجديد قد تطول أو تقصر حسب الظروف والإمكانات، وبمقدار الاهتمام بهذا الجنين المرتقب، وتغذيته الغذاءَ السليم، وتوعيةِ أبويه بالأمراض التي تفتك به قبل الولادة وبعدها، وإعطاءِ والدته اللقاحات المناسبة، تكون صحة هذا المولود الجديد.
"والخطبة هي وعد بالزواج" وروى أبو داود عن أبي هريرة رفعه قال (أي النبي صلى الله عليه وسلم): "إن الله يقول: أنا ثالثُ الشريكين ما لم يخن أحدُهما صاحبَه فإذا خانَه خرجتُ من بينهما".
فما أجمل تلك الشركة الزوجية التي يكون الله سبحانه ثالثهما فيها !
وما أتعس تلك الأسرة التي يخرج الله سبحانه وتعالى بلطفه ورحمته منها !
أما الضوابط لهذه الفترة هي الضوابطُ العامة للمسلمين مع بعض الخصوصية في بعض المواقف ومن هذه الضوابط:
1 ـ حُسن النظر والاختيار (نظر الخاطب إلى خطيبته والخطيبة إلى خطيبها):
حيث تكون هذه الرؤيةُ المفتاحَ للقلوب بين الطرفين، وسبباً في تحصيل الوفاق بينهما، وتمهيداً لحياة ملؤها المودة والحنان، ولهذا وجه النبي عليه السلام في الحديث الذي رواه الترمذي عن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "انظر إليها فإنَّه أحرى أن يُؤدم بينكما" .
2 ـ لا مجاملةَ في الاختيار:
من أخطر ما يصيب الأسرة هو المجاملة في الاختيار، حيث تكون الفتاة غير راغبةٍ أو يكون الزوج غير راغب فيُحرج أو تُحرج لأسباب متعددة ويحصل الزواج وتولد الأسرة مشوهة وتبدأ المعاناة.
3 ـ الوضـوح:
إنَّ من أهم صفات المسلم العامة صفةَ الوضوح، وتجنبَ الغموض، والابتعادَ عن الضبابية والتلون الزائف، في كل مجالات الحياة ومعاملاتها لا سيما إذا كان الأمر يتعلق بتأسيس الشركة الزوجية.
إن كثيراً من الناس يجعل هذه الفترة فترةً (الكذبُ فيها مباح)، فيبدأ يرسم على صفحات الماء لوحات فنية من السعادة، ويطلق العنان للسانه أن يقول ما يشاء، ويحمل نفسه أعباء هو في غنى عنها، ويشوه حقيقته المادية بومضاتٍ من كبد الخيال، ويلون تصرفاته السيئة بألوانٍ زاهية من الرقي والالتزام والمحبة. وفي الطرف الآخر تتكلم الفتاة عن نفسها وهي في كثير من الأحيان تتكلم عن امرأة من صنع الخيال، فيلتبس الأمر على الطرفين فيصطدمان في أول ليلة بواقع مرير وكأن كل واحد قد تزوج خيال الآخر.
4 ـ عدم إطلاق الوعود الخادعة:
وثمة أمر آخر يجهض كل الضوابط التي وضعها الإسلام لتحصين هذا الحمل الأسري وهو إطلاق الوعود الكاذبة والخادعة، حيث يبدأ الخاطب ببناء أحلام من جليد، ويعد بما ليس بمقدوره تحقيقُه، وتقابله الفتاة بوعودٍ مخملية، وحياة بألوان زاهية، فإذا حصل الوصال بينهما إذا بهما في خضم الحياة قد اكتشف كل واحد كذبَ الآخر، وعدمَ وفائه بعهده، ويذكر كل طرف الآخر بوعوده الكاذبة، فتقع الجفوة، وتتكدر الحياة، وتنعدم الثقةُ، لذلك فإنَّ الإسراف في الوعود قبل الزواج يشكل عبئاً على الإنسان لاسيما إذا كانت الوعود غير قابلة للولادة.
5 ـ تبيان المنهج العام للأسرة القادمة:
يجب أَلاَّ تنسيَ الطرفين أن يوضحا معالم الأسرة التي يريدان وكيفية بنائها ومعالمها وطرق حل المشاكل فيها، وتبيان ما يحب وما يكره كل طرف.
إنَّ عرض مثل هذه الأمور في مرحلة الخطبة بين الطرفين يفتح آفاقهما للحوار، وهي محاولة لفهم الآخر وتصرفاته وتبيان حقوقه وواجباته.
باقي المعالم في الأيام القادمة
ان شاء الله