رحب نشطاء يمنيون بساحة التغيير في صنعاء بتشكيل حكومة الوفاق الوطني لجنة للتحقيق في ملابسات مقتل 15 متظاهرا السبت الماضي بالعاصمة، في حين شكك مراقبون في قدرة اللجنة على تقديم القتلة للعدالة والذين تشير أصابع الاتهام إلى أنهم من قوات الرئيس علي عبد الله صالح.
يأتي ذلك بينما بدأت لجنة التحقيق بجمع البيانات في الوقائع التي تعرضت لها "مسيرة الحياة" أثناء سيرها في صنعاء.
كما تقوم اللجنة باستدعاء "كل من تستدعي المصلحة استدعاؤهم سواء كانوا من الأجهزة الأمنية أو من أطراف مدنية مسلحة، ومعاينة مكان الحادث وأخذ أقوال الشهود ورفع تقرير شامل بالنتائج لإحالتها إلى القضاء المختص في أقرب وقت ممكن.
وأفاد الناشط بساحة التغيير بصنعاء وليد العماري للجزيرة نت أن لجنة التحقيق استمعت الاثنين إلى شهادات شباب شاركوا بالمسيرة و"كانوا شهودا على أعمال القمع والقتل التي تعرضوا لها من قوات بقايا النظام".
أحد جرحى مظاهرة مسيرة الحياة
وطالب العماري بمعاقبة القتلة ومن يثبت تورطهم في أعمال القتل وإطلاق النار على المتظاهرين، وعزل القيادات العسكرية والأمنية التي وجهت أوامر القتل.
واتهم أبناء وأقارب الرئيس صالح بالضلوع بسفك دماء المتظاهرين السلميين، وقال إن قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي ما زالت تخضع لأوامر نجل صالح ونجل شقيقه.
وطالب حكومة الوفاق برئاسة محمد باسندوة ونائب الرئيس عبد ربه منصور هادي بالإسراع في كشف القتلة وتقديمهم للمحاكمة، قائلا "ما يهمنا هو تطبيق العدالة وبأي آلية كانت سواء عبر اللجنة العسكرية أو حكومة باسندوة أو هادي الذي أسندت إليه صلاحيات رئيس الجمهورية".
القدرة والإمكانيات
من جانبها أكدت وزيرة حقوق الإنسان حورية مشهور للجزيرة نت أن لجنة التحقيق يجب أن تكون لديها المقدرة والإمكانيات اللازمة لإحضار أي شخص أيا كانت صفته لمساءلته، والقيام بتحقيق شفاف يوصل لنتائج حقيقية حول من أعطى الأوامر بقتل المتظاهرين ومن نفذ عمليات إطلاق النار "وتقديمهم للمحاكمة".
ووصفت "مسيرة الحياة" بأنها كانت سلمية، وأضافت أن المشاركين قطعوا عشرات الكيلومترات خلال خمسة أيام عبر محافظتي إب وذمار، وحينما وصلوا إلى صنعاء وفي محيط دار الرئاسة "وقعت مجزرة بحقهم".
ولم تستبعد الوزيرة أن تكون هناك أطراف وجهات تعمل على خلط الأمور داخل اليمن، ومن مصلحتها انهيار التسوية السياسية، وحتى تضع حكومة الوفاق الوطني في مواجهة مع شباب الثورة، ولتحميلها مسؤولية قتل المتظاهرين باعتبار أن وزارة الداخلية بيد المعارضة.
وحذرت الوزيرة من حشر أحزاب المعارضة في الزاوية كونها ترأس حكومة الوفاق الوطني، أو محاولة إحراجها عبر القيام بأعمال قتل للمتظاهرين السلميين، وقالت إن كافة الخيارات ستكون مفتوحة أمام المعارضة، مشيرة إلى أن رئيس الحكومة و17 وزيرا قدموا من ساحات التغيير والثورة.
وأوضحت أن أحزاب اللقاء المشترك المعارضة وافقت على قيادة حكومة الوفاق لاقتناعها بإجراء التغيير بطرق سلمية وسياسية، وأكدت أن المعارضة تريد كبح جماح تدهور الأوضاع بالبلاد، وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.
إسقاط القيادات
بدوره أكد الباحث الإستراتيجي سعيد عبد المؤمن أن لجنة التحقيق قادرة على كشف الأشخاص الذين نفذوا أو أمروا بإطلاق النار على المتظاهرين، ونبه إلى أنه "إذا كان البعض يحتمي بمنصبه وبالقوة العسكرية، فإنه في مرحلة لاحقة سيلاحق وسيقدم للمحاكمة سواء داخل اليمن أو خارجه".
"
سعيد عبد المؤمن: إذا كان البعض يحتمي بمنصبه وبالقوة العسكرية، فإنه في مرحلة لاحقة سيلاحق وسيقدم للمحاكمة سواء داخل اليمن أو خارجه
"
وقال عبد المؤمن للجزيرة نت "إن شباب الثورة يجب أن يفهموا أن حكومة الوفاق التي يرأسها باسندوة لم تتسلم بعد قيادة البلاد، وأن وزارة الداخلية التي تولتها المعارضة ما زالت لا تسيطر على الأمور والتي أشار إلى أنها ما زالت تحت سيطرة عائلة الرئيس صالح".
واعتبر أن "المطلوب هو ثورة من داخل مؤسسات الدولة لإسقاط القيادات العسكرية والأمنية والإدارية الموالية لصالح وعائلته، وتعيين قيادات عسكرية تحتكم لرأي الشعب وتحمي مصالحه وتنفذ أوامر وتوجيهات حكومة الوفاق".
وكانت الحكومة التي يرأسها المعارض محمد باسندوة قد عبرت عن أسفها واستنكارها لمقتل المتظاهرين السلميين، وشكلت لجنة للتحقيق برئاسة وزيري الدفاع اللواء محمد ناصر أحمد والداخلية عبد القادر قحطان.
ومن جانبها أكدت لجنة الشؤون العسكرية برئاسة هادي "احترام حق الشعب وقواه السياسية في ممارسة حرياتهم والتعبير عنها سواء بالمسيرات السلمية أو التظاهر شريطة عدم تجاوز القوانين والأسس التي حددها الدستور".