أملاك اليهود في الدول العربية
قرار محكمة جنايات القاهرة بمعاقبة بدر عامر مقاول عقارات الطائفة اليهودية، بوسط القاهرة، بالحبس خمس سنوات مع الشغل بتهمة تزوير عقود خاصة بممتلكات الطائفة اليهودية، أعاد فتح ملف هذه العقارات والممتلكات بقوة، ليس في مصر فقط وانما في جميع الدول العربية.
الحكومات العربية طالبت رعاياها من اليهود الذين هاجروا الى اسرائيل منتصف القرن الماضي بالعودة الى اوطانهم العربية، واستعادة ممتلكاتهم وحقوقهم السياسية، ولكن هذه المطالبات والنداءات لم تجد آذانا صاغية.
المعابد والكنس اليهودية في الدول العربية تحظى بحماية خاصة، ويسمح للزوار اليهود بزيارتها دون اي قيود. فالآلاف من هؤلاء، وبعضهم اسرائيليون، يتدفقون سنوياً للمشاركة في احتفالات كنيس جربة في تونس، او قبر الحاخام ابوحصيرة في مصر.
الحكومة المصرية أعادت بناء وترميم معبد موسى بن ميمون الفيلسوف والعالم اليهودي، ولكن الاسرائيليين خطفوا الاحتفال الذي اقيم بهذه المناسبة، ووضعوا يدهم عليه، مستغلين حساسية النظام الرسمي المصري تجاه هذه القضية.
التصرف المصري كان حضاريا بكل المقاييس، يتناسب مع القيم والأخلاق العربية والاسلامية، ويتناقض كلياً مع الممارسات اليهودية في الأراضي الفلسطينية، حيث تتعرض المقدسات العربية والاسلامية للتهويد في وضح النهار.
هذا السلوك الحضاري المصري في حماية ممتلكات اليهود يجب ان يستمر، وان يكون قدوة لدول عربية اخرى على ان توازيه في المقابل حملات عربية للمطالبة بالاملاك العربية التي استولى عليها يهود اسرائيل، وما زالوا يواصلون هدم بعضها في القدس المحتلة، ومصادرة الاراضي لبناء مستوطنات فوقها.
الاسرائيليون استولوا على الحرم الابراهيمي في مدينة الخليل، وضموا قبر الصحابي بلال بن رباح الى موروثاتهم، وحفروا انفاقا تحت المسجد الاقصى تمهيدا لهدمه لاقامة هيكل سليمان مكانه، ويمنعون آلاف المصلين من اداء الصلاة فيه كل يوم جمعة.
ان احترام القانون يجب ان يكون طريقا من اتجاهين، وليس من قبل الحكومات العربية فقط، مثلما هو حادث حاليا. ففي الوقت الذي كانت الجالية اليهودية في مصر تحتفل بافتتاح معبد موسى بن ميمون في القاهرة بحضور مندوبين عن السفارتين الامريكية والاسرائيلية، اقدمت الحكومة الاسرائيلية على اعلان الحرم الابراهيمي ومسجد بلال بن رباح آثارا يهودية.
حق العودة الذي تنادي به الدول العربية ليهودها الذين ذهبوا الى اسرائيل يجب ان ينطبق ايضاً على المواطنين الفلسطينيين، وهناك حوالى ستة ملايين منهم يعيشون اما في مخيمات البؤس في الدول العربية المجاورة، او في المنافي الاوروبية والغربية.
اللافت ان اسرائيل التي لا ترفض فقط عودة هؤلاء، وانما تطالب دولاً عربية ثرية مثل المملكة العربية السعودية ودولة الامارات بالمساهمة بمبالغ مالية ضخمة في صندوق يخصص لتعويضات اللاجئين الفلسطينيين.
ولا نفهم لماذا تدفع الولايات المتحدة او كندا او دول عربية تعويضات للاجئين تتحمل اسرائيل ويهودها مسؤولية تشريدهم، واقتلاعهم من جذورهم عبر الارهاب والمجازر.
اسرائيل هي التي يجب ان تدفع التعويضات لهؤلاء ليس مقابل تنازلهم عن ممتلكاتهم وحق العودة، بل مقابل استغلالها لأرضهم ومياههم وبحرهم ومنازلهم طوال الستين عاماً الماضية من احتلالها، فحق العودة مقدس لا يمكن التنازل عنه لانه لا يقيم بالمال.