عيسى .. من مقابر الأحياء إلى منازل الشهداء

بدأت رحلة المعاناة مع المرض والسجان، حينما كان السرطان ينتشر في جسده. قيود السجان تمنع علاجه وتماطل فيه، حتى أفرج عنه في آب الماضي، ليبدأ مرحلة جديدة من العلاج، في وقت ضائع، بسبب الإهمال الطبي في سجون الظلم الصهيوني. ثم يصبح الأسير المحرر زكريا عيسى، والد الأبناء الأربعة، في ذمة الله، بعد مسيرة عطاء ومقاومة في صفوف القسام.

أسره الاحتلال والمرض

يتحدر المحرر زكريا داوود عيسى (43 سنة) من بلدة الخضر جنوب بيت لحم بالضفة الغربية. اعتقل بتاريخ 10/2/2003 بعد مطاردة الاحتلال له، على خلفية نشاطاته المقاومة للظلم الصهيوني، ليصدر حكم بسجنه 15 عاما، حرم خلالها من أطفاله الأربعة. وفي سجنه أصيب بالسرطان وتوترت حالته الصحية، إلى أن أفرج عنه في آب الماضي، تزامنا مع توسع رقعة المرض في جسده على مراحل، فقد خلالها القدرة على الكلام والحركة، وتحريك أطرافه حتى وصل الحد إلى فقدان البصر، ودخوله في غيبوبة عدة مرات.

في ساعات مساء الاثنين 2/1/2012، انتقل المحرر إلى رحمة الله تعالى، بعد ثمانية أعوام من الاعتقال، كان ختامها المرض مفارقا مقبرة الأحياء، التي أرادها الاحتلال لكل أبطال فلسطين، ونشرها على طول فلسطين التاريخية، بقرابة 23 سجنا، فيها أصناف الظلم والعذاب والقيد والإهمال الطبي، إلى مقابر أخرى، وتسمى إحدى هذه المقابر "مستشفى سجن الرملة" التي تتجسد فيها كلمة مقبرة حين يدّعي المحتل انه يعالج الأسير وهو مقيد اليدين والقدمين.

يقول النائب خالد طافش من بيت لحم:" إننا ننعى أخانا زكريا عيسى -أبو أحمد- ونؤكد على أنه حالة ونموذج يدلل على بشاعة الاحتلال والإهمال الطبي، الذي يعانيه الأسرى المرضى في سجون الاحتلال، ليكون أخانا -رحمه الله- ضحية أخرى بسبب ظلم الاحتلال وعنصريته. ودعناه وواريناه الثرى، وبقيت سيرته العطرة، وأثره الطيب في نفوس من عايشه من الأسرى، ومن زاره في مرضه".

ويشير طافش أن عيسى كان مثالا لرفع المعنويات وحب الرياضة، والاختلاط بالأسرى، وشحذ الهمم، ليخرج من سجنه مريضا نحيل الجسد بسبب احتلال لا يعرف للإنسانية معنى.

عيسى سطّر أروع أشكال الجهاد

ومن جهته اعتبر رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، الدكتور عزيز دويك، أن الشهيد القسامي المحرر زكريا داود عيسى، "سطر أروع أشكال الجهاد ، بتمسكه الحقيقي بحتمية انتصار القضية الفلسطينية"

وجاء حديث دويك ضمن مهرجان تأبيني للشهيد عيسى، أحد مقاومي كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس .

وشارك إلى جانب رئيس المجلس التشريعي عزيز الدويك، نواب من المجلس التشريعي عن حركة حماس، بينهم خالد طافش وإبراهيم أبو سالم.

بدوره، ألقى النائب في المجلس التشريعي عن حركة حماس، إبراهيم أبو سالم، كلمة أكد فيها على بطولات الشهيد عيسى، مشيرا:"رغم سنين العذاب في سجون الاحتلال التي وصلت إلى عشر سنوات وإصابته بالمرض الخبيث، إلا أنه بقي متمسكًا بعدالة قضيته".

أما نائب محافظ بيت لحم، محمد أبو عليا، فقال في حفل التأبين: "نودع اليوم شهيدًا رمزًا من شهداء الحركة الأسيرة" .

وأضاف، "هذه الحركة لم تتوقف عن النضال ضد هذا الاحتلال البغيض، وتواجه كل يوم بمعاركها وإرادتها الصلبة إدارة سجون الاحتلال، التي حاولت أن تحول هذه السجون والمعتقلات إلى مقابر للأحياء، للنيل من إرادة أبطال فلسطين".

الأسرى المرضى

ويرى المهتمون بشؤون الأسرى بأن عيسى أضيف إلى قائمة المعتقلين الشهداء، التي تختلف من مركز إلى آخر، لكنها متوحدة في جانب أسباب الوفاة، وهي الإهمال الطبي الممارس بحق المعتقلين، ليتبلور مطلب قديم جديد بأن يكون ملف الأسرى المرضى، ومعهم القدامى، على سلم أولويات السلطة في أي محفل دولي، أو حديث.

تقول النائب ،خالدة جرار، والقائمة على مؤسسة الضمير، التي تهتم بالأسرى: " إننا نتبنى موقف الحركة الأسيرة، منذ البداية، والذي ينص على أن ملف القدامى والمرضى يجب أن يغلق، ويفرج عنهم قبل الذهاب إلى أي خطوات سياسية، وإن كان الذهاب للمفاوضات، فإنه وجب أن يكون الشرط الأول للعودة لها الإفراج عن كافة الأسرى، بمن فيهم المرضى، قبل أن تصبح مسيرتهم من السجون إلى القبور".

وتطالب جرار المؤسسات الدولية والحقوقية بمواقف جدية في فضح ممارسات الاحتلال، بحق الأسرى، من حيث سوء المكان الذي يعتقلون فيه والأغذية المقدمة لهم، وحالة التعذيب والإهمال الطبي، ومستوى الخدمات الطبية.

ويرحل عيسى مسجلا صفحة جديدة في تاريخ الشعب الفلسطيني، مضمونها أن هناك أربعة أيتام، وزوجة صابرة ومحتسبة، وعائلة مكلومة، وشعور بالخوف في قلوب مئات العائلات، التي تترقب فرجا قريبا لأبنائها الأسرى، قبل أن يخرجوا في أكفان بيضاء بسبب أحقاد الصهاينة السوداء.

بسم الله الرحمن الرحيم
تحية الاسلام
جزاكم الله خيرا وبارك الله لكم وعليكم
ان كل مفردات ثقافتي لا تفيكم حقكم
من الشكر والتقدير والاحترام
لكم مني عاطر التحية
واطيب المنى
دمتم بحفظ المولى
باحترام
شهيد المسجد الاقصى المبارك الحي
الحاج لطفي الياسيني
فلسطين المحتلة
القدس الشريف