في مثل هذا اليوم منذ 25 عاما
في ذكرى استشهاد ناجي العلى - لا لكاتم الصوت
رصاصة واحدة من مسدس كاتم للصوت استقرت في رأسه مساء الثاني و العشرين من تموز و دخل ناجي العلي غيبوبة انتهت بموته في التاسع و العشرين من آب 1987.
من الشجرة، القرية الفلسطينية، الى جنوب لبنان و من ثم الى مخيم عين الحلوة، حيث بداية تشكل الوعي، مروراً بالخليج و انتهاء بلندن، حيث قتل، ظل ناجي العلي منحازاً للفقراء و لا يتملق أحداً، فالقضية واضحة و لا تحتمل الاجتهاد: فالفقراء هم الذين يموتون و هم الذين يسجنون و هم الذين يعانون معاناة حقيقية.
كانت حياة المخيمات عيشاً يومياً في الذل، لكن ناجي العلي كان على يقين بأنه سيعود ذات يوم الى بيته في الشجرة رغم كل شيء، " ما زلت مؤمناً أن فلسطين ستعود و لو بعد موتي الشخصي". هذا الايمان المطلق و الذل اليومي المقيم هما ما صاغ شخصية ناجي العلي الانسان، لم يتمكن من اكمال دراسته فعمل في مهن كثيرة.. مزارعاً، و كهربائياً، و ميكانيكياً، ثم فراشاً في صحيفة الطليعة الكويتية، لكن الرسم بقي هاجسه الاول.
ثلاثون عاماً من العطاء و لم يتلوث، تعددت فرص الاغواء لكنه صمد أمامها، كان هاجسه الدائم أن يحتفظ بروحه نقية و لهذا خلق حنظلة، " كنت أشعر بالخوف من أن أضل و أن يفسدني المجتمع الاستهلاكي، و لكي أحافظ على ذاتي و أمنع نفسي من الشطط أو السكوت خلقت هذا الرمز... حنظلة! وقصدت من وجوده أن يبقى طاهراً و عفوياً لكي أبقى صاحياً مستفزاً، و حتى لا يتحجر احساسي أو أضل، أو أتخلى عن واجبي نحو القضية".
ثلاثون عاماً و لم يتحجر احساس ناجي العلي و لم يتخل عن واجبه نحو القضية قبل أن يسقط ناجي العلي غريباً في لندن، لم يسر في جنازته واحد من الذين كان صوتهم، و لم يجد فقيراً واحداً منهم يحمل نعشه.. فقد كانوا أفقر من أن يملكوا ثمن تذكرة طائرة تقلّهم الى لندن التي احتضنه ترابها.
ابن الشجرة الفلسطينية دفن بعيداً عنها، ربما هوى لحظة اخترقت الرصاصة رأسه، لكنه لم يمت، ما زال حيّاً في رسوماته التي تحكي معاناة الفقراء التي لم تتوقف.
أما حنظلة، الكائن الجميل الذي خلقة ناجي العلي، فقد عاد الى فلسطين، ما زال كما كان عندما ولد على يد ناجي ذات يوم بعيد، طاهراً، عفوياً، لكنه صاحٍ و مستفز. ما زال فقيراً حافياً يدير ظهره الى العالم و يحب الفقراء... أولئك الذين ما زالوا الاكثر فقراً و الاكثر معاناة.
في الذكرى ال 25 لاستشهاد رفيقي ناجي العلي / الحاج لطفي الياسيني
-----------------------------------------------------------------
لم يرحل ناجي لم يرحل
مازال.. يعيش بوجداني
يتحدى.. زمرة زعران
ما زال.. بذات الايمان
منتصب القامة عدناني
ذكراك اليوم تعاودني
عادت تتربع اغصاني
وانا اشتاق... لاطياني
للشجرة .. بلدي عنواني
تسري بدمي في شرياني
قد عدت اجدد اعلاني
ساعود لارضي وكياني
وطني منقوش بجناني
من قبل العهد الروماني
مسكنتي لوبيا طرعاني
من قبل الغزو الشيطاني
فانا اتحدى.... سجاني
ان يطأ حذائي سنداني
فانا... قبطان الشطآن
يعرفني عود الريحان
والند... يعطر قفطاني
من قبل علوج استيطان
باق ببلادي.. عنواني
يعرفني.. كل السكان
فانا قروي..... ايماني
يتوسد.. تربة اوطاني
----------------------
الحاج لطفي الياسيني