تطهير عرقي عنصري إسرائيلي
تخطط السلطات الاسرائيلية لبدء تنفيذ حملة تطهير عرقي ضد آلاف الفلسطينيين من المقيمين في الضفة الغربية المحتلة، تحت ذرائع متعددة ابرزها كونهم من أبناء قطاع غزة، أو ان اقامتهم غير قانونية.
الأمر العسكري باعتقال هؤلاء وسجنهم لعدة سنوات أو ترحيلهم، جاء من قائد قوات الجيش الاسرائيلي، وأبطلته واحتجت عليه عدة محاكم مدنية ومنظمات حقوق انسان اسرائيلية وعالمية.
استهداف ابناء قطاع غزة كخطوة اولى يعني ان هناك نوايا لفصل القطاع وابنائه بشكل قانوني عن اشقائهم في الضفة، ومعاملة هؤلاء كمواطنين في دولة أجنبية أخرى، وهذا تطور خطير لا يجب السكوت عليه بأي شكل من الاشكال.
فأبناء القطاع يقيمون في الضفة باعتبارهم جزءا من فلسطين أولا، ويخضعون لسلطة من المفترض انها تمثل الفلسطينيين جميعا تحت الاحتلال، وتتفاوض باسمهم مع الحكومة الاسرائيلية من اجل اقامة دولة فلسطينية مستقلة على اراضي الضفة والقطاع، عاصمتها القدس جنبا الى جنب مع دولة اسرائيل.
القرار العسكري الاسرائيلي لا يؤكد الفصل النهائي بين الضفة والقطاع فقط، وانما يؤكد ايضا على حصر تمثيل السلطة لأبناء الضفة الغربية ايضا، اي ان ليس من حق الرئيس عباس، والمفاوضين التابعين لسلطته الحديث مطلقا عن القطاع وأبنائه.
السلطة الفلسطينية شجبت هذا القرار وادانته، وقالت انه يتناقض كليا مع الاتفاقات الموقعة بين الطرفين، وخاصة اتفاق أوسلو، ولكنها تعرف في قرارة نفسها، انه يشكل الغاء عمليا لها ولوجودها ايضا، وينسف آخر ما تبقى من مصداقيتها، اذا بقي لها اي مصداقية اساسا.
حكومة نتنياهو بقرارها العسكري العنصري هذا تعلن حربا اخرى على الشعب الفلسطيني، وتمهد لعملية تهجير جديدة لابنائه، مستغلة ضعف العرب وحالة العجز المصطنعة التي يعيشها المجتمع الدولي حاليا، تجاه تجاوزاتها الفاضحة لكل معاهدات حقوق الانسان، وخاصة معاهدة جنيف الرابعة بشأن اسرى الحرب والمناطق الخاضعة للاحتلال.
فتهجير هؤلاء تحت ذريعة اتهامهم بـ'التسلل'، وخرق القوانين الاسرائيلية، هو خطوة اولى لابعاد اكبر، قد تتمثل في طرد مواطني الارض المحتلة عام 1948، تحت ذريعة انه لا مكان لهم في الدولة اليهودية باعتبارهم اغرابا.
مضافا الى ذلك ان هذا القرار هو الغاء عملي لحق العودة ليس فقط الى المدن والقرى المحتلة قبل ستين عاما، وانما ايضا الى الدولة المستقبلية التي من المفترض ان تقام على الضفة الغربية والقطاع.
لم نسمع ردا من الحكومة الاردنية على عملية التهجير المتوقع تنفيذها عمليا اعتبارا من يوم الغد، ولكن الاردن سيكون المتضرر الاكبر منها، لان معظم المتهمين بـ'التسلل' جاءوا الى الضفة الغربية عبر الاراضي الاردنية، وقد تكون عملية التهجير المتوقعة بالون اختبار لقياس رد فعل الحكومة الاردنية لعمليات تهجير أكبر وأوسع، تخطط لها حكومة الليكود في المستقبل القريب.
هذه الخطوة الاسرائيلية يجب ان تواجه بحزم ليس من قبل الاردن والسلطة اكبر المتضررين المباشرين من جرائها فقط، وانما من المجتمع الدولي نفسه الذي وضع المعاهدات والقوانين التي تجرم مثل هذه الافعال التي تجسد التطهير العرقي في ابشع صوره واشكاله.