أول فلسطيني حكمت عليه اسرائيل بالاعدام يواجه خطر الترحيل من الضفة الغربية
بعد ان عانى طويلا من الاعتقال والترحيل والاصابة وصدر بحقه اول حكم اسرائيلي بالاعدام، ها هو اليوم الفلسطيني محمود حجازي يستعد لمواجهة ترحيل قسري جديد من الضفة الغربية هذه المرة استنادا الى الاجراءات الاسرائيلية الجديدة.
ولا تبدو على حجازي (74 عاما)، بعد ان بلغ من العمر عتيا، مظاهر قلق من احتمال ابعاده من رام الله بالضفة الغربية حيث يقيم حاليا وهو الاب لستة ابناء، تنفيذا للقرار الاسرائيلي الاخير باعتبار الفلسطينيين الذين لا يحملون هوية فلسطينية صادرة في الضفة الغربية من 'المتسللين' ويجب ترحيلهم من الضفة.
وقال في حديث لوكالة فرانس برس 'بعد هذا العمر وسنوات الشقاء التي عشتها لم اعد اكترث لاي قرار جديد، لان كل ما عاناه الشعب الفلسطيني عانيته'.
ويضع حجازي امام منزله في مدينة رام الله، مجسما صنعه بنفسه وكتب عليه 'لا بد للقيد ان ينكسر'.
ويحمل المجسم 45 كأسا حديدية في اشارة الى عمر الثورة الفلسطينية، اضافة الى سلاسل حديدية في اشارة الى السجن والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية.
وحجازي، من مواليد مدينة القدس، اعتقلته اسرائيل في العام 1965 حين كان ضمن مجموعة فدائية قامت بتفجير جسر يستخدمه الجيش الاسرائيلي في مدينة الخليل، وحكم عليه حينها بالاعدام.
وقال انه سيقدم هذا المجسم الى اسرة المعتقلين الفلسطينيين نائل وفخري البرغوثي، اللذين يمضيان عامهما الثالث والثلاثين في السجون الاسرائيلية.
ويحيي الفلسطينيون السبت يوم الاسير الفلسطيني.
واستذكر حجازي تلك الليلة حين اعتقله جنود اسرائيليون في كانون الثاني (يناير) 1965 ليكون اول فلسطيني يعتقل من داخل الاراضي الفلسطينية.
وقال 'كنت واحدا من مجموعة فدائية مكونة من سبعة اشخاص، وكنت احمل برميل بارود لنسف جسر في مدينة الخليل يستخدمه الجيش الاسرائيلي'.
واضاف 'بينما كنا نتقدم ليلا فاجأتنا دورية من الجيش الاسرائيلي واطلقت علينا الرصاص فافترقنا وواصلت اطلاق النار حتى نفد مني الرصاص، وتم اعتقالي، وانا مصاب بيدي ورجلي، لكن افراد المجموعة نجحوا في تفجير الجسر'. وحكمت المحكمة العسكرية الاسرائيلية على حجازي بالاعدام، لكن هذا القرار لم ينفذ وتطوع المحامي الفرنسي الشهير جاك فيرجيس للدفاع عنه، ولا يزال حتى الآن يحتفظ بقصاصات من الصحف التي كتبت عنه في حينه.
ويقول حجازي انه امضى 45 يوما في زنزانته وهو يرتدي اللباس الاحمر تمهيدا لاعدامه، في حين امضى اربع سنوات وثمانية شهور في زنزانة لا تتعدى مساحتها مترين مربعين.
وتابع 'في تلك الفترة لم اكن اخاف الموت، وكنت اتمنى ان يتم اعدامي لانني كنت دائم التفكير في الثلاثة الابطال الذين اعدمتهم بريطانيا: عطا الزير ومحمود حجازي ومحمد جمجوم، وكنت اتمنى ان اكون مثلهم' في اشارة الى القوات البريطانية خلال فترة الانتداب.
وفي العام 1971 فوجئ حجازي بزيارة لمندوب الصليب الاحمر الدولي يبلغه فيها انه سيكون ضمن صفقة تبادل اجرتها منظمة التحرير واسرائيل، يتم بموجبها اطلاق سراحه مقابل ان تطلق المنظمة اسيرا اسرائيليا يدعى شومئيل روزن فايزر. وتمت الصفقة بالفعل ونقل حجازي الى رأس الناقورة على الحدود بين لبنان واسرائيل، وتسلمت اسرائيل فايزر، وعاش حجازي في مخيم برج البراجنة في ضواحي بيروت واسس اسرة من ستة ابناء. ويقول حجازي انه شارك في مختلف المعارك التي خاضتها فصائل منظمة التحرير في لبنان، واشار الى اصابته 14 مرة بالرصاص اثناء هذه المعارك، واحدى هذه الاصابات كانت في وجهه وكادت ان تقتله.
وفي العام 1982 خرج حجازي مع مقاتلي فصائل الثورة الفلسطينية من لبنان اثر الاجتياح الاسرائيلي لهذا البلد واستقر في اليمن مع اسرته حتى توقيع اتفاقية اوسلو عام 1993 حين انتقل مع اسرته الى غزة.
وقبل حوالي عامين، وبعد سيطرة حماس على قطاع غزة، انتقل حجازي بتصريح خاص الى الضفة الغربية للمشاركة في جنازة شقيقته، فاستقر في رام الله منذ تلك الفترة ولم يعد الى القطاع. وتابع حجازي 'في كل مكان عشت فيه أكان في بيروت ام اليمن ام غزة كنت اؤسس منزلا، وبعت منزلي الاخير في غزة كي اتمكن من بناء بيتي الحالي في رام الله'.
ويفخر حجازي بانه عاش 'كل فصول المعاناة التي يعانيها الشعب الفلسطيني' ويفتخر ايضا بان لديه ابناء يتسلمون حاليا مناصب رفيعة في السلطة الفلسطينية.
ويقول باعتزاز ان ابنه البكر بكر هو السكرتير الاول في السفارة الفلسطينية في سويسرا، وله ابن ثان يدعى عمار يعمل دبلوماسيا في بعثة منظمة التحرير في الولايات المتحدة، وثالث يدعى انس يعمل مهندس كمبيوتر في رئاسة الوزراء الفلسطينية.