تركيا أجبرت على قبول المفاوضات مع سوريا و«الخط الأحمر» أحد الأسباب
--------------------------------------------
كشفت مصادر إيرانية وثيقة الاطلاع لصحيفة الأخبار عن أن رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، وافق، خلال لقائه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في باكو بداية هذا الأسبوع، على مسار مفاوضات لحل الأزمة السورية تحت سقف الحكومة السورية، «كخيار الفرصة الأخيرة»، تجنّباً للوصول إلى نتيجة «صفر امتيازات» بدلاً من «صفر مشاكل»، على ما كان يرغب منظّر السياسة الخارجية التركية أحمد داوود أوغلو.
وتتحدث المصادر السالفة الذكر عن «وجود تقدير لدى الأميركيين والغربيين عموماً، يعلم به الأتراك، بأنهم عاجزون عن النظام السوري، لأسباب متعددة، أولها الصمود الداخلي السوري، و«الخط الأحمر» الذي وضعته روسيا والصين وإيران، التي ترفض جميعاً مناقشة أي صيغة تتضمن سقوط النظام، لكون سقوطه، بالنسبة إليها، يساوي سقوط سوريا، ومن يدفع نحو ذلك إنما يريد أن ينشر الفوضى في المنطقة».
وتضيف المعلومات الواردة من طهران أنه في ذلك اللقاء الذي استمر 40 دقيقة على هامش قمة منظمة التعاون الاقتصادي، يوم الثلاثاء الماضي، استعاد نجاد المقاربة الإيرانية لملفات المنطقة حيث قال لأردوغان إن الولايات المتحدة تريد إحداث تغيير في المنطقة، لكنها تشترط عدم تكرار أي من النماذج الثلاثة، الأفغاني والعراقي والليبي.
وأضاف أن واشنطن يبدو واضحاً أنها كلّفت السعودية وقطر بقيادة النظام الأميركي الجديد في المنطقة وإشعال الأزمات إقليمياً وتؤكد المصادر الإيرانية أن تركيا أدركت بما لا يقبل الشك بأنها في نهاية المطاف ستجد نفسها وحيدة في ساحة المعركة في حال فلت الوضع من عقاله واشتعلت النيران عبر الحدود، لا الولايات المتحدة ولا الأوروبيون ولا حتى حلف الأطلسي، سيتدخل نصرة للعثمانيين الجدد، كذلك الأمر في حال التوجه نحو مؤتمر ينتهي إلى تسوية، ترى أنقرة أن ما آلت إليه الأمور سيجعلها تخرج من الحفلة بلا قطعة حلوى حتى، وتضيف المصادر أن التقدير التركي يفيد بأنه في حال الاتجاه نحو تسوية، فإن الإطار الوحيد الموجود حالياً هو «وثيقة جنيف».
وتقول المصادر إن الأتراك أدركوا، على ما يبدو، أن الورقة الإيرانية هي الوحيدة المتكاملة، وتحظى بدعم روسيا والصين، وأن الولايات المتحدة ستتفاهم مع موسكو وبكين في نهاية الأمر على وثيقة جنيف وفقاً لتفسيرهما لها بعدما باتت الكفة الروسية والصينية في سوريا أعلى بفعل الصمود الداخلي والدعم الإيراني والعراقي، فضلاً عن أن الورقة الإيرانية حظيت بقبول الرئيس المصري محمد مرسي.
في تفسير طهران لخلفية قبول أردوغان ببدء التفاوض على حل سوري، تفيد المصادر نفسها بأن: «أنقرة وجدت أن الأفضل لها في ظل هذه الهندسة للقوى الإقليمية والدولية الذهاب إلى طاولة التفاهم في نهاية الحرب السورية، مصحوبة بطهران التي لم تقطع معها يوماً، لا وحدها مخافة الانتهاء بصفر امتيازات بدلاً من صفر مشاكل. تريد أن تخرج من المستنقع السوري بدعم إيراني، في الوقت الذي أدى فيه تورط السعودية في مستنقعَي البحرين والقطيف إلى خروجها من المعادلة».
في ذلك اللقاء في باكو، قال أردوغان لنجاد: «ما دام الوضع على هذه الحال، تعال نؤلف لجنة اتصال، إيرانية تركية مصرية أو إيرانية تركية روسية، أو كليهما»، ولم يُعط الرئيس الإيراني جواباً واضحاً، قال: «عسى خيراً لكننا سنتحرك بورقتنا».
وأضاف: «إن كنتم ستتحركون بوثيقة جنيف، فإن التفسير الغربي لها سيترككم بلا مكاسب، عليكم بالتفسير «الروسي - الإيراني».
ويؤكد المعنيون في طهران أن الرهان القطري والسعودي على تركيا يتقلص يوماً بعد يوم، وهما تخطبان ودّ فرنسا على أمل أن تكون رافعة لهما في المعادلة الإقليمية، تسعيان، بدعم باريس على ما يبدو، إلى إيجاد مشروعية لإجلاس المسلحين السوريين إلى طاولة المفاوضات.
و بناءً على ذلك، يبدو واضحاً أن أردوغان قبل مكرهاً بخيمة الإيراني على أمل أن ينجو من مصير «صفر امتيازات»، بعدما تبيّن أن المسار يتجه نحو التسوية وليس الحسم، على قاعدة أن واشنطن والغرب عموماً الذي يدير المعركة تسعى إلى استنزاف الجميع ليأتوا إلى طاولة التفاوض ضعفاء، في هذه الأثناء، يخوض الجميع سباقاً محتدماً لحصد العدد الأكبر من أوراق القوة في الميدان لصرفها بعد الانتخابات الأميركية على طاولة التفاوض التي لا أحد يعلم ماذا ستكون طبيعتها.