بلادي وان جارت علي عزيزة ...... قومي وان شحوا علي كرام ... هدية ولد لوالده بعد فراق لسنوات طويلة
... عندما وصل ابنى الأصغرالى كندا
قبل عام من الزمن وانا اريد ان اكتب عن هذا الموضوع لكن قلمى يتوقف لسبب خاص وهو أننى أكره الكتابه عن خصوصياتى وامقتها لكن هذه المرّه قررت الكتابه حتى لو انتقدنى بعض القراء ...لا لسبب كون الموضوع يخص احد اولادى وبالتحديد اصغرهم سنا والذى وصل كندا والتحق بعائلته قبل اكثر من عام وهذا الموضوع ينغّص نفسى ثم اتردد حتى تشجعت اخيرا و قررت الكتابة ولكن لأحد الأصدقاء المحبين .
عزيزي الأخ أبو فرات المحترم
تحية طيبة
الحمدلله وصل ولدى بعد ان عانى ماعاناه كل العراقيين من الاوضاع الماساويه فى العراق وخاصة مدينة بغداد والمخاطرالتى تعرضوا لها اثناء تواجدهم وتنقلاتهم فى شوارع المدن واحياءها والمشاكل والارهاصات التى تعرضوا لها وهذا ليس بغريب على العراقيين فوراء كل مهاجر عراقى قصه وقصه طويلة لا يتسع المجال لذكرها.
وصل ابنى مطار تورنتو وكان فى استقباله ابوه و اخوته واكبرهم لم يراه منذ مايقارب ال ... 15 عـامـا , واخيه الثانى 13 سنة فلا استطيع ان اصف حرارة العناق وتشابك الاذرع والبكاء وذرف الدموع فالمشهد لايستطيع ان يتحمله انسان عادى ليحبس دموعه فكيف بالأب يقف منتصبا والدموع تسيل على وجنتيه وهو ينظر الى ولديه متشابكان بحراره ثم جاء اخوه الثانى ليتكرر نفس المشهد واخيرا بدأ دور الأب ليعانق ولده ويبدا الفصل الآخرعندمـا عدنـا .
بالسياره الى المسكن وحديث ولدي الكبيرلأخويه فى طريق العوده اللذين لا ينقطعان عن السؤال عن احوال العراق واحوال بغداد والحى السكنى الذى كنا فيه واحوال الاهل والجيران وسكان الحى وبغداد والموصل وكل مدن العراق وولدى مسترسلا بالحديث لأخويه ولنا عن مأساة البلد ... فلان خطف وقتل... وهو احد جيراننا , والاخر اغتيل بدم بارد رحمه الله ظلما , وثالث خطف وحرّروه اهله بفدية كبيره والاخر , هجّر وترك دياره .. الكهرباء شبه معدومه , ومياه الشرب ملوثة وغير متيسرة , الامن مفقود , الاسواق شبه مقفلة , الشوارع شبه خالية الا ماندر .... وهكذا بدأت الفصول تتوالى وكانها
تاريخ حتى وصولنا البيت .. بعد استراحة قصيره . جاء دورالهدايا فقام ولدى الأصغر بتوزيع الهدايا على اخوته واطفالهم غالبيتها ملابس بسيطه وتي شيرتات رياضيه مرسوم عليها العلم العراقى ذى النجوم الثلاث وهدايا اخرى تشتهر بها بغداد من تمور وبقلاوة وغير ذلك .
وزعت الهدايا ولم يبق سوى الوالد لم يأخذ حصته وهو ينتظر بفارغ من الصبر هدية ولده الصغير... وماذا ستكون هديته ؟ نظر الىّ ولدي فاغرورقت عيناه بالدموع شاخصا انظاره نحوى بحزن وخجل وكاننى افهم ما يقصده بأن هديتى متواضعة والوالد يستحق هدية لاتقدر بثمن كيف لا وابنه الصغير جاء من العراق حاملا هموم البلد وهموم المنطقه واهلها واخبارها . وكأن لسان حاله يقول ... اما انت يا والدى العزيز فهديتك بسيطة فى حجمها لكنها كبيرة فى معنـاهـا وسترضيك وتقتنع بها ... فتح حقيبته الصغيرة وأخرج منها قنينة زجاجيه شفافه مغلقة بسداد محكم ونهض ليناولها لى وهو يقول
محدقا بي واخوته وامه ينظرون اليه ... هذه هديتك ياأبى انها قنينة من تراب بغداد ملأتها بيدى ولم اجد اعزّ منها لأقدمها لك ارجو قبولها ...
اعزائى القراء لم يكن لى بد الا ان انتفض كالطير المجروح واحضن ولدى والفّه بذراعى وبقوة وانا ابكى كالطفل ودموعنا جميعا تنهمر ويا له من موقف لايوصف خنقتنى العبرات لكني سيطرت على نفسي وقبلّته وانا اقول ... :
اشكرك يا ولدى على هذه الهديه التى لاتقدر بثمن ولاتعادل بذهب فهل هناك شىْ أعز من الوطن وأثمن من ترابه يا ولدى ؟؟؟ فلقد أصبت فى اختيارك وقبلت هديتك وسأحتفظ بها طول العمر ...
وعندها خطر ببالي أن أقول ...
بلادى وان جارت على عزيزة ... قومى وان شحّوا علي كرام
اعزّ مكان فى الدجى سرج سابح ... وخير جليس فى الزمان كتاب
ججو متي موميكا
تورونتو - أونتاريو - كنـــــدا
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
القراء الأعزاء في ,, العراق الجريح ,, في الوطن الحبيب والمهجر بقارات العالم الخمس المحترمون
أحييكم بتحية المواطنة العراقية التي هي أقوى من كل رابطة بين أبتاء العراق بمختلف أطيافه
وصلتني الرسالة أعلاه من أحد الأخوان والأصدقاء العراقيين الأصلاء ,, المربي والكاتب العراقي الكبير الأستاذ ججو متي موميكـا ,,الذي يعيش الآن في كنـــدا طالمـا قرأتم كتاباته في معظم المواقع العراقية الوطنية على صفحات الأنترنيت , وكان مترددا في نشرها كموضوع لكي لا يثارعليها جدل من قبل البعض وربما توجه اليه بعض الأنتقادات من البعض الآخر لأنها شخصية , فقرأتهـا بتمعن مرات عديدة وأغرورقت عيناي بالدموع ونألمت كثيرا من جانب ولكنني فرحت وشعرت بالزهو من جانب اخر وقرأت مقياس محبتي للوطن الحبيب فوجدته قد ارتفع الى القمة حينهـا تذكرت نفس الأمر قد حدث معي قبل سنوات قليلة , ففي المدينة التي أعيش فيهـا في الغربة لي علاقات مع معظم العراقيين الذين يعيشون في نفس المدينة , وفي أحد الأيام اتصل بي أحد الأصدقاء وهو من أبناء احدى العشائر العربية الأصيلة في محافظة الأنبار وحشرجة صوته تنبئ بحدوث كارثة ما لعائلته في العراق ... حيث قال لي ... عزيزي أبو فرات أنـا ذاهب الى العراق لأن أخي الأصغر الشاب اليافع قد أستشهد في الفلوجة الجريحة أثناء الهجوم الوحشي عليها من قبل قوات الأحتلال وحكومته , وسألني كعادة العراقيين بماذا توصيني من العراق لأجلبه معي لك حينما أعود ... فقلت له ونفسي حزينة جدا والدمع في عيناي ... شكرا جزيلا .. أريد أولا أن ترافقك السلامة في ذهابك وأيـابك , ثم تنقل تعازيي الحارة وتحياتي الأخوية الصادقة الى أهلك الكرام وأهل الأنبار والعراق كله وتجلب لي قليلا من تراب الفلوجة البطلة مجبولا بدماء شهدائها الزكية ليظل معي في الغربة طالما حييت , وفعلا أستجاب لطلبي فشكرته كثيرا ولفلفت الوعاء الزجاجي الشفاف المغلق بأحكام الذي فيه التراب بالعلم العراقي ذي الثلاث نجوم وأحتفظت به ضمن أغلى الموجودات والمقتنيات التي عندي خلال سنوات عمري التي تجاوزت الان 67 عــامـا .
أعزائي ... لا غرابة في كل ما قرأتموه أعلاه , فهو الحقيقة بعينهــا , فحب الوطن نرضعه مع حليب أمهاتنـا الطاهر ونحن أطفال صغار ويظل بسري في عروقنا مع الدم الذي يوهبنا الحياة طالمـا حيينـا , والذين ينكثون العهد بهذا الحب من العملاء والخونة يخونون أولا أمهاتهم الماجدات اللواتي أرضعناهم ذلك اللبان النظيف الخالي من الشوائب قبل خيانتهم لوطنهم . فحب الوطن لا يعلو عليه أي حب اخر في حياة الأنسان الشريف المخلص والأمين .
المجد والخلود لشهدائنـا الأبرارالأكرم منـا جميعا
النصر المؤزر لمقاومتنـا العراقية الباسلة في نضالها المقدس ضد الأحتلال المقيت ومن يقف معه من العملاء
وعاش العراق حرا واحدا موحدا من زاخو والى الفاو , وعاش الشعب العراقي موحدا بكل أطيافه التي هي عبارة عن زهور جميلة متنوعة في حديقة غناء
وختامـا أقول مـا قاله أخي العزيز أبو غسان
بلادى وان جارت على عزيزة ... قومى وان شحّوا علي كرام
اعزّ مكان فى الدجى سرج سابح ... وخير جليس فى الزمان كتاب
أبو فرات
ألمـانيـــا