تخاذل عربي !!
تزامن القرار الذي اتخذه مجلس الجامعة العربية في القاهرة على مستوى المندوبين،
بمطالبة مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار ملزم لاسرائيل يدين الاستيطان ويؤكد عدم
شرعيته ويطالب الاحتلال الاسرائيلي بوقف الاستيطان وتفكيك المستوطنات المقامة
على أرض فلسطين المحتلة، وطلبه من المجموعة العربية في نيويورك متابعة استصدار
هذا القرار، متزامن مع تصريحات أطلقها رئيس الوزراء د.سلام فياض امس في محافظة
جنين حمل فيها مسؤولية الأزمة المالية والظروف الصعبة التي تواجهها السلطة الوطنية
للدول العربية التي قال: انها مقصرة جدا لامتناعها وتهربها من الالتزام بما تعهدت
به من مساعدات للشعب الفلسطيني، ودعا الى قمة عربية طارئة لضمان الدعم المالي
للسلطة الوطنية، وهو ما يؤكد اننا امام حالة عربية يبدو انها مستعصية حيث يتخذ
الزعماء والقادة العرب القرارات الداعمة لفلسطين سواء السياسية او المالية ولكن هذه
القرارات للأسف تبقى حبرا على ورق دون متابعة حقيقية ودون تنفيذ.
فالقرار الذي اتخذه مجلس الجامعة العربية امس ينضم الى سلسلة من القرارات
المماثلة التي اتخذتها الجامعة العربية سواء في مؤتمرات قمة او اجتماعات وزراء خارجية
او لقاءات على مستوى مندوبي الدول العربية، وهي القرارات التي لم يرفعها العرب بآلية
واضحة للتنفيذ وباستثمار حقيقي للقدرات العربية لدفع المجتمع الدولي الى الالتفات
لهذه القرارات والتجاوب معها . هكذا كان الأمر عندما أقر العرب مبادرة السلام العربية
التي ضربتها اسرائيل عرض الحائط وعندما حدد العرب شروطا واضحة لاستمرار عملية
السلام فاذا باسرائيل تتجاوز كل الخطوط الحمراء منتهكة القانون الدولي ومواصلة
الاستيطان ومنتهكة حرمة المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس عدا عن مختلف
ممارساتها ضد الشعب الفلسطيني الذي يفترض انه جزء لا يتجزأ من الأمة العربية والذي
يفترض ان قضيته هي قضية العرب الاولى .
لقد اطاحت الثورة المصرية بنظام مبارك واعتقد البعض ان مصر بحكم موقعها ستتخذ
مواقف اكثر حزما ازاء الانتهاكات الاسرائيلية وازاء التحدي الاسرائيلي السافر للأمتين
العربية والاسلامية واذا بنا نفاجأ بان النظام الجديد بقيادة الاخوان المسلمين الذين طالما
طالبوا زمن مبارك بقطع العلاقات والتحرك لنصرة فلسطين، نراه يكتفي باطلاق نفس
بيانات الادانة والشجب التي استخدمها سلفه دون اي تحرك حقيقي او موقف جاد لنصرة
فلسطين وأهلها، بل انه اكد تمسكه والتزامه بمعاهدة السلام مع اسرائيل.
كما ان الاردن الذي تربطه ايضا معاهدة السلام باسرائيل لم يتمكن من اتخاذ ما
هو اكثر من بيانات الشجب والاستنكار رغم ان اتفاقية السلام التي وقعها مع اسرائيل
تمنحه ايضا حق رعاية الاماكن الاسلامية المقدسة في القدس تلك التي انتهكت
حرمتها اسرائيل مرارا وتكرارا.
وفق هذا القصور السياسي الواضح للدول العربية جمعاء من المحيط الى الخليج، وبينها
دول عربية سعت ولا زالت الى دفع مجلس الامن للتدخل العسكري في سوريا، كما دفعته
للتدخل العسكري في ليبيا ولم تجرؤ على مطالبة مجلس الأمن بالتدخل لنصرة فلسطين
وإنهاء الاحتلال غير المشروع، فوق كل هذا نجد ان الكثير من الدول العربية تتنكر
لالتزاماتها وتعهداتها بمساعدة الشعب الفلسطيني ونصرته في مواجهة التحديات
الجسيمة التي تفرضها اسرائيل، وهو موقف لا يمكن فقط ان نصفه بتقصير عابر بل
انه يعكس نفس الأزمة التي عانت منها جماهير أمتنا العربية على مدى عقود وهي أزمة
أنظمة لا تلتفت الى قضايا هذه الأمة ولا الى حقوقها ومصالحها الحقيقية.
ان ما يجب ان يقال هنا أن من حق الشعب الفلسطيني على أمته العربية وهو الذي
يقف في خندق الرباط المتقدم دفاعا عن القدس والمقدسات ودفاعا عن فلسطين وعن
الأمة العربية ، من حقه ان يحظى بدعم سياسي فاعل وليس مجرد بيانات وقرارات مفرغة
من أي تحرك فعلي ومن حقه الحصول على الدعم العربي الذي لا يمكن لأحد ان يعتبره
منة او جميلا، وقد حان الوقت لوضع النقاط على الحروف والتأكيد بأن الثروات القومية
العربية الهائلة هي من حق شعوب هذه الأمة ومن أجل نصرة قضاياها المركزية وهو
ما يجب أن يسمعه القادة العرب.