في الخامس والعشرين من شهر أكتوبر / تشرين أول عام 1998 تُوفي الشاعر الفلسطيني حسن البحيري في العاصمة السورية دمشق، بعد حياة أدبية حافلة بالعطاء. نحاول هنا أن نستذكر سيرته الإبداعية وفاءً لعطائه، وإكراماً له بعد وفاته، حيث يغيب عنا جسداً ويبقى شعره خالداً في مسيرتنا، حاضراً في ضمائرنا وعلى شفاهنا.
يحق لحسن البحيري أن يهيم عشقاً في بلاده، أوَليست فلسطين؟! فكيف إذا كانت مهد مولده وممشى صباه عروس المدائن حيفا؟ بقدر الحب تأتي اللوعة، فيسافر في ذكرياته وتنزف أيامه الماضية قصائد ولا أروع. نعيش في حيفا دون أن نعيش، ونبكي عليها ولم نرها إلا من خلال عيونه. ليس هذا فحسب؛ بل نهيم بوطن غادرتنا محسوساته ولم تغادرنا أحاسيسه، لعيني حيفا وسواد عيونها التي أرمدت في أيام الاحتلال. هو لا يبكي أطلالاً، بل يذكر عهداً، وحسْبُ الوفي أن يذكر اشتياقه ويكتبه في دفتر الأيام..
«يوم غادرت مسقط رأسي مدينتي الحبيبة حيفا، بعد ظهر الخميس في 23 نيسان (أبريل) 1948، لم يكن ليمرّ في توهّم خيالي أني أغادرها إلى غير رجعة.. فلقد ركبت البحر إلى عكا (نحو ست عقد بحرية) على أن أمضي فيها ليلتي، ثم أعود بعد أن يخفّ جحيمُ الموت.. ولكن:
تقفون والفلك المحرك دانب وتقدّرون فتضحك الأقدار!
إبداع مبكر قبل النكبة:
كانت الدواوين الثلاثة التي أصدرها الشاعر قبل نكبة فلسطين، كافية لينقش اسمه في جبال الكرمل قبل أن يضطر لمغادرة الوطن. خمسون عاماً قضاها بعد ذلك بعيداً عن وطنه ومدينته، ورغم ذلك ظلّ وفيّاً يغني لفلسطين ويضع «حيفا في سواد العيون».
في الأيام التي كانت حبلى بالثورات في فلسطين، وُلد الشاعر حسن البحيري في وادي النسناس؛ أحد أودية جبل الكرمل، في مدينة حيفا عام 1921، ورغم اليُتم الذي عاشه، وقساوة زوج الأم في ما بعد، ظلّ الشّاعر متمسكاً بأمله في أن يحتضن القلم والدّفتر حتى ولو كان ذلك من خلف أسوار المدرسة التي حُرم إياها في ما بعد.
الظروف القاسية التي عاشها لم تكن لتتغلب على رقّة روحه ومشاعره، ولم تكن لتحاصر حلمه، وكانت مدينة حيفا بسهولها وجبالها هي محضن الحب الذي لجأ إليه الشاعر، فكان أن أصدر ثلاثة دواوين شعرية قبل بلوغه السابعة والعشرين من عمره. ولعلّ رغبته في أن تُطبع هذه الدواوين في القاهرة هي باب الشهرة التي مكّنت القراء والنقاد من الاهتمام بشعره، وخاصة أنّ هذه الدواوين قد نجت من أعمال التخريب والنهب الصهيوني عند احتلال المدينة.
وإذا توقفنا عند هذه الدواوين الشعرية الثلاثة، فسنجد كيف أثّرت مدينة حيفا بجمالها الخلاّب على الروح الرقيقة للشاعر الذي سكب هذه الرقة شعراً عذباً. فديوانه الأول «الأصائل والأسحار» في 1943، وديوانه الثاني «أفراح الربيع» في 1944، وأخيراً ديوان «ابتسام الضّحى» في 1946. كل هذه العناوين تأخذ من طبيعة المدينة عناوين أعماله الشعرية، فتقرِّبه من أبناء المدرسة الرومانسية، ونقول تقربه لأنه لم يُحلّق في فضاء الطبيعة تاركاً جرح الوطن النازف دون أيّ ضماد. ولعلّ قصيدة «الشرق.. أو أرض البلاد» التي جاءت في «ابتسام الضحى» تعطي صورة واضحة عن هذه المشاعر تجاه الوطن:
أرضَ البلادِ نَعِمْتِ تحتَ لوانا*****وبقيتِ ما بقيَ الزَّمانُ حِمانا
وَلَتَبْقينَّ لنا على طولِ المَدَى***** روْضاً غرسْنا فيهِ زهـر مُنانا
لا تسْتَهِنْ يا غَـربُ إنَّـا أُمَّةٌ***** كُتِبَ اسمُها لِذُرَى العُلا عُنوانا
هذه الصورة التي استقاها من تجربة التاريخ، وحركة الزَمان المتواصلة، وتلك الوقفة التي رأى من خلالها صورة مجد أمته الذي مضى، لا تتركه بعيداً عن الشعراء العرب الكبار في تاريخ الشعر من أمثال البحتري وابن زيدون وأحمد شوقي. ولذلك لم يكن غريباً أن يُعيد الشاعرُ القارئَ إلى دروس الماضي، ومدرسة التاريخ، وهو في ذلك يحاول رمي طوق النجاة لأبناء شعبه وأمته وهو يراهم وسط أمواج الاستعمار الإنجليزي المتلاطمة، والعواصف الصهيونية التي كانت تعصف بالوطن آنذاك، وهو في ذلك التوجه يتجاوز حوادث الزمن إلى دروس تمتدّ في عمرها طويلاً لتعيش في نبض الشعوب، وهكذا يرسم فهمه لرسالة الشعر والأدب:
فلكٌ يدورُ وحادثاتٌ تنْثَني***** وقوابلُ الأيّامِ غِبْنَ بيانا
لا يخدَعَنَّكَ أنْ صَفا وجهُ الزَّمانِ***** الجهْمِ فهوَ مُلَوَّنٌ ألوانا
لا تأمَنَنَّ الدَّهرَ في وثباتِهِ..***** فالدَّهرُ يلبسُ كلَّ يومٍ شانا
لا تغفونَّ على نشيدٍ خادِعٍ..***** قدْ سَجَّعتهُ لكَ المنى ألحانا
ورغم أنه يصور لنا جراح وطنه في مناسبة العيد، إلا أنّ المفارقة العجيبة أنّ ذكرى العيد قد ظلّت تؤرّق نفسه، وتجدد الحزنَ في نفسه، ففي هذا الديوان يكتب بيتين من الشِّعر، يكون لهما ما بعدهما:
يُهنئِّنُي بالعيدِ منْ ظنَّ أنَّ لي***** سوى برءِ أوطاني الجريحةِ عيدا
أَرَى الشَّرقَ مَطْوِيَّ الفُؤادِ عَلى الأسَى***** فَلا عيدَ إلا أنْ أراهُ سَعيدا
لقد كانت مناسبة العيد حاضرة في ذات الشّاعر، وكانت مناسبة لمحطات يتوقف عندها الشاعر على امتداد عمره، فنراه في مطلع العقد التاسع من القرن العشرين يكتب رسالة في العيد، ولكن في هذه المرّة من دمشق العاصمة التي استقرّ بها بعد ضياع وطنه.
ومما يوجع القلب في قراءتنا لهذه الدواوين التي سبقت نكبة الوطن، أنّ ابتسام الضّحى الذي رآه شاعرنا في جبل الكرمل قد تبدّل عبوساً وتجهماً. أماّ أفراح الرّبيع التي كانت في ديوانه الآخر فلم تمض عليها الأيام وبعض السنوات حتى تحولت إلى أتراح الدّيار ومواجعها، والأصائل والأسحار لم تدم في زمن الشاعر كتبدل أوقاتٍ كلها تلدُ إبداعاً وشعراً، ولذلك يتوقف الشاعر عن النشيد خمساً وعشرين سنة بعد النكبة، ليطلق حنينه إلى مدينته التي تركها مرغماً، ويترك قصائده تسافر مع أطيار السنونو في ديوانه «حيفا في سواد العيون» بعد أن تركها حبيسة القلب والأوراق زمناً طويلاً. وفي هذه الإطلالة الحزينة والكئيبة الأولى منذ ضياع وطنه، تتزاحم الكلمات في ديوانه من غير نشاز، وتطفو على سطح المشاعر أشواق وأشواك. ورغم أنه يترك عنوان الديوان لمدينته حيفا، إلا أن القصيدة الأولى في الديوان التي سبقت المقدمة تكون لفلسطين، الأم والوطن والفؤاد المكلوم:
أيا فلسطينُ يا عُمقَ الأسى غُصَصاً***** ويا سُهادَ الضَّنَى نَأْياً وحِرمانا
على تَوَالي اللَّيالي في تَجَهُّمِها***** والعُمرُ يمضي بها غَمّاً وأحْزانا
إنِّي لأسْمَعُ، والآلامُ تَصْهَرُني***** فالجرحُ يَسْعَرُ في جنْبيَّ نيرانا
مِنْ كُلِّ ما فيكِ من سَهلٍ ومن جبلٍ***** ما باتَ يرثي بِهِ أهلاً وأَعوانا
لقد تركت الفاجعة أثرها، ولعل الشاعر من أقدر الناس على نقل مشاعره إلى النّاس، وكان الشاعر حسن البحيري من هؤلاء، فها هو ينكأ الجراح الفلسطينية، ويُعيد شريط الذكريات، وتمرُّ عليه الأشواق بكل أطيافها، ولحيفا نصيب، أو ليست هي التي في سواد العيون وبين جوانح الصدور؟!
حيفا وأنتِ مِزاجُ الرُّوحِ في رَمَقي***** وعُمقُ جُرْحِ الهَوى في مُوجَعي الخفقِ
يَشُدُني لكِ شوقٌ لو غَمستُ لَهُ***** يراعَ شعريَ في صَوْبِ الحيا الغَدِقِ
ورحتُ بالحبِّ والذِّكرى أُصَوِّرُهُ***** دمعاً على الخدِّ أوْ حرْفاً على الورقِ
لجفَّ حبري ولم أبلغْ قرارةَ ما ضمَّتْ***** جوانحُ صَدري منْ لَظَى حُرَقي
وكأنّ الشاعر لم يكتفِ بقصائده المعبرة، وكأنّ الفاجعة أكبر من أيّ قصيدة، وأعظم من كل الكلمات، فالإهداء الذي تصدّر هذا الديوان ينبض بالأنين، ويفيض بالحنين، فتراه ينثر الحروف والكلمات على صفحات الورق، وهو بعد أن يكتب يختم بأبيات شعرية ويعود إلى شاعريّته، ولكن للنثر في شخصية هذا الأديب نصيباً، ففي الإهداء في ديوان «حيفا في سواد العيون» يخاطب الوطن المنكوب:
«وأنتِ يا فلسطين، يا ذات التُّراب الأقدس.. يا أوّل ما جال في رئتيَّ من أنفاس الحياة، إني لم أغادرك طائعاً ولا مختاراً، ولكنها أعاصير المقادير هبّت عليَّ عاصفةً، راجفةً، عاتية.. بعد ظهر يوم الخميس، في الثاني والعشرين من شهر نيسان، عام ثمانية وأربعين وتسعمائة وألف، فانتزعتني منك انتزاعاً..! ولعلِّي كنت يومئذ آخر مَن أُكرِهَ على مغادرة أوّل أرضٍ مسّ جسمي ترابُها..».
أرأيت أخي القارئ كيف يصف الشاعر تمسكه بأرضه؟؟ إنه آخر من أرغمه الصهاينة على ترك بيته، لأنه ظلّ متمسكاً به، متشبثاً بحلمه، متعلقاً بوطنه.
ويمضي في دموعه الشعرية ليصل إلى حيفا وما تحمل في نفسه من أشواق يكابدها ليل نهار، ولعل في الأبيات ما يُغني عن أيّ شرح أو تعليق وهو يصف عيون مدينته الحبيبة:
فَلقد رأيتُ بلحظ عينكِ إذ رَنَتْ***** والِتّيهُ يَكْحَلُهـا بمِيــل تَـــدلُّلِ
حيفا وشاطئَها الحبيبَ، وسَفحَهَا***** وذُرىً تعـالتْ للسِّماكِ الأَعْـــزَلِ
عينٌ رأيتُ بِسْحرِها وفُتونهـا***** أحلامَ عَهْـدٍ بالصَّفـاءِ مُظــلّلِ
ولمحتُ بين سوادِها وبياضِها***** ظِلَّ الصَّنَوْبَرِ في أعالي الكَرْمـلِ
ولعلها من القصائد المتميزة في الأدب الفلسطيني في موضوع «الوطن/ الحبيبة»، حيث الوطن هو المحبوبة للشاعر، ولعل ما يميز البحيري عن غيره أنه مات وهو لا يتغنى إلا بهذا الحب الوحيد في حياته، دون أن يتزوج، حتى وافته المنية..
الخذلان
لم تغب العروبة عن شعر البحيري، فكانت في أول دواوينه، ورأينا كيف امتدت قوافيه لتقف عند حدود التاريخ ومدرسة الأيام، وملاحم البطولة والأمجاد للأجداد. ولكنّ ما جرى على أرض فلسطين كان عظيماً، وخذلان بعض العرب لأهلهم في فلسطين لم يمرّ سريعاً عند الشاعر، فها هو يحكي بكل لوعة وأسى عن خذلان القريب، ولأنّ ظلم ذوي القربى أشد مضاضة فإنّ هذه القصيدة تأتي طبيعية في سياق التاريخ والأحداث وردة الفعل النفسي، كيف لا والشعر أحاسيس ومشاعر ورقة وعذوبة، يخدشه الأسى، ويجرحه التخاذل:
أما فيكُمْ ملوكَ العُرْبِ ذو هَدْيٍ ولا مُرْشَدْ
يخِفُّ لِنُصرةِ الإسلامِ لمّا صاحَ واستَنجدْ
وَدَوَّى غوثه الملهوف يحمله الصَّدى الأَسْودْ
وأنتمْ في ظلالِ اليُمن غُصنُ مُناكمو وَرَّدْ
وفي ذكرى وعد بلفور، وما تحمله من دلالات خطيرة وآلام عظيمة في وجدان الفلسطيني، يعود الشاعر ليترك وصاياه إلى النّاس، تحمل معانيه تجاوزاً للحادثة على معاني أعمق وآفاق فكرية وإنسانية أوسع:
يا منْ جهدتمْ بالكلامِ، فأزَّ فى الأفواهِ رَعدَا
لا يمَّحي جرحُ العروبةِ منْ فؤادٍ كادَ يرْدَى
بالقولِ نمّقَهُ اللِّسانُ فسالَ للأسماعِ شَهدا
يا أيُّها الباكونَ يُجرونَ الدُّموعَ جوىً وسُهدا
ما نالَ ذو حقٍّ هوى بالدَّمعِ يَفْرُقُ مِنْهُ خَدَّا
فالحقُّ يُؤخَذُ بالصِّفاحِ تَؤُدُّها الأبطالُ أدَّا
والمجدُ يبنيهِ القويُّ ومَا بَنى ذو الضَّعفِ مجدا
مع الوطن في الشتات:
ظل الوطن هو البطل الحقيقي في معظم قصائد الشاعر الذي امتدت حياته منذ النكبة وحتى وفاته في عام 1998 خمسة عقود كاملة. ومن ديوان «لفلسطين أُغنّي» مروراً بـ«جنة الورد» و«سأرجع» وليس انتهاءً بديوان «لعيني بلادي» يرسم شعر حسن البحيري صورته في وجدان المستمعين، ويترك فلسفة الحب تنتشر بشكل جديد حين نقرأ ديوان «ظلال الجمال.. قصائد حب»، ففيه قصيدة «حبيبتي فلسطين» التي تفيض رقة وعذوبة وشوقاً إلى دياره.
الشاعر في محيطه الثقافي:
لم ينزوِ الشاعر في مهجره بدمشق يبكي على وطنه الضائع ومدينته المغتصبة، ولكن من يملك مثل روح الشاعر لا يمكن أن يقبل بالقعود، وخاصة أنه يرى الأمة تمرّ في منعطف خطير.
من هذا المنطلق زاول شاعرنا العديد من الأعمال، وتقلب في مختلف الوظائف في المجال التعليمي والإذاعي. ومن خلال عمله الإذاعي أخذ يبثّ أشواق المغتربين إلى الوطن عبر شعره، ويدعو إلى تخليص الدّيار من المحتلين.
أما من حيث علاقاته مع غيره من الشّعراء فقد عقد البحيري صداقات مع الشعراء الفلسطينيين والسوريين والشعراء العرب الآخرين، وكان من ضمنهم الشاعر الإماراتي سلطان العويس حيث كانا يتفقان في حبهما للشعر العربي المتمسك بقوة الألفاظ وجزالتها.
الإبداع الشعري في مسيرته:
يعدّ العطاء الإبداعي لكل شاعر أحد المعايير المهمة في تميزه، وشاعرنا حسن البحيري أصدر خمسة عشر ديواناً شعرياً بالإضافة إلى رواية كتبها قبل النكبة، وطبعها قبل عدة سنوات من وفاته (رجاء-1990). كذلك فإنه ترجم بعض قصص الأطفال عن الإنجليزية، إضافة إلى عدد من المخطوطات.
قال عنه الدكتور محمد عطوات مؤلف كتاب «الاتجاهات الوطنية في الشعر الفلسطيني المعاصر»: ينطلق الشاعر في الاتجاه الديني من تصور ديني في نظرته إلى الكون والإنسان والحياة، وفي نظرته إلى القضايا والأحداث، والأشخاص والمشكلات، وفي تعبيره عن العواطف والمشاعر. ومن أبرز شعراء هذا الاتجاه في فلسطين، حسب التسلسل الزمني خمسة شعراء من بينهم حسن البحيري.
أما الدكتور محمد الجعيدي فقد عدّه من رواد التجديد، حين قال في كتابه «مصادر الأدب الفلسطيني الحديث»: وفي هذه الفترة (الثلاثينيات) يمكننا أيضاً أن نعتبر من بوادر التجديد قصيدة «أحلام البحيرة» النثرية لحسن البحيري. ونجد عند الدكتور رياض آغا تفصيلاً في جانب آخر حين يقول في إحدى دراساته: لم يكن شعر المنفى، كما سماه يوسف الخطيب، أقل شأناً من شعر المعتقل، وقد أتيح لي أن أعرف عن قرب صنّاجة فلسطين حسن البحيري رحمه الله، وكان في أواخر أيامه يعمل مدققاً للغة العربية في هيئة الإذاعة والتلفزيون السورية، وكنت يومها أحد المسؤولين في الهيئة، وأذكر غيرته على اللغة، وحزنه الشديد حين يقع خطأ نحوي على ألسنة المذيعين والمذيعات، وكنت أشاركه هذا الحرص على لغتنا العربية، لأنها الوطن الأم الذي إن فقدناه فقدنا انتماءنا إلى العروبة، وكان البحيري مغرماً بالجرس الشعري.
ونذكر سريعاً بعض المؤلفات التي تناولت سيرة الشاعر وعطاءه الأدبي ومنها: «الوطنية في شعر حسن البحيري» لصبري دياب، وكتاب «الشاعر حسن البحيري: صورة قلمية في رحلة إلى الأعماق» للدكتور حسني محمود.
رحم الله شاعرنا، فقد أخلص في حبّه لوطنه، وجعل من قلمه نشيداً يغني للديار، ويتغنى بالأبطال المدافعين عن حياض الوطن وكرامة الأمة ومقدساتها، ويقف ناصحاً أميناً لأبناء شعبه وأمته أن لا يركنوا للضعف والحزن، بل يكونوا من أهل الثبات والصمود كي تعود لهم الحقوق والديار.
******************
نشر المقال في مجلة العودة اللندنية عدد شهر شباط / فبراير 2010م ، مع بعض الإضافات هنا.
بقلم :الأستاذ سمير عطية*
* شاعر وأديب، مدير عام بيت فلسطين للشعر