إقليم السنة صندوق يحتاج إلى مفتاح شبكة البصرة لبيد الصميدعي

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

تنشر شبكتنا هذا المقال رغم
انه انطلق من زاوية طائفية لكنه يثبت انه حتى لو اقيم اقليم سني فانه لن
يستطيع انصاف السنة وتحقيق المساواة بين الطوائف لان الدستور الذي وضعه
الاحتلال لا يسمح بذلك، ولهذا ننشر هذا المقال رغم تحفظنا على طريقة عرضه
لمشلكة العراق

شبكة البصرة

إقليم السنة صندوق يحتاج إلى مفتاح

شبكة البصرة

لبيد الصميدعي

تجربة
السنين العشر الماضية من عمر الاحتلال وعمليته السياسية، لم تترك مجالاً
للشك بأن دور المكون السني (عرباً وتركمان) في العملية السياسية لم ولن
يتجاوز إضفاء الشرعية عليها وأظهارها كما لو أنها تقوم على أساس الشراكة
الوطنية وتكافؤ الفرص بين مختلف مكونات الشعب العراقي، وهي أبعد ما تكون عن
ذلك.

ممثلو المكون السني في العملية السياسية كانوا يدركون هذا
الزيف مسبقاً قبل انخراطهم بها. لكنهم ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا مجرد شهود
زور مع سبق الإصرار.



مناسبة هذا الكلام هو تجدد الدعوة إلى تشكيل إقليم للسنة.

يقف
وراء هذه الدعوة خليط من نواب سابقين وحاليين بالاضافة إلى شيوخ عشائر
ودين يعدّون العدة لدخول مضمار العملية السياسية من هذا الباب. يعللون
أنفسهم وبسطاء الناس بوهم كبير مفاده أن تشكيل الاقليم حق مشروع ومكفول
دستورياً ولا يستطيع احد الوقوف بوجهه.

ولا يخجلون طبعاً من تسويق
هذا المشروع على انتفاضة المحافظات السنية التي قامت بسبب سياسة التهميش
والتنكيل والتطهير الطائفي التي مورست ضد المكون السني تحت نظر وسمع
وبمصادقة ممثلي السنّة في العملية السياسية.



بعد هذه
التجربة المريرة والماَسي التي لحقت بأهل السنة أصبح من واجب كل مخلص أن
يدرك ويعمل على تعميم حقيقة ساطعة مفادها أن مشروع إقليم السنة أو أي مشروع
اخر يراد منه خلاصهم وانتشالهم من الحالة المزرية التي يكابدونها، لم ولن
يتحقق مطلبياً أو بالطرق السلمية والدستورية في ظل العملية السياسية
الحالية وتسلط أحزاب البيت الشيعي.



هذه الحقيقة أقوى من كل الأوهام، وفيما يلي التسلسل الزمني والمنطقي للمعطيات التي تبرهن على ذلك:

1-
منذ تشكيل مايسمى "الجمعية الوطنية" التي حلت محل مجلس الحكم (مجلس بريمر)
في اب/أغسطس 2004 كانت نية تقزيم المكون السني واضحة. فمن 100 مقعد مُنح
العرب السنة 25 مقعداً فقط، أي ما نسبته 25% من مقاعد الجمعية. أما اليوم
فيحتلون نحو 23% من مقاعد البرلمان. بتراجع قدره 2%.



2-
قانون الانتخابات المعدل سنة 2009 الذي بموجبه تتحدد حصص المحافظات من نواب
البرلمان يُنتج برلماناً معظم نوابه من الشيعة (أكثر من 175 نائباً).
القلة القليلة جدا منهم غير محسوبين على أحزاب البيت الشيعي الذي يتشكل تحت
سقفه وبإشراف مرجعية النجف أقوى تحالف سياسي من أجل ترؤّس وتشكيل الحكومة.



3-
لقد تم سن هذا القانون سنة 2005 في غياب إحصاء سكاني حقيقي. وتوزعت
المقاعد بناءً على تقدير افتراضي بعيد عن الحقيقة لعدد سكان كل محافظة.

ومما
يجدر ذكره هنا أن هذا القانون سُن بموافقة ومباركة الحزب الاسلامي وشخصيات
سنية شاركت في مجلس الحكم و"الجمعية الوطنية" وتتصدر اليوم جوقة الداعين
إلى تشكيل إقليم للسنة عبر القنوات الدستورية!!



4- إن
الأمل بتحسين نسبة تمثيل السنة في البرلمان بعد أجراء الإحصاء السكاني
الموعود ما هو إلا واحد من أوهام أهل السنة العديدة. لأن الاحصاء السكاني
لن تقوم به الحكومة إلا بعد تأكدها المسبق من أن نتيجته ستكون على النحو
الذي يؤمّن للشيعة نسبة أعلى أو مماثلة للنسبة الافتراضية الحالية البالغة
نحو 55%.

ومنذ تسلط أحزاب البيت الشيعي على العراق في سنة 2005 تم
منح الجنسية العراقية لأكثر من مليوني شخص من ذوي الاصول الإيرانية لهذا
الغرض، والعملية لم تتوقف حتى الساعة.(هذا ما كشفت عنه وثائق مسربة من
إدارة الجنسية العامة)



5- إحتمال تعديل قانون الانتخابات
تحت سقف البرلمان على النحو الذي ينصف المكون السني يعد ضرباً من الخيال.
لأن ذلك يتطلب موافقة الأغلبية المطلقة من أعضاء البرلمان وبالاقتراع
السري!! لذا سيصوت ضد تغيير القانون حتى القلة الجيدة من الأعضاء الشيعة
إذا كان التغيير يؤدي إلى إنقاص عدد مندوبي المحافظات الشيعية لصالح
المحافطات السنية.



6- استحالة التغيير الإيجابي لقانون
الانتخابات يبقي العملية السياسية مفتوحة على ما شاء الله من البرلمانات
التي يؤلف الشيعة أكثر من نصف أعضائها.



7- برلمان على هذه
الشاكلة يُنتج حكومة أغلبية شيعية يتم تطريزها بوزراء سنة (شهود زور كما هو
حالهم الان) كي تظهر بمظهر التوافق والشراكة الوطنيتين.



8-
التناغم والانسجام بين أغلبية برلمانية مريحة وحكومة طائفية يُنتج (كما هو
حاصل اليوم) اَلية استبدادية للتحكم بعملية التشريع. إذ يصبح من السهل
تمرير مشاريع القوانين التي تخدم أجندة البيت الشيعي وتعطيل مشاريع
القوانين التي قد تصب بصالح المكون السني.

وخير مثال على ذلك مشروع
قانون العفو العام الذي تم تقديمه إلى البرلمان السابق في عام 2009 ولم
يقر. فتم ترحيله إلى البرلمان الحالي حيث مازال يراوح مكانه بسبب اعتراض
الائتلاف الشيعي على بعض فقراته.



9- ولتحصين هذه الالية من
احتمال إقرار البرلمان لمشروع لايروق للحكومة، يوجد صمام أمان يدعى
"المحكمة الاتحادية العليا" التي تمنحها المادة 93 من الدستور صلاحية تفسير
نصوصه.

ويستشف من الفقرتين أولاً وثالثا من المادة المذكورة
واللتين تتيحان لمجلس الوزراء حق الطعن المباشر بدستورية القوانين وصحة
تطبيقها، أن المحكمة الاتحادية أشبه بغربال تستخدمه الحكومة متى استدعت
الحاجة إعاقة وإبطال مفعول ما لاترضى عنه من مقررات البرلمان.



10-
إن قراءة فاحصة للدستور تكشف عن استحالة تشكيل إقليم جديد بدون التوافق
التام مع أحكام الدستور الاتحادي وبدون إقراره من البرلمان مع ضمان عدم طعن
المحكمة الاتحادية بدستوريته.

فعلى سبيل المثال تحصر المادة 120
اختصاص دستور الإقليم بوضع هيكل لسلطاته وصلاحياته واليات ممارسة تلك
الصلاحيات على أن لا يتعارض مع الدستور الاتحادي!

أما المادة 13
فتمنع سلطات الإقليم من سن أي قانون يتعارض مع الدستور الاتحادي وتعد
"باطلا كل نص يرد في دساتير الأقاليم أو أي نص قانوني اخر يتعارض معه"!

وقياساً
على ما جرى ويجري لمشروع قانون العفو العام من مماطلة وتسويف استغرقتا نحو
أربعة أعوام على امتداد دورتين برلمانيتين، يمكن التكهن بمصير مشروع إقليم
السنة.



المشروع سيدور في حلقة مفرغة تشبه أغنية الصندوق
المغلق الذي يحتاج إلى مفتاح، والمفتاح عند الحداد، والحداد يريد فلوس...
وهلم جرا حتى ينتهي المطاف إلى شئ ما في داخل الصندوق المغلق.



دعاة
الإقليم خير من يعلم بالفشل الذريع الذي سيحالف مشروعهم. لكنهم مع ذلك
يصرون على الترويج له تمهيداً لصياغته ضمن برنامج انتخابي يجتذبون به أصوات
الناخبين في الانتخابات القادمة.

لعبة جديدة يضحكون بها على عقول
الغالبية البسيطة من أهل السنة مستغلين أوجاعهم كما استغلها الذين من قبلهم
(نواب القائمة العراقية) عندما خدعوا ناخبيهم بوعود كاذبة برفع الظلم عنهم
واطلاق سراح معتقليهم.

فكانت النتيجة مناصب وامتيازات للنواب وأقربائهم، ومزيداً من الاعدامات والاعتقالات لأبناء الناخبين وبناتهم.



يحلو
لمنظري مشروع إقليم السنة استدعاء النموذج الكردستاني للتدليل على أمكانية
تحقيق مشروعهم والعيش بنفس المستوى من الرخاء والاستقلال اللذين يتمتع
بهما إقليم كردستان.

ويقولون إن أهل السنة - كما الأكراد - سينعمون بالأمان في منأى عن قبضة الحكومة المركزية.



والحقيقة
أن النموذج الكردستاني حالة استثنائية لن تتكرر. فبخلاف الأقاليم الجديدة،
لايخضع إقليم كردستان قط لأحكام الدستور أو البرلمان أو سلطة المحكمة
الاتحادية.

فالمادة 117 تتكون من فقرتين فقط. الاولى توجب "إقرار
إقليم كردستان وسلطاته القائمة إقليماً اتحادياً" بمجرد الفراغ من
الاستفتاء على الدستور الاتحادي.

فيما توجب الثانية على "الأقاليم
الجديدة ان تؤسس وفقاً لأحكام الدستور الاتحادي". وهذا يعني أن لا مفر
لمشروع تأسيس إقليم جديد من دخول الدهاليز التي مر ذكرها.



إقليم
كردستان بدأ يتبلور منذ عام 1993بفضل شموله بالمناطق الامنة التي فرضتها
الولايات المتحدة على العراق عقب العدوان الثلاثيني عليه.

وعندما
احتُل العراق في عام 2003 كان الاقليم قد قطع شوطاً في تجذره وتبلوره.
وعندما انهارت الدولة حافظت كردستان على نفسها وبقيت شبه دولة. علاوة على
امتلاكها قوة عسكرية جاهزة ومنظمة تم تسليحها بشكل جيد من أسلحة الجيش
العراقي التي تركها إثر انهياره.

ولهذا السبب لم تجرؤ حكومة المركز على مطالبة حكومة الإقليم بحل هذه القوات لعدم دستوريتها.

بفضل
هذه القوات وتضاريس كردستان الوعرة لا يستطيع ذراع الحكومة المركزية أن
يطال أحداً في كردستان رغم أن الدستورالاتحادي يسمح لها بذلك.

هذه حالة لا يصح القياس عليها فيما يخص إقليم السنة حتى لو قدر له أن يرى النور.

المحافظات
السنية أرض سهلية مكشوفة للطيران والمراصد الارضية، فضلاً عن افتقار
الإقليم لحق دستوري يسمح بتشكيل جيش خاص به. وعليه بمقدور القوات الحكومية
أن تستبيح أي مكان في الإقليم بذريعة فرض القانون.



إشكالية المشهد السني أعقد من أن تعالج مطلبياً.

حال
أهل السنة أصبح كحال الأيتام على موائد اللئام، مواطنين من الدرجة الثالثة
أو ادنى، بعثيين وإن لم ينتموا، مشتبه بدعمهم للارهاب حتى يثبتوا العكس،
وتحت طائلة الاعتقال في أي وقت.



لقد قطعت حكومة المالكي
بمباركة أحزاب البيت الشيعي ودعم الميليشيات وفيلق القدس الإيراني شوطاً
طويلاً في عملية التطهير الطائفي ضد المكون السني. وهي تملك كل ما تحتاج
إليه من مستلزمات التطهير.

فقانون المخبر السري وقانون 4 إرهاب يوفران الأساس القانوني لاعتقال من تشاء من رجال ونساء السنة.

استخدام
التعذيب عند التحقيق مع المعتقلين وتواطؤ القضاء الفاسد مع المحققين
يتكفلان انتزاع إقرار المعتقلين بالتهم الملفقة ضدههم ثم إنزال أقسى
العقوبات بهم.

وبناء على بيانات حكومية، تجاوز عدد الذين اعتقلوا خلال عام 2012 فقط، 100 ألف معتقل ينتظرون مصيراً مجهولا.

وخارج
السجون تقوم الميليشيات وفيلق القدس بعمليات منظمة من الخطف والتصفية
تستهدف سكان المناطق السنية في المحافظات المختلطة وخصوصاً في بغداد
وديالى.

يرافق كل ذلك عملية تهميش وإقصاء من الوظائف الحكومية بالاستناد على قانون الاجتثاث المطبق بامتياز على البعثيين السنّة.

عندما يتحول الدستور والبرلمان والقضاء إلى أدوات بيد الحاكم الغاشم، يصبح من الغباء اعتماد نفس الادوات للانتصاف منه.

العراق
تحكمه عصابة طائفية منتخبة دستورياً، تحتل نصف مقاعد البرلمان وتحضى
بمساندة مطلقة من السلطة القضائية، وتستخدم ما تتوفر عليه من الموارد
لتنفيذ مشروعها الطائفي الإجرامي.



لقد جرب أهل السنة
اللجوء إلى العملية السياسية فما حصدوا إلا مزيدا من القمع والتنكيل. لذا
لم يعد أمامهم إلا الثورة والمقاومة من أجل التخلص من العصابة الحاكمة
والإطاحة بمجمل العملية السياسية التي هندسها الاحتلال وعملاؤه على أسس
طائفية لتمكين عصابة البيت الشيعي من احتكار السلطة.



لقد
كان العالم ينظر برهبة وإعجاب إلى المحافظات السنية وهي تقاوم بلاهوادة
قوات الاحتلال حتى أجبرتها على الانسحاب شبه الكامل من العراق. أما اليوم
فينطر إليها بمزيج من مشاعر التشفي والشفقة.

ما كان بمقدور المالكي
وجنوده أن يدنسوا شبراً من هذه المحافظات لولا استمالتها إلى العملية
السياسية على حساب تبنيها للمقاومة. فانحط شأن المحافظات وتراجع دور
المقاومة التي كانت لها درعا واقيا.

لذا فإن استعادة كرامتنا وصيانة
أرضنا وعرضنا والخلاص من عملية التطهير المذهبي الزاحفة باضطراد على
المناطق السنية مرهون فقط بالعودة إلى المقاومة.

14/2/2014

شبكة البصرة

الاربعاء 3 ربيع الثاني 1434 / 13 شباط 2013

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط

من الظلمات الى النور اليك هذه السطور المتواضعة.
كتبت بقلمك وحبك وعنفوان احساسك العالي.
بلهفة قلمك على الكتابة وشجن الحروف بالاناقة.
يشتعل نارا من يدخل بين كلماتك نار الشوق الكبير.
حروفك ملتهبة بشموع احساسك العالي.
... تخطف من يراك الى عالم الابداع لهيب شوقك.
الزهر والاشجار تبتسم عندما ترى كلماتك.
لانها تشعر بنشوى تملأ دنيتها وتتالق.
كتبت الاحساس العالي كله والرقة باشكالها.
وتتوافد العطور من عباراتك التي توجتها بحروفك المضيئة.
عاش قلمك الحساس الرقيق.
وعاشت كتاباتك الانيقة الرقيقة.
دمت لنا ودام صرير قلمك الرائع.
باحترام تلميذك
ابي مازن