تهجير أقباط مصر… يرسخ جذور الطائفية
تسامح— 04 July 2013
[img(489.79999999999995px,279.79999999999995px)]http://www.alarab.co.uk/wp-content/uploads/2013/07/20130703_155315.jpg[/img]
الأقباط ينشدون التعايش السلمي في المجتمع المصري
محمد نوار
لا شك أن فكرة التخلص من شبح الطائفية ضربا من الخيال، خاصة بعد صعود تيار الإسلام السياسي إلى سدة الحكم، والتواجد داخل الساحة السياسية بكل قوة، وكعادة النظام السابق الذي استطاع استخدام ورقة الطائفية في تفرقة الجميع لضمان السيطرة على البلاد سار النظام الإخواني على نفس النهج تقريبا، ولكن حمل اتهامات جديدة أهمها:
وجود أسلحة داخل الكنائس، والاستقواء بأميركا، بخلاف رفض الإسلاميين تهنئة الأقباط في أعيادهم، أو حضور احتفالات تنصيب البابا «تواضروس الثاني» أو أي من احتفالات الكنيسة، بالإضافة إلى تكرار التعدي على الأقباط في القرى وحرق منازلهم بدعوى «التنصير»، وهو الأمر الذي جعل كثير من المسيحيين يفرون إلى الدول الخارجية لممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية، وخوفا من اضطهاد أنصار تيار الإسلام السياسي.
التهجير و الحكم الإخواني
د. جمال أسعد المفكر القبطي قال: إن الإخوان والتيار السلفي أصبحوا يستمدون قوتهم من كثرة مؤيديهم في الشارع، وقدرتهم على حشد الميادين للضغط على صناع القرار والمسؤولين في الدولة، وللأسف ينصاع الجميع إليهم تجنبا لمواجهتهم أو التصعيد معهم، مشيرا إلى أن تزايد عمليات تهجير الأسر المسيحية زادت تحت الحكم الإخواني، حيث تم طرد بعض الأسر من رفح والعامرية وغيرها من المناطق المصرية، وهو الأمر الذي يمثل تهديدا لوحدة الدولة، وظاهرة ضد الإنسانية والدين والأخلاق، ولا يمكن لأحد أن يستوعب طرد مواطن من موطنه لمجرد اختلاف في الدين أو العقيدة، كما أن الكنيسة والمجتمع الدولي لن يقبلا أن تتحكم مجموعة من الإسلاميين المطرفين بمصير الأقباط.
وبدوره أكد المستشار نجيب جبرائيل محامي الكنيسة المصرية، أن السفارات الأجنبية – وتحديدا «كندا وهولندا» – يقدمون تسهيلات للأقباط الراغبين في الخروج والهجرة من مصر، مشيرا إلى أن المخطط الإسلامي لخلو مصر من الأقباط يُنفذ بحرفية جيدة لإفساح المجال لإعلاء دولة المرشد، كما أن المنظمات الحقوقية داخليّا وخارجيّا رصدت الكثير من طلبات الأقباط للسفر إلى الخارج هربا من تحول مصر إلى أفغانستان جديدة على أيدي الإسلاميين، موضحًا أن الأقباط سوف يلجأون إلى أي دولة أجنبية تقدم لهم تأشيرات الهجرة في حال استمرت البلاد تحت الحكم الإسلامي المتشدد، وطالما ظلت الدولة ضعيفة عن حماية مواطنيها من تهديد الوحدة الوطنية، سيظل هناك إصرار إسلامي على تصدير الأزمات وانتهاك حريات الجماعة القبطية.
التعامل القانوني غائب
في حين أضاف د. كمال زاخر المفكر القبطي: إن التعامل مع الملف القبطي في ظل العقود السابقة كان يتم بشكل غير جدي من الناحية القانونية أو المجتمعية باعتبار أن الأقباط شركاء الوطن، ولا يجوز معاملتهم بشكل يتنافى مع مبادئ المواطنة، ومن الضروري الإسراع في مناقشة المشاكل التي يعاني منها الأقباط، وإصدار قانون رادع يجرم التعدي على ممتلكات الأقباط حتى لا تدخل مصر في مأزق الفتنة الطائفية أو استباحة المقدسات الدينية، وذلك من خلال حل مشكلات قانون بناء دور العبادة الموحد – الكنائس والمساجد – بما يمنع الفتنة بين جناحي الأمة.
وفي رأي مدحت قلادة رئيس اتحاد المنظمات القبطية، أن تقرير الخارجية الأميركية للحريات الدينية أكد أن النظام الإخواني فشل في التعامل مع المواطنة والأقليات، ورغم الوعود البراقة التي انهالت على الجماعة القبطية من الإخوان إلا أنهم غضوا الطرف عنها فور الصعود إلى حكم البلاد، واعتبروا القبطي مواطن درجة ثانية داخل البلاد، موضحا أن رصد انتهاكات حقوق المسيحيين والعنف الطائفي يعد بمثابة إدانة للنظام الحالي بعد الثورة، كما أن الإخوان يتحملون مسؤولية التفرقة بين جميع فئات المجتمع، ويحرضون على إيذاء الأقباط أو ترديد عبارة «إن المسيحيين أهل ذمة، وعليهم دفع الجزية لحمايتهم» ولذلك فر البعض بأرواحهم هروبا من الاضطهاد الديني والعقائدي، لكن الكثير مازالوا متمسكين بوطنهم ولن يقبلوا سوى برحيل الإخوان عن الحكم. ويرى د. نبيل لوقا بباوي المفكر القبطي، أن فكرة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية يثير مخاوف لدى الجماعة القبطية أكثر من فكرة تطبيق الأحكام التي تختلف من دولة لأخرى، وهو ما جعل أقباط مصر يلجأون إلى الهجرة العشوائية للخارج بشكل أكبر بعد صعود التيار الإسلامي للحكم، بجانب سيطرة الإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية على الحياة السياسية، موضحا أن مصر دولة يحكمها مكتب الإرشاد والسلفيين حاليا، وان كل ما يقال حول المواطنة ودعم الأقليات وحرية الاعتقاد مجرد كلام لطمأنة الغرب، وبأن الرئيس الإخواني يستطيع أن يكون رئيسا لكل المصريين، موضحا وجود مساعي حقيقية من جانب التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين والمتمركز بالدول الأوروبية لإفراغ الدول العربية ومصر تحديدا من الأقليات الدينية خاصة تلك الدول التى سيطر فيها التيار الإسلامي على السلطة مثل تونس ومصر بعد سقوط أنظمتها الحاكمة.
ومن جانبه أوضح مايكل منير رئيس حزب الحياة القبطي، بأن المنظمات القبطية في أميركا وأوروبا تراقب ما يحدث من اضطهاد ومعاملة سيئة للأقباط في مصر، بجانب محاولات التيار السلفي الاستئثار بالسلطة ووضع الدستور على هوى السلفيين والإخوان، والرفض العارم لتعيين نائب قبطي للرئيس، وتأكيد السلفيين بأنهم سيخرجون في مظاهرات احتجاجية لو أصرَّ مرسي على ذلك، مضيفا بأن التعاون مستمر مع أقباط المهجر ليكونــوا دائمــًا بجوارنــا في وقــت الأزمات.
بينما رفض شريف رمزى مؤسس حركة «أقباط بلا قيود» مصطلح تهجير الأقباط، وأكد أن ما يحدث لا يعدو كونه «هجرة»، كما أن منح أقباط مصر حق اللجوء لأي دولة على خلفية ما يحدث في مصر تحت الحكم الإخواني من تمييز ديني وعنف مُوجَّه ومتعمد يروج له جماعات الإسلام السياسي، يؤدي إلى تفكيك وحدة الدولة ويهدد استقرارها الاجتماعي.
وفي السياق ذاتة أشار ممدوح نخلة رئيس مركز الكلمة لحقوق الإنسان، إلى أن الأقباط من حقهم طالما يوجد اضطهاد ديني وتمييز عنصري المطالبة بالحماية الدولية، وأيضًا بسبب تنامي الأحداث الطائفية ضد الأقباط والتهجير القسري للأسر المسيحية من الإسلاميين، مشددًا على ضرورة حذف خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي؛ لأن وجود الديانة تمييز ديني، وأسلوب غير ديمقراطي بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، بالإضافة إلى وضع كوتة للأقباط والأقليات الدينية تضمن تمثيل عادل في المجالس النيابية والمحافظين والوزراء وجميع المناصب التنفيذية والعسكرية، لافتًا إلى أن هذه الأسباب تجعل من المواطنة أسلوبًا فعالاً بدلاً من خروج السياسيين يتغنوا بهذه الكلمات كثيرًا لإرضاء المجتمع الدولي، ولكن على الواقع يكون الأمر مجرد وعود هوائية.