الحائر
بقلم : الداعي بالخير: صالح صلاح شبانة
Shabanah2007@yahoo.com
الحائر ، ديوان شعر عامودي كلاسيكي ، فيه شاعرية من نوع خاص سكبها من روحه في بوتقة تجربته الشاعر الرقيق الأستاذ عدنان الرحاحلة ، الشاعر والمخرج التلفزيوني وعضو اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين ، بلغة بسيطة مفهومة بعيدة عن الغريب والتعقيد تندرج تحت مسمى السهل الممتنع .
يقع الديوان في (70) صفحة من القطع المتوسط ، نشر بدعم من اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين ، وقدم له كل من : الدكتور صادق جوده ، رئيس الاتحاد السابق ، والشاعر ابراهيم السواعير ، وشاعر الأردن الكبير الأستاذ سليمان المشيني ...!!
وديوان يقبل ثلاثة من هؤلاء الأدباء والشعراء تقديمه ، لا بد وأن يكون يستحق القراءة والأقتناء في أي مكتبة ، وهو كذلك حيث تبدا تكتشف هذه الحقيقة عند البدء بقراءة صفحاته الأولى ، ويحتوي الديوان على نحو (63) قصيدة تنوعت ما بين الوطنية والوجدانية ، وكل ما مر بخاطر ومزاج الشاعر من ظروف وأشواق وتأملات رعفها قلمه فكرا مع حبره ، وسطرتها يداه نبضات دافقة مكتوبة ...!!!
أما القصائد المنشورة فهي :
(1) نبض الحروف (2) يوم الكرامة (3) عراقية (4) ابن العروبة (5) حي العظيم (6) عاثوا (7) رثاء الحسين (
قُتِلَ الكلام (9) ابن الحسين (10) من ذا الذي يجزي الحسين (11) الأم (12) أيا ليلى (13) غزالة (14) الموت (15) سقط القناع (16) مذيعة (17) أنغام (18) سعاد (19) إن التي (20) لو يمنحونني (21) أين الحقيقة ؟؟ (22) أتسافرين ؟؟!! (23) مشكاة النور (24) في رحاب البيت (25) وداعا (26) الحسود (27) معاناة (28) اللعوب (29) أنا (30) لبنان (31) جمالك (32) حمام الأيك (33) رجلا وفيا (34) رمضان (35) فُقِدَ الخليل (36) ملك القلوب (37) أقول (38) فما أحلاه من أسم (39) خاطرة خطيرة (40) عفاف (41) ندم (42) صفحة الماضي (43) جراح (44) أمنية كاذبة (45) سيان (46) ذكرى حريق الأقصى (47) طريق القدس (48) فارس الكلمات (49) إلى نزار قباني (50) أين الذي (51) قفوا (52) عانيت (53) إن التي افتتحت (54) أوهام غريبة (55) البتراء الوردية (56) مدرسة المأمون الأبتدائية (57) أو بعد طول تفرق (58) ألا ليت (59) كرام النفس (60) ذكريات تلفزيونية (61) السلط (62) أين المروءة (63) القهوة العربية .
وكما ترون هذا العدد الكبير من القصائد العمودية ذات الخط الصغير ، وأحسب ، بل وأجزم أن السبب الأقتصادي وضغط التكلفة هو الذي حشر هذا الفيض من الأبداع في هذا الشكل الفني الذي لا يليق لا بالشاعر ولا بنفحات نفسه ونبضات قلبه ، وأظنه ما قبل بهذا الأخراج وهو المخرج المرموق ، إلا (إما الخروج بهذا الشكل واما الموت بالأدراج) ، واسمحوا لي أن أخرج عن سياق وقار الحديث وأروي الطرفة التالية ، فهي تخرج وما ذهبت اليه من اعتقاد من مشكاة واحدة :
قيل على عهدة الراوي أن زوجة جحا طلبت منه ثوبا جديدا وكان معسرا ، فاعتذروذكرها أن لديها ثوبا لا يزال بخير ، وعندما ألحت قال لها : أيهما تفضلين الثوب القديم أم الطلاق ؟؟ فارتعدت وقالت : بل الثوب القديم ...!!!
وهذا حال الأدب عندنا ، المبدعون فقراء قد تخرج أعمالهم بثوب بالي رث ، وغيرهم ممن يقحمون أنفسهم على الأدب ولا يحسنون الحرف يخرجون ديدان في علب صدفية ثمينة مرصعة بالجوهر ..!!!!
ولو كانت جهة ميسورة لنشرت هذه القصائد في خمسة دواوين أو أكثر ، فهي مادة ثرية كاملة الدسم ...!!!!
وعدنان الرحاحلة كما عرفته عن قرب شاعر رقيق المعاني هاديء النفس ، لديه غيرة على اللغة ، ولعل قصيدة المذيعة تثبت ما ذهبنا اليه ، فمذيعة الأخبار في التلفزيون الأردني تختلف عن مذيعة المسابقات في فضائية تجارية ، ولا يعتمد ظهورها على جمال شكلها وبراعة ابتساماتها ، وحركات الغمز في عينيها ، لذلك لقنها درسا بقصيدته والذي مطلعها يقول :
بلهاء بين جفونها ارتسم الغباء ، وعلى ملامحها السذاجة في الأداء
كالدمية الملقاة فوق أريكة ، لا شيء غير الوجه يدهن بالطلاء
لا فكر لا مضمون في أقوالها ، أفكارها عقد وقرط وحذاء
وفم يلوك اللفظ بين شفاهه ، كمضخة ضخت فلاترها هواء
إلى أخر القصيدة التي تصور مصيبتنا بالمذيعات والمطربات اللواتي يستعرضن الفن والأدب والأخبار بأجسادهن وحسب ...!!!!!
ونلاحظ أن الشاعر تطرق لبلده السلط السامقة الشامخة في قصيدة أخرى ، ورثى القائد الراحل الحسين في قصيدة أخرى ، وحيا الشاعر الراحل نزار قباني في مرضه بقصيدة أخرى ، ونجد وفاءه لمدرسة المأمون الأبتدائية ، حيذ لا يمكن لتلك الذكريات المنقوشة فيه كالنقش في الحجر أن تتزحزح من ذاكرته ، ونجد له قصائد أخرى لكل قصيدة ذكرى ومناسبة ، مع أنه ليس شاعر مناسبات ، والمناسبات في شعره ليست عابرة بل ذكريات متجذرة لا يمكن أن تمر عبثا دون أن ترمي حجرا يحرك المياه كلما ركدت ...!!!!
هذه كلمات عن شاعر ومخرج ، والمخرج هو الأهم دائما فلا ترى الأعمال الكبرى إلا كما رآها المخرج الذي يحول الكلمة الى صورة حية .
تحياتي وأمنياتي للصديق والأخ العزيز الشاعر عدنان الرحاحلة على هذا السفر القيم والأبداع الرائع .