الحوار الفلسطيني – رهان مع حمار
وحده الحمار كان مصمماً على أن الحوار الفلسطيني الفلسطيني الذي يجري على الاراضي وتحت الرعاية المصرية سوف يفشل وعلى الرغم من المحاولات العديدة لإقناع الحمار بعكس ذلك إلا أنه ظل متمسكاً برأيه بل وراهن على أن هذا الحوار سيفشل وأنه سيكسب الرهان ، وعندما وصل النقاش إلى طريق مسدود حاول العقلاء احتواء الموقف وتهدأة الأجواء وإبقاء النقاش مع الحمار في إطار عقلاني هادئ على أن يشرح كل طرف وجهة نظره للآخر دون تعصّب وقد اتفق الجميع على ذلك ، وبدأ العقلاء شرح وجهة نظرهم للحمار والتي تؤكد أن الحوار الفلسطيني سينجح وسيتم التوصل إلى اتفاق نهائي بين الاطراف المتنازعة يفضي إلى
مصالحة وطنية حقيقية ودائمة مُعللين ذلك بأن المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني وقضيته تقتضي ضرورة انجاح الحواروالوصول إلى مصالحة وطنيةلمواجهة المخططا ت الصهيونية الساعية إلى تعزيز الانقسام الفلسطيني والاستفادة منه للتملص من أي التزامات سياسية يفرضها عليها المجتمع الدولي للوصول إلى حل الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية مُتذرعين بحالة الانقسام الفلسطيني وعدم وجود شريك فلسطيني في عملية السلام قادر على الوفاء بالإستحقاقات الدولية المطلوبة منه وخصوصاً ضمان الأمن للدولة العبرية وبذلك يكون للحكومة الصهيونية مُطلق الصلاحيات لتستمر في سياسة تهويد القدس وتوسيع المستوطنات الجاثمة على صدر الاراضي الفلسطينية والاستمرار في سياسة الضغط على فلسطينيي الداخل أو كما يُسمون بعرب ال48 في مُحاولة لطمس هويتهم الفلسطينية وتهجيرهم من منازلهم ومصادرة هذه المنازل أو هدمها تحت حجة التراخيص وذلك لإجبارهم على النزوح عن أراضيهم إلى مناطق السلطة الفلسطينية في مسعى لتطهير هذه الأرض من ساكنيها وفرض وجود الدولة اليهوديةكأمر واقع لا يستطيع الفلسطينيون ولا العرب تداركه إلا بع فوات الأوان ، فإذا ما استمر الإنقسام الفلسطيني قائماً في هذه المرحلة فإنه يُحقق للدولة العبرية طموحاتها وهذا يظهر في مُحاولات الضغط الإسرائيلي على طرفي الصراع الفلسطيني لتعزيز هذا الصراع وتعميق حالة الإنقسام وفي نفس الوقت تستمر إسرائيل في تنفيذ مخططات التهويد التي تتسارع خطواتها فتزيد من الحفريات تحت المسجد الأقصى وتُطلق العنان للمتطرفين اليهود في محاولات حثيثة لإقتحام المسجد الأقصى وكذلك تُساعدهم في هجماتهم المستمرة على فلسطينيي الداخل وتساعدهم في توسيع المستوطنات وتبعث إخطارات بهدم البيوت الفلسطينية داخل الخط الأخضر وخصوصاً القدس وهي إخطارات بالمئات مما يُهدد بتشريد آلاف الفلسطينيين من سكان القدس والاراضي الفلسطينية المحتلة عام 48 ، وقد أصبحت هذه السياسة الإسرائيلية واضحة وضوح الشمس وبالتالي صار لزاماً على الفرقاء الفلسطينيين أن يتعالوا على المصالح الحزبية والشخصية وتغليب المصلحة الوطنية العليا والاسراع في التوصل إلى إتفاق مُصالحة يقضي على الخلافات الحزبية ويُعزز الوحدة الوطنية ويُحدد الأهداف والاستراتيجيّات اللازمة لتحقيق هذه الاهداف وُصولاً إلى تحقيق حلم الدولة الفلسطينية وذلك من خلال تشكيل حكومة فلسطينية تضم كل أطياف العمل السياسي الفلسطيني وتكون قادرة على التعامل مع المجتمع الدولي والتصدي بكل قوة للمخططات الصهيونية
خصوصاً بعد الحرب الاسرائيلية على غزة والتي كانت نتائجها كارثية على الشعب الفلسطيني سواء على الصعيد البشري أو المادي .
فلو لم يكون الدافع لإنهاء الخلاف الفلسطيني موجوداً فإن هذه الحرب وما سال فيها من دماء فلسطينية كافٍ لأن يكون سبب قوي جداً يدفع بالفرقاء الفلسطينيين للمصالحة إحتراماً وإجلالاً لهذه الدماء التي احتضنت الدماء التي سالت أثناء الصراع العسكري بين المتخاصمين الفلسطينيين لتتوحد هذه الدماء وتصب في اطار واحد وهو المصلحة الوطنية العليا وواجبها المقدس " تحرير الاراضي الفلسطينية "
وهُنا ضحك الحمار بصوتٍ مُرتفع ثم اعتذر للعقلاء عن سوء تصرفه ولكنه علل ذلك بوجهة نظره التي يُدافع عنها وهي : أن كل ما قيل هوجميل بل ورائع وله كل الاحترام هذا في حا ل كان الفرقاء الفلسطينيون هم من فئة العقلاء ويتعاملون مع الامور بهذا القدر من التفهم والمسؤولية سواء كانت مسؤولية دينية سيُسألون عنها يوم القيامة أو مسؤولية وطنية تجاه قضيّتهم وشعبهم الذي وضعهم في هذه المكانة كي يحملوا هذه الامانة ويسعون جاهدين إلى تحقيق النصر وإقامة الدولة الفلسطينية ولكن!!!!
إذا كان الفرقاء من غير فئة العقلاء بالتالي سيتصرّفون على هذا الأساس فيكون الحوار مجرّد فترة إنتقالية لما بعد الحرب يستطيع خلالها كل طرف منهم كسب الوقت اللازم حتى يتم استيضاح المشهد السياسي العام وخصوصاً بعد فوز أوباما والديمقراطيين في أمريكا وبعد فوز اليمين المتطرف في إسرائيل وتشكيل الحكومة الاسرائيلية من هذه العصابة وعلى رأسها نتنياهو وكيف ستتعامل امريكا واسرائيل مع الملفات العالقة في المنطقة وخصوصاً الملف الايراني والسوري واللبناني ، وبالتالي يتم تحديد المسار الفلسطيني لكل طرف من المتخاصمين حسب ما تفرضه عليه تحالفاته الاقليمية والدوليةوبالتالي سيقوم كل حلف بتحديد دور أعوانه من الفلسطينيين وما هي الطريقة اللازمة لإقناعهم بهذا الدور هل ستكون العصا أم الجزرة ؟؟
وهنا جاء تبرير الحمار للعقلاء عن سبب ضحكته العالية فقال:
كنتم أيها العُقلاء تظنّون أنكم ستكسبون الرهان لأنكم تعتقدون بأنّكم كُثر لكنكم كنتم تجهلون بأن امثالي هم الأغلبية
وبعد أربعة اعوام من الصراع وعام من الحرب آآمن الجميع بنظرية الحمار وللأسف فاز بالرهان.
سامي عفانة – ابو شريف