قراءة في فرص نجاح كيري ومفاوضات السلام
January 23, 2014
جهود جبارة يبذلها وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية جون كيري في منطقة الشرق الأوسط سواء في إنجاح مؤتمر جنيف 2 الخاص بالأزمة السورية، أو عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتمرير اتفاق الإطار.
ويبقى التساؤل المطروح اليوم، هل ينجح السيد كيري في جهوده…؟
كي نصل للإجابة الأقرب للصواب لا بد من تفكيك المشهد، ومن ثم إعادة تركيبه، فاللاعبون الرئيسيون هم إسرائيل، والسلطة الفلسطينية والإدارة الأمريكية، وبعض القوى الإقليمية والدولية.
1- اللاعب الأول هو إسرائيل، وهنا لا بد من الوقوف على مرتكزات الموقف الإسرائيلي من بعض القضايا ومنها (يهودية الدولة القدس اللاجئون – الأرض)، وما هو السقف المسموح أن تلعب به.
فإسرائيل لن تتنازل عن طرح يهودية الدولة، ولن تجد فرصة أفضل مما هو موجود الآن لتضغط على الجانب الفلسطيني للقبول بذلك، كي تتخلص إسرائيل من اكبر تهديد وجودي لها المتمثل بالقنبلة الديموغرافية بشقيها اللاجئين وعرب الداخل.
وبخصوص القدس، فإسرائيل حسمت القدس الغربية، وهي تفرض وقائع جديدة على الأرض بالقدس الشرقية، حيث نجحت في تغيير التركيبة السكانية في شرقي القدس، إذ بلغت نسبة اليهود 40.7′ مقابل 59.3′ للسكان العرب في عام 2010، وبذلك قد تقبل إسرائيل بأن تخضع القدس الشرقية تحت إدارة السلطة الفلسطينية باستثناء منطقة الحوض المقدس، وما تعنيه المنطقة من قداسة للمتدينين اليهود، وبذلك ستكون تلك المنطقة خاضعة للوصاية الدولية.
أما المرتكز الإسرائيلي بخصوص اللاجئين، فهو رفض الإقرار بالمسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية لقضية اللاجئين، وترفض حق العودة، وتدعم تصفية هذا الحق من خلال دعم دولي لتوطين اللاجئين في أماكن تواجدهم، مع إمكانية القبول بأعداد محدودة لا تشكل أي خطر على إسرائيل.
وتبقى الأرض التي تحاول إسرائيل ترسيخ وجودها من خلال المستوطنات المنتشرة في الضفة الغربية، وبذلك قد تستخدم إسرائيل تلك الكتل البشرية التي ازدادت بالآونة الأخيرة في ظل حالة الأمن والأمان التي توفرها أجهزة أمن السلطة بالضفة الغربية، فإسرائيل قد ترفض إخلاء المستوطنات الكبرى، وقد تناور في مفاوضاتها ضمن مبدأ تبادل الأراضي لإقناع الجانب الفلسطيني بالقبول بضم منطقة المثلث ذات الكتلة البشرية التي تصل إلى 300000 فلسطيني للدولة الفلسطينية، مقابل إخلاء بعض المستوطنات الكبرى، أو التنازل عن منطقة الأغوار ذات الموقع الجيواستراتيجي الهام.
2- اللاعب الثاني هو السلطة الفلسطينية، وهي اللاعب الأضعف بالمعادلة ولكن رغم أوراق الضعف التي تمتلكها إلا أنها لن تستطيع تجاوز بعض المرتكزات والثوابت، وأهمها:
سقف التنازل عن برنامج الحد الأدنى الذي تتبناه منظمة التحرير، والمتمثل بدولة على حدود الرابع من حزيران/1967م، وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار 194.
رفض مطلق ليهودية الدولة وضم أية أراض من منطقة المثلث، لما تدركه القيادة الفلسطينية من تداعيات خطيرة على مستقبل القضية.
اللاعب الثالث يتمثل بالإدارة الأمريكية، فهي جادة في تحقيق انجاز على الأرض يضمن لإسرائيل مكاناً ودوراً ضمن خارطة الشرق الأوسط الجديد، ونجاحاً لإدارة أوباما، ولشخص جون كيري وطموحاته السياسية، ولكن لن تستطيع الإدارة الأمريكية الانقلاب على ثوابتها تجاه إسرائيل، وستجنبها أي ضغوط سياسية، وستتعامل ضمن ازدواجية معايير واضحة المعالم تصب في مصلحة إسرائيل وأمنها وبذلك لن تكون وسيطا نزيها.
أما اللاعب الرابع فهم الفاعلون الدوليون حيث تتقاطع رؤاهم في إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أي كان الثمن، وهنا ستمنح الجامعة العربية الشرعية لأي اتفاق يوافق عليه الفلسطينيون.
في ضوء التحليل السابق، نجد أن الفجوة كبيرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفرص تحقيق السلام ضعيفة للغاية، ولكن ما نخشاه هو غياب المؤسسة الفلسطينية القادرة على تحمل تلك الضغوطات ورفضها ووضع الخيارات والبدائل لمجابهتها، فالقضية الفلسطينية تعيش أخطر مراحلها، ومن هنا ينبغي على الكل الوطني تحمل مسؤولياته، والترفع عن كل الخلافات، وإنهاء الانقسام، وتجديد الشرعية السياسية للمؤسسات الفلسطينية، فهي حصان طروادة الذي من الممكن أن يكون الضامن للحقوق والثوابت الفلسطينية، والمدخل لرفض أطروحات كيري من قبل الرئيس محمود عباس كونها تعبر عن الخيار الشعبي بالداخل والخارج.
حسام الدجني
Hossam555@hotmail.com