أبدعت كتائب الشهيد عز الدين القسام على مدار مشوارها الجهادي كثيرا، فأثخنت في العدو الصهيوني وأذاقته ويلات جعلته يندم على اغتصابه لفلسطين، وكانت سببا في تهجير آلاف الصهاينة من أرضنا المباركة.
ولقد تميزت الكتائب بعملياتها الفارقة والنوعية و التي اثخنت الجراح و أوجعت العدو الصهيوني وكان من أبرزها عملية تفجير دبابة صهيونية في حي الزيتون بمدينة غزة في الحادي عشر من مايو في العام 2004م، أودت بحياة ستة من الجنود الصهاينة على الفور وأصابت العديد منهم.
في الذكرى السادسة لهذه العملية البطولية كان لموقع القسام لقاء خاص مع مجاهد صنديد من مجاهدي كتائب الشهيد عز الدين القسام، مجاهد أثخن في العدو وقتل جنوده وأربك صفوفه، إنه المجاهد أبو عمر مفجر الدبابة في حي الزيتون.
بدأ أبو عمر بعد أن حمد الله كثيرا وأثنى عليه بالقول "وما توفيقي إلا بالله"، "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى"، ثم بدأ بسرد تفاصيل العميلة البطولية بوجه مستبشر بنصر الله ويقين منقطع النظير.
وشدد أبو عمر من خلال كلماته الواثقة على المنافسة الشديدة بين المجاهدين في ذلك الوقت، "فالكل يريد أن يقدم في سبيل الله، كلهم أرادوا أن يثخنوا في هذا العدو الجبان".
تقدم للآليات
قال أبو عمر "جاءتنا الإشارة من وحدة الرصد بتقدم بعض جيبات الهمر إلى المنطقة، فتم الاتصال في تمام الساعة العاشرة مساءً على المجاهدين في النقاط المتقدمة وإخبارهم بذلك، ثم تم توزيع المجاهدين حسب الإمكانيات والعتاد".
تابع أبو عمر حديثه.."بعد فترة تمركز جنود الكيان في بيت مقابل عمارة دولة في حي الزيتون، وبدأت الآليات الصهيونية بالتحرك تجاه المنطقة، و مجموعة أخرى تمركزت حتى الفجر عند خط دولة".
بعد أن رأى أبو عمر مشهد الدبابات وهي متمركزة، تقدم برفقة ثلاثة من المجاهدين بتسلل
تحفهم رعاية الرحمن، حتى وصلوا إلى شارع سد لا مخرج له، ونصبوا العبوات الناسفة وبعض المعدات حتى قبيل آذان الفجر.
أجواء إيمانية
تابع أبو عمر قبل الفجر بقليل نوى المجاهدون نية الصيام في سبيل الله، ثم صلينا الفجر في مكاننا في أجواء إيمانية جهادية مميزة، نستشعر فيها منة الله علينا أن جعلنا مرابطين مجاهدين في سبيله على أرض الرباط.
نظر أبو عمر إلينا وحدق بعينيه ثم قال: "مع بزوغ الفجر، ومع أصوات شقشقة العصافير التي كانت بصورة كبيرة في المكان لا يعكر صفوها إلى صوت أزيز الطائرات وجنازير الدبابات التي بدأت تتقدم.
بعد تقدم الدبابات جاءت لأبو عمر إشارة أخرى من وحدة الرصد تفيد بأن أحد الدبابات متمركزة في المكان المعهود والمتفق عليه مسبقا، فاستبشر أبو عمر كثيرا واستعد لمواجهتها.
تفاصيل العملية
يقول أبو عمر: "تمركزت بنية الشهادة بجانب أحد المنازل، ثم رأيت إشعاع فسفوري يخرج من الدبابة يعطي إشارة ما، فحملت قاذف RBGوأخذت وضع الاستعداد لضرب الدبابة واستعنت بالله عز وجل وقلت اللهم أكرمنا بإحدى الحسنيين نصر أو شهادة".
كانت عقارب الساعة في تلك اللحظة تشير إلى 5:40 دقيقة فجرا، لم ينتظر أبو عمر كثيرا أمام صيده الثمين، فضغطت على زناد القاذف، ومن ثم تحولت المنطقة إلى جحيم.
تابع أبو عمر "بعد أن ضغطت على الزناد انفجرت الدبابة انفجارا هائلا، وتناثرت الشظايا في كل مكان مع تعالي أصوت تكبيرات المجاهدين الشاكرين لله على منته وكرمه وتوفيقه".
أصابت بعض شظايا الدبابة المتفجرة أبو عمر في أنحاء مختلفة من جسده، فأصابته إحداها في يده مباشرة فبترتها على الفور.
يقول أبو عمر عن ذلك المشهد "لم يكن مني إلى أن مسكت بيدي وهي تنزف من مكان البتر، وحمدت الله تعالى على ما أصابني، وقلت الحمد لله الذي ابتلاني في سبيله ولم يبتليني في معصية"، وبعدها جاء بعض المجاهدين ونقلوا أبو عمر من المكان، ثم قاموا بإجراء الإسعافات الأولية حتى من الله عليه وتوقف النزيف.
سعادة رغم الإصابة
لم يخف أبو عمر سعادته الغامرة رغم إصابته فقال: "لم تكن صعوبة الإصابة وخطورتها حائلا أمام الفرحة الغامرة، فرغم الإصابة وآلامها الكبيرة إلا أنني كنت في غاية السعادة أن وفقني الله لقتل أعدائه، والثأر لأبناء الشعب الفلسطيني المجاهد من هذا العدو المتغطرس".
وعن توفيق الله ورعايته للمجاهدين في تلك العملية قال المجاهد أبو عمر: "نحن تعلمنا في مدرسة القسام أن الإمكانيات المتواجدة لدينا تساوي صفر، لكن الذي يدعمنا ويوفقنا هو الله عز وجل، فكنا في كل خطوة نستشعر توفيق الله لنا، ورعايته الدائمة".
رفض أبو عمر الاستسلام لإصابته وقال "كانت نيتي في العملية أن أرتقي إلى الله شهيدا، ولكن كتب الله لي الإصابة، فإذا عزم المجاهد الشهادة ثم أصيب تكون عزيمته أقوى على مواصلة الجهاد حتى الشهادة وهذا ما أتمناه في كل صلاة.
مواصلة المشوار
وأكد صنديد القسام أنه تابع عمله في القسام بعد خروجه من المستشفى، حيث نزل إلى الميدان وتابع المجاهدين ولا زال حتى هذه اللحظة، مضيفا "لم تتمكن الإصابة مني، بل كانت حافزا قويا كي أستمر في جهادي وأطأ الجنة بإصابتي بإذن الله تعالى".
وأخذ أبو عمر يقول "لقد علمني الدكتور الشهيد إبراهيم المقادمة حب الجهاد في سبيل الله، وزرع في نفسي حب الإقدام والشجاعة"، وأخذ يردد كلمات تعلمها من المقادمة "الشجاعة لا تقرب الأجل، والجبن لا يؤخر الأجل.
وعن تبني بعض الفصائل لهذه العملية، قال أبو عمر لم يكن هناك أي أحد من الفصائل في منطقة الحدث، واكتفى بالتبسم والقول "ما كان العمل لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل"، وقلت حينها سيثبت التاريخ صدق ما أقول وها هو قد أثبت.
رسائل
وفي نهاية حديثه معنا وجه أبو عمر رسالة إلى مجاهدي القسام الميامين أن بوركتم على جهودكم الطيبة وجهادكم المستمر إلى يوم الدين بإذن الله تعالى، ثم قال "أوصيكم بالاستبسال في القتال، فإن كتب لكم الله الانتصار فقد نلتم إحدى الحسنيين وإن كتب لكم الشهادة فقد سطرتم بدمكم صفحات التاريخ الناصع للشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية.
وتابع: "أنصح إخواني المجاهدين أن يكونوا على تقوى مع الله عز وجل ولا يخشون في الله لومة لائم حتى آخر نفس في حياتهم، فأبناء القسام هم صفوة المجاهدين بإذن الله تعالى".
ثم أرسل كلمات مزلزلة للعدو الصهيوني قال فيها "هم يعلمون أن الإمكانيات الموجودة تفوق كثرا ما كانت عليه في السابق، وأن هناك تدفق كبير للمجاهدين في الميدان يتمنون الشهادة دوما"، واعدا الكيان بمفاجآت كبرى بإذن الله تعالى إذا حاولوا الاعتداء على قطاع غزة الحبيب.
ويستمر جهاد أبناء القسام الميامين وثباتهم في ميدان العزة والشرف والمقاومة، فجعبة القسام لا زالت تزخر بالعمليات البطولية والرجال الرجال، ولا زالت مفاجآته الكبيرة في انتظار الجبناء.
فالقسام أخذ على عاتقه حمل هم الأمة الإسلامية، وتحرير أرض فلسطين من شذاذ الآفاق الصهاينة، فالقسام في الميدان ولم ولن يغادر حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.