الفرنسية: السيسي.. جنرال عنيد انتزع خلال أشهر شعبية جارفة
القاهرة ـ أ. ف. ب:
في بضعة اشهر فقط نجح وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي, الذي يقترب من قصر الرئاسة وتمت ترقيته الي أعلي رتبة في الجيش, في كسب شعبية واسعة لا ينازعه فيها اي سياسي آخر منذ ثورة العام2011 التي اطاحت بحسني مبارك.
وقد اعلنت الرئاسة المصرية ان الفريق اول عبد الفتاح السيسي قائد الجيش ورجل مصر القوي رقي أمس إلي مشير وهي اعلي رتبة في الجيش المصري.
وخلف هدوئه الدائم الذي رأي فيه المصريون دليلا علي الثقة بالنفس, تختبئ شخصية ضابط عنيد خاض من دون ان يهتز مواجهة دامية مع جماعة الاخوان المسلمين, الحركة السياسية التي ظلت لعقود طويلة الاكثر تنظيما في البلاد.
في الواقع كان قراره اطاحة الرئيس الاسلامي محمد مرسي السبب الرئيسي في شعبيته اذ رأي فيه المصريون دليلا علي الشجاعة والاقدام بعد عامين ونصف العام من الاضطرابات.
وحتي منافسيه المحتملين علي مقعد الرئاسة مثل حمدين صباحي يعترفون بأن شعبيته جارفة وبأنه صار بطلا شعبيا.
وخلافا للزعامات التقليدية, لم يكتسب السيسي هذه الشعبية معتمدا علي الخطب الرنانة أو اللهجة الحماسية وانما علي العكس يتحدث دوما بصوت خفيض وبنبرة هادئة ويفضل اللهجة العامية البسيطة علي العربية الفصحي.
في احاديثه الموجهة للمصريين لا يمل السيسي من تكرار ان الجيش المصري ينفذ ما يأمر به الشعب.
وله عبارة شهيرة قالها قبل شهور من عزل مرسي ومازال يرددها في مناسبات عدة: عندما اردتم( انتم المصريين) التغيير, غيرتم, وفي مناسبة اخري قال متوجها الي الشعب المصري انتم نور عيوننا.
صوره الي جوار صورة جمال عبد الناصر تنتشر في التظاهرات وعلي واجهات المحلات. وهو نفسه قال في حوار لم يكن مخصصا للنشر ولكن تم تسريبه انه يتمني ان يكون مثل عبد الناصر.
غير ان قيادات عسكرية مقربة منه تؤكد انه لا يريد استنساخ تجربة عبد الناصر وسياساته وانما يأمل ان يحقق العدالة الاجتماعية التي سعي اليها الرئيس المصري الراحل.
وفي لقاء مع شخصيات عامة وفنانين عقد اخيرا رد السيسي علي من يطالبونه بالترشح للرئاسة قائلا هل انتم مستعدون لاقتسام اللقمة مع من لا يملك قوته وهل ستستيقظون مبكرا مثل رجال الجيش لتبدأوا العمل في الخامسة صباحا؟ في اشارة الي انه يريد توزيعا عادلا للدخل ويدرك في الوقت ذاته ان البلاد بحاجة الي عمل شاق.
ورغم ان الرجل امضي معظم سنين عمره الـ59 داخل ثكنات الجيش المصري الا انه لم يكن في السنوات الاخيرة خصوصا بعيدا تماما عن السياسة.
فعندما كان رئيسا للاستخبارات العسكرية في عهد مبارك, وضع السيسي ما بات يعرف الآن بـ خطة استراتيجية لتحرك محتمل لمواجهة توريث الحكم تحسبا لترشح جمال مبارك للرئاسة, بحسب ما قال عسكري مقرب منه طلب عدم الكشف عن هويته.
وبعد قيام ثورة يناير التي اطاحت بمبارك وقطعت الطريق علي فكرة التوريث, كان السيسي مسئولا عن الحوار مع القوي السياسية, بما في ذلك جماعة الاخوان, فتعرف علي كل القيادات السياسية الموجودة علي الساحة.
والسيسي حذر ويحسب حساباته بدقة, فقبل عزل مرسي بأكثر من اسبوع وتحديدا في السادس والعشرين من يونيو2013 استيقظ الرئيس السابق ومعه قادة جماعة الاخوان ليكتشفوا ان الجيش انتشر منذ الفجر علي كل النقاط الاستراتيجية في القاهرة وعند مداخلها وفرض سيطرته علي الارض بحسب شخصية عسكرية مقربة من قائد الجيش.
اما السبب, بحسب الشخصية نفسها, فهو انه كانت لدي القوات المسلحة معلومات عن تحرك سيقوم به الاخوان يتضمن اعتقالات لاكثر من ثلاثين شخصية سياسية واعلامية فكان لابد من الاستباق.
ويعرف الجنرال كيف يكسب حب المصريين. وهو لم يتحدث اليهم عندما احتشدوا بالملايين في الميادين في الثلاثين من يونيو للمطالبة برحيل مرسي لكنه خاطبهم بشكل غير مباشر عبر مروحيات عسكرية حلقت فوقهم في سماء القاهرة ملوحة باعلام عملاقة لمصر وراسمة قلوبا في السماء.
عندما عين السيسي وزيرا للدفاع منتصف2012 سرت تكهنات بأنه اسلامي الهوي لم تتبدد الا بعد عزل مرسي والحملة الامنية التي استهدفت الاخوان المسلمين.
ويقول المقربون من السيسي انه لم يكن في أي وقت يميل الي الاسلاميين لكنه مسلم متدين يحرص مثل كثير من المصريين علي اداء صلاة الفجر قبل ان يبدأ عمله في الصباح الباكر كما ان زوجته مثل الغالبية العظمي من المصريات ترتدي الحجاب.