‘الشاباك’ خطير
أمير أورن
January 26, 2014
‘قامت شولاميت الوني قبل اربعين سنة في مركز لحظة مصيرية في تاريخ اسرائيل الاتجاه الى السلام أو الى تعزيز الصراع. لاشى اسحق رابين الفرقة آنذاك فتخلى عن راتس برئاسة الوني واستسلم للضغط القومي الديني من المفدال وغوش ايمونيم. وخسر بذلك احتمال تسوية اردنية فلسطينية مع الملك حسين قبل أن تمتليء المناطق بالمستوطنات.
قرأ الجيش الاسرائيلي بقيادة موتي غور ورفائيل ايتان بعد ذلك، الخريطة وساعد المستوطنين. وكان ذلك احيانا كما وثق في السيرة الذاتية لأحد مهندسي المستوطنات وهو ماتي غوبلز، بتقديم مروحيات لنقل مبان الى اماكن بديلة. وحينما أراد الجيش أن يُفشل انسحابات من اجل التسويات جُند ضباط استخبارات كانوا يُبينون لماذا لا يجوز التخلي عن قمم جبال ما لأنه يمكن عليها فقط استعمال محطات انذار. وكانت تلك ذريعة شفافة، ومصطلحات فنية لخدمة تصورات سياسية. وقد نقض ضابط استخبارات رئيس آنذاك، هو العميد دوف تماري، نقض ذلك وبرهن على أنه يمكن أن يوجد بديل عن ذلك اذا أرادوا فقط. فالسياسة هي التي يجب أن تملي البحث عن الوسائل لا العكس.
اليوم، يتجنب رئيس ‘أمان’، اللواء افيف كوخافي، ورئيس قسم البحث، العميد ايتي بارون، تهيئة التقديرات الاستخبارية بحسب ما يرضي بنيامين نتنياهو المتحمس للهجوم على ايران (التي تبعد سنتين على الاقل عن القنبلة الذرية كما تقدر ‘أمان’) والتهرب من تسوية مع الفلسطينيين بحسب خطة اوباما وكيري. فاجراءات العمل وما ينتج عنه في ‘أمان’ أساسية غير منحازة. والاختلافات الفنية بين ضباط البحث يتم توضيحها وابرازها الى السطح ويؤتى بها ليطلع المستوى المسؤول عليها.
إن ‘أمان’ تخضع لثلاثة أسياد رئيس هيئة الاركان ووزير الدفاع ورئيس الوزراء وليس ترفيع رتبة العاملين فيها خاضع لموافقة نتنياهو. وليس الامر كذلك في مجلس الامن القومي الذي يفترض أن يعطي نظرة من اعلى، لكن رئيسه الحالي يوسي كوهين يطمح علنا الى أن يحظى من نتنياهو في غضون سنة ونصف برئاسة الموساد.
إن الوضع في ‘الشباك’ هو الاسوأ، ‘الشباك’ الذي أصبح في السنوات الاخيرة ‘جهاز ذوي القبعات الدينية’. لأن ثلاثة من اصحاب المناصب الارفع الاربعة جاءوا من خلفية دينية ويظهرون تأييدا للتصور الذي يعارض مصالحة سياسية مقرونة باخلاء مستوطنات. إن موتي ورفول العلمانيين من الجيش الاسرائيلي في سبعينيات القرن الماضي، بعثا حيين في ‘الشباك’ في شخصي يورام كوهين السلبي الانطوائي، ونائبه النشيط المُجد ر. وارث التاج أو القبعة الدينية ورئيس القسم العربي الايراني، م.
برغم غليان داخلي صامت، اصبحت قيادة المنظمة العليا تصوغ على صورتها اجراءات البحث والتجنيد والترفيع. وهذا نموذج يحتذي عليه المديرون في المستويات الوسطى. وأضيف الى التقدير السنوي لمن يعمل في ‘الشباك’ سؤال تعسفي يثير عدم وضوحه الغضب وهو: ‘هل يعمل بحسب منظومة قيم صهيونية’. امتلأ ‘الشباك’ بعاملين متدينين تفوق نسبتهم فيه نسبتهم من السكان. وتفضل بنات متدينات في الخدمة الوطنية على جنديات علمانيات في التعيين لمناصب استخبارية مثيرة للاهتمام، وتبقى كثيرات منهن في ‘الشباك’ بعد انتهاء مدة التطوع.
يستطيع ‘الشباك’ أن يتملق نتنياهو المسؤول الوحيد عنه الذي يعين بالفعل العاملين فيه، في قناتين الاجراء والمضمون. فهو يستطيع أن يحكم على التفاوض باحتضار بطيء اذا فُصل موقفه من مادة الامن على الارض وقت التسوية ليصبح مئات التحفظات التفصيلية التي يمتد البحث فيها سنين؛ وهو يستطيع أن يُسمع، جهرا ايضا تحذيرا عاما شديدا مما قد يحدث على إثر الانسحاب (وأن يخفي الكلفة الامنية للامتناع عن التسوية). فمن الذي يتجرأ على أن يواجه تحذيرات ‘الشباك’ ما بقي نتنياهو يتبناها. وحينما يريحه الامر كما كان الحال في قضية جلعاد شليط فانه يتجاهلها مستعينا باستطلاعات الرأي العام.
إن ‘الشاباك’ هو ورقة اللعب السرية الاشد خطرا التي يحفظها نتنياهو في جيبه لنضاله النهائي في مواجهة اوباما وكيري. إن هذه المنظمة التي تُحسن مكافحة الارهاب قد تسبب ضررا سياسيا اذا تجاوزت مجالها واذا وجهت التقديرات السياسية والشخصية اجراءات كبار قادتها. إن ‘الشباك’ قد يصبح الاستخبارات التي تُحبط السلام.
هآرتس 26/1/2014