يتنفس سخونة التراب المقدس..ويتنفّس مع حباته رائحة الدم والانتظار
بقلم: خضر صبح
رابطة أدباء بيت المقدس
****...
هو ذا لطفي الياسيني ابن الدم والدم..ابن الغضبة وهبة الغضب..سليل الفرسان ووارث الانبياء ..وصوت الحق لابن الحق والحرية..لطفي الياسيني وشاعر دير ياسين...
من جوف الصمت اشتعل صوته المتحشرج بالنداء، وتوالت من الفم الغاضب ثلّة من الأسماء، كان يناديهم! يصرخ بأسمائهم ويطالبهم بالمجيء، كان يدعوهم ليكونوا جزءا من ذاكرة المكان، ورائحة التراب..
يقول أشياء قد يصعب فهمها لكنها تحمل شوكها لكل الصامتين بذلهم!
كلماته القهر..
يتنفّس سخونة التراب وبه شوق لحضنه!
يتحسّس أضلع زيتونته ويضمّها إليه، وقد توارت من أمامه الصور واختفت مع النور الظلال..
أرواح أبنائه التي صارت تشيخ وتتجاوز أحزان عمره..
وأسئلة أحفاده الذين أراد أن يعلّمهم كيف يتشبّثون بالتراب، فعلّموه كيف يحلم!كان يحذّر حاملي النار من رياح العدل وهي تبحث عن الأيدي التي ما انفكّت تزرع في عيون المؤمنين الحريق..
كان يهذي بملامح القدس وهي تتوسّد كفّ طفل فلسطيني القلب والعينين.. يستحضر ضحكاتهم، يتلمّس بعينيه سلاحهم، وأرواحهم تثمر بالجهاد.. هنا كانوا! وهنا في ظلّ زيتونته المذبوحة رسموا النهار، فانهار في عتمة الزنزانة الوعد بالتقدّم، واشتدّ الحصار..
كان يهذي، ويبكي.. وكان يصرخ!
وكانوا من خلف القضبان أسرى يلوّحون للوعد!
خبزهم الانتظار،
وماؤهم صمود الناس من أمامهم،
وقد أمسك بزمام القافلة من لا يملك أن يوجّه سيرها، وقد اختار مسكوناً بالعتمة أن يمضي فرداً..
هو ذا ابن المذبحة من جديد يضج بكلماته ، وتنفّس مع حبات التراب رائحة الدم والانتظار..
انظر - انظر إليهم ايهم يا ابن دير ياسين ..
يا حاملا هم المذبحة ! إنهم يغادرون!
دم البلد المقدس اخافهم أخافهم!
واليوم تخيفهم كلماتك !
إني أسمعك كل يوم تؤذن لصلاة لا تنتهي! فانظر إلي لترى كم يلزمني من العمر لينحني صوبي الرصاص، فتهتز الأرض لدمي وتنحني.. انظر إلي يا أبي!
يا ابن دير ياسين..ويا من اخترنا لتكون شاعرنا وشاعرها.. اعرف وتعرف بأن الزمن لا يعود إلى الوراء!!
ولا أظن اليقظة آتية إلا بمزيد من الطرق على الرؤوس..
وبمزيد من الدم!
اللهم اهد من ضلّ طريقك! وأحي بالجهاد المسلمين[/SIZE]