لطفي الياسيني معلومات إضافية
الأوسمة : المشاركات : 80135 نقاط : 713946 التقييم : 313 العمر : 118 | موضوع: ‘ذاكرة لا تصدأ‘ تستضيف الثمانيني عبد الهادي السبت 22 فبراير 2014 - 0:28 | |
| ‘ذاكرة لا تصدأ‘ تستضيف الثمانيني عبد الهادي تتبعت الحلقة الحادية والعشرين من برنامج ( ذاكرة لا تصدأ)، لوزارة الإعلام واللجنة الشعبية للخدمات بمخيم الفارعة، التفاصيل الصغيرة لقرية صبارين في قضاء حيفا، عبد القادر حمد عبد الهادي
ورسم الثمانيني عبد القادر حمد عبد الهادي، أحياء قريته ومزارعها وينابيعها ومدارسها وطرقاتها وما يختزنه من تفاصيل لحظة الاقتلاع منها. يقول: "كانت بلدنا في الجنوب الشرقي لحيفا، وتبعد عنها 28 كيلومترا، وفيها نحو ألفي نسمة، وتقع على جانبي وادي التين، الذي يمر من شمالها إلى جنوبها، وتربطها طرق فرعية بحيفا على البحر، وبجنين بالطريق الساحلي. وكنا البلدة الوحيدة التي فيها باص ينقل الركاب إلى حيفا، وكان يملكه عبد القادر الصالح، ولونه أبيض، ويغادر صباحاً ويعود بعد الظهر". ووفق الراوي، فقد "رافق والدته حين مرضها إلى مستشفى حمزة (رمبام اليوم)، وكان يخاف من الجنود الإنجليز، ويختفي منهم وراء أعمدة المستشفى، ولم يكن يذهب إلى البحر إلا في مناسبات قليلة، لكنه لا زال يتذكر ملامح المدينة، وجبل الكرمل العالي".
بنك أسماء يسرد أسماء أراضي القرية، التي تجاوزت الخمسة وعشرين ألف دونم: "وادي الخضير، والمخّبة، والدمانية، وسدر القهوة، وعين الحجة، والمشراع، والنحلة، وواد السد، ووادي الخضيرة، أما عيون الماء التي كانت تكثر في صبارين، فجرماشة، وسدر القهوة، والدمانية، ووادي الخضيرة، وبير جاسر، وغيرها. بينما استخدمنا البئر المقام على رأس قناة رومانية للشرب، وكان به أربع فتحات ( كنا نسميها روزنا)". وحسب عبد الهادي، "كان أهالي صبارين يزرعون القمح، والشعير، والحمص، والعدس، والسمسم، والذرة البيضاء، والذرة الإفرنجية، والفول، والبطيخ، والشمام، وانتشرت فيها 3 ساحات لفصل القمح والشعير من قشورها، وكانت تسمى( بيادر)، واحد لابن الحاج محمود ورشاد عبد الوهاب، والثاني لخليل الدقش، وإبراهيم الأمين، فتتقل الحنطة على الجمال للموقع، وتمشي عليها الخيل المربوطة بلوح خشبي به فتحات من الأسفل مرصعة بالحجارة السوداء، إلى أن تصبح ناعمة، ليجري التخلص من القش الخشن ( الكسرات)، فيما يتم فصل القش عن القمح بغربال، ثم تنقل المحاصيل إلى الخوابي، وهي أماكن مبنية من الطين أو الصفيح، ومغلقة من الجوانب الأربعة، وفيها فتح علوية كبيرة ، يُصعد لها بسلم خشبي لتخزين المحصول ( وبعضهم استعملها لتخزين التين المجفف أو القطين)، وفتحة صغيرة من الأسفل لإخراج كميات صغيرة منها حسب الحاجة. بينما يجري نقل التبن إلى غرف كبيرة تسمى ( متبن)، وفيها فتحة للتخزين من الأعلى، وفتحة جانبية لتزويد الدواب بها عند الحاجة". ويقول: "كنا نُربي الأغنام والجمال والبقر، وكانت أمي تصنع السمن والزبدة والجبن واللبنة، وفي أيام الحصيدة كنا نأكل البحتة( الأرز بالحليب)، والهيطلية، وفي بعض المواسم نشتري زنبيل ( وعاء كبيرا) عجوة. ولم نكن نشتري غير الملابس، وكانت أرضنا تنتج كل شيء".
ذكريات مدرسية ويروي: "درست حتى الصف الرابع، وكانت مدرستنا تضم أربعة صفوف، فيما سبقتها مدرسة غير رسمية للشيخ محمود. ودخلت مدرسة الشيخ وأنا ابن 9 سنوات، وكنا نتعلم اللغة العربية والحساب والقرآن الكريم والتاريخ والجغرافيا والزراعة، وكان المعلم يكتب على لوح التنك بالفحم. وحينما فتحت المدرسة الرسمية أبوابها، نقلوني إلى الصف الثاني لكبر سني، ولكن بعد أسبوع طلب مني المعلم أن أكتب على اللوح الرقم 250، فلم أعرف، وأعادني مرة أخرى للصف الأول". وفق رواية عبد الهادي، فقد "كان في المدرسة أربعة أساتذة هم: سلمان الدرزي، وسهيل، وماجد، وأبو مصطفى. أما المسجد فكان خطيبه وإمامه الشيخ إبراهيم النعاني، والمسحراتي أسعد الناطور". يضيف: "كانت في صبارين عائلات كثيرة، اذكر منها الحج محمود، وعبد الهادي، وعبد الله، والدعمة، والطوير، وأبو لبدة، وأبو طبيخ، وأبو حسن، والملاح، والدكش. أما المختار فمسعود عبد القادر الحاج، والحداد يوسف لاوين، والنجار سليمان السلمان، وكانت المطحنة لأبو إلياس وأبو رسلان. أما الطبيب فكان ألمانيًا، ويعرف بعض العربية، وخلال الثورة أطلق النار على اليهود".
حكايات من وجع! ويرسم عبد القادر حمد محمد عبد الهادي، الذي أبصر النور في آذار عام 1932، "مشهد اليوم الأخير لصبارين القريبة لحيفا، حينما طوقت القوات الاسرائيلية البلدة من جهة جبل اللبيدة، وراحت تهاجمها مع أم الزينات والكفرين والسنديانة". يضيف: "حفر أخي محمد قرب البيت خندقاً، وأراد أن يدافع عن الحي، لكن أخبار القصف للقرى المجاورة بالطائرات، جعلت والدي يخاف عليه، ولم يسمح له بالبقاء وحيداً، وبعدها احتجزت القوات نساء القرية اللواتي لم يخرجن، ووضعتهن تحت شجرة خروب، وقتل بعضهن". مما لا ينساه عبد الهادي، "كيف أن منزلهم بقي على حاله، ولم يأخذوا أي شيء منه، فقد كانوا يربون سبع بقرات و35 رأساً من الأغنام"، كما لا تغادر ذاكرته حين "خرج للعمل في أرضه بخلة عبيد، وطوقتهم كتيبة اسرائيلية، فهرب أخي محمد للاحتماء خلف رجم حجارة، ولم يكن يحمل سلاحاً، ففروا جميعاً، وانبطحوا أرضاً". وكان عبد الهادي هاجر قبل أمه من صبارين، وقاد قطيع الغنم والبقر للعائلة، فمر من معاوية، ثم عارة وعرعرة، فأم الفحم، وصولاُ لعانين، إلى أن استقروا في اليامون 22 شهراً، ثم غادروا للفارعة، والغريب أن العائلة أرسلت ما تملك من دواب لسيريس المجاورة، ولم تستطع أن توفر لها الماء، أو تجد مكاناً لإيوائها. وينهي بقصيدة طويلة، كتبها حين كان يحيي بعض الحفلات الشعبية بالمخيم قبل سنوات، تفوح حنيناً لقريته، ومنها: "لأكتب كتابي لصبارين وأوديه، هي اللي سلبت عقلي وشدني هواها، من ماء أنهار صبارين يقطرن قوافي، ومن مفجّر عيونها رشوا مياها..." بدوره، قال منسق وزارة ا.لإعلام في طوباس عبد الباسط خلف، إن "(ذاكرة لا تصدأ)، يسعى إلى كسر النمطية السائدة في التعاطي مع النكبة، وإلى عدم حصرها في ذكراها بأيار كل عام، وتقديمها بقالب إنساني من وحي الروايات الشفوية للشهود على مرها المتواصل، وهي بمعظمها لا يعرفها الجيل الجديد، في وقت يتناقص حراسها بالموت". فيما أكد نافز جوابرة من اللجنة الشعبية للخدمات، أن "الحلقات السابقة عالجت الكثير من ملامح الحياة والظواهر الاجتماعية، وهي اليوم تعيد بناء القرى المدمرة بروايات محكية".
| |
|