تقرير حقوقي يثبت نية جنود الاحتلال قتل القاضي زعيتر
رام الله -
دوت كوم - محمد ابو الريش - اصدرت مؤسسة الحق لحقوق الانسان تقريرا دقيقا حول استشهاد القاضي الاردني رائد زعيتر برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي على نقطة التفتيش والأمن الأولى في معبر الكرامة (جسر أللنبي) بتاريخ 10 اذار (مارس) 2014.
وخلص التقرير إلى انه كانت هناك نية واضحة بالقتل لدى جنود الاحتلال، إذ كان بإمكانهم التعامل مع احتجاج القاضي رائد زعيتر على إهانته وسوء معاملته من قبل الجندي بأي طريقة أخرى بما فيها اعتقاله، كما كان واضحا للجنود بأنه لا يمتلك أي شيء قد يهدد ويعرض حياتهم للخطر، خصوصاً وأنه كان يبعد عنهم لحظة إطلاق النار عليه أكثر من ثلاثة أمتار، كما كان قبل ذلك متوقفا بالقرب منهم ما يعني بأنهم على معرفة ويقين بأنه لا يشكل خطرا ولا يحمل أي شيء قد يثير الشبهة والريبة أو يهدد حياتهم.
ويقول التقرير: "لو سلمنا جدلا بأن القاضي رائد زعيتر قد شكل خطراً فعليا لحظة نهوضه عن الأرض، فقد كان بإمكانهم إطلاق رصاصة نحو ساقه لتعطيل حركته وليس إطلاق أربع رصاصات نحو منطقة الفخذين والحوض، خاصة أنها من بندقية اوتوماتيكية ومن مسافة قريبة جدا".
وذكر التقرير "أن إطلاق أكثر من جندي بذات الوقت للرصاص نحو الضحية دون تحذير مسبق كما هو مقر ومعمول به استناداً لمدونات إطلاق النار واستخدام القوة من قبل المكلفين بإنفاذ القانون، يؤكد على مدى استهتار الجنود بأرواح المدنيين، وعلى وجود تعليمات تسمح للجنود بالقيام بمثل هذا التصرف".
وأضاف: "لقد تأخرت الطواقم الطبية للضحية، حيث وصلت بعد نحو 20 دقيقة، رغمها وجود هذه الطاوقم على المعبر، الأمر الذي يعني لامبالاة من قبل سلطات الاحتلال والقائمين على المعبر حيال مصير الضحية". وأشارت إلى أن هذه الطواقم تركت الضحية ينزف حتى الموت.
وتابع التقرير: "إن إدعاء الجانب الإسرائيلي بعد مقتل القاضي زعيتر بأنه حاول نزع سلاح أحد الجنود على المعبر، والادعاء أيضا بأنه (الضحية) حاول الهجوم على جنود الحراسة بقضيب حديدي، ناهيك عن الادعاء بعطل كاميرات المراقبة على هذه النقطة الأمنية المهمة، يؤكد سعي سلطات الإحتلال لتحصين جنوده والعمل على عدم مساءلتهم وضمان إفلاتهم من المسؤولية والعقاب، كما تؤكد هذه الإدعاءات الفورية على نهج التبرير لتصرف جنود الاحتلال، وليس على نهج العدالة وكشف الحقيقة والمساءلة عن هذا الانتهاك".
وكانت مؤسسة الحق انتهت من جمع وتدوين ودراسة مختلف الوقائع والمعلومات والشهادات التي قام فريق بحث المؤسسة الميداني والقانوني بجمعها عن ظروف وملابسات استشهاد القاضي الاردني رائد علاء الدين زعيتر برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي على نقطة التفتيش والأمن الأولى في معبر الكرامة (جسر أللنبي)، حيث تم جمع العديد من الإفادات لشهود العيان الذين رافقوا الشعيد زعيتر بالحافلة، وكانوا قريبين منه لحظة إطلاق الرصاص عليه، فضلا عن التقييم والتحليل والفحص لمكان ارتكاب الجريمة الذي يعلم عنه باحثو المؤسسة جيداً.
واعلنت المؤسسة في بيان رسمي النتائج والخلاصات التي توصلت إليها بناء على مجموع الإفادات والشهادات والمعطيات التي حصلت عليها، والتي تم تمحيصها وتدقيقها بموضوعية ودراستها وتحليلها بخبرة وموضوعية وتحليل قانوني امتلكته المؤسسة من خبراتها المتراكمة في مجال الرصد والتوثيق، لتصل في النهاية إلى تصورها وتقديرها لمجموعة من النتائج الموضوعية المتمثلة بالوقائع والملابسات التالية:-
نحو الساعة 8:30 وصلت الحافلة التي يستقلها القادمون إلى الأرض الفلسطينية المحتلة من نقطة المغادرة على الحدود الأردنية الفلسطينية إلى محطة التفتيش الإسرائيلية الأولى قرب مياه نهر الأردن، حيث توقفت الحافلة بمحاذاة ساحة صغيرة محاطة بسياج حديدي وفيه مدخليّن، وحينها طلب جنود الاحتلال من القادمين النزول من الحافلة دون حمل أي متاع مهما كان حجمه ووصفه، إذ يحظر على الركاب في هذه المحطة إنزال أي متاع كان بما فيها حقائب اليد للسيدات، وحينها يصعد أحد الجنود لفحص الحافلة وبعد هبوطه يسمح للمسافرين بالعودة مجددا إلى الحافلة.
عند تفتيش الحافلة يتواجد جنديان مسلحان أو أكثر لمراقبة المسافرين ويكونوا على مسافة تتراوح بين ثلاثة أو خمسة أمتار من المسافرين كما توجد حجرة بجانب ساحة انتظار الركاب يتواجد بها أيضا بعض الأفراد من أمن الإحتلال.
عند السماح للمسافرين بالعودة إلى الحافلة، بدأ الركاب بالصعود إليها وكان يقف القاضي رائد زعيتر قرب مقدمة الحافلة وكان هناك شخص آخر أيضا يقف بالقرب من الباب الخلفي للحافلة، وكانا يدخنان السجائر، كما كانت هناك سيدة مع طفلها تنتظر انتهاء طفلها الآخر من استخدام مرافق المياه، بحيث كان الثلاثة إلى جانب الطفلين آخر الركاب المتبقين من مجموع ركاب الحافلة، علما بأنه في هذه المحطة الأمنية الأولى اعتاد المسافرين على استغلال فترة تفتيش حافلاتهم للتدخين كونه ممنوع داخل الحافلة وفي نقطة المغادرة الأردنية، ولهذا وضعت قوات الاحتلال أكثر من مكان مخصص لإطفاء السجائر.
عندما أصبحت السيدة بمحاذاة باب الحافلة وعلى بعد نحو متر واحد من القاضي رائد زعتير الذي كان قرب مقدمة الحافلة دفعه الجندي الذي قام بجولة التفتيش في الحافلة، لتأخره عن الصعود، فرد القاضي بدفع الجندي عنه وتعارك الجندي والمسافر للحظات وقوفاً.
مباشرة اقترب جنديان آخران في الموقع من الجندي الثالث وقام ثلاثتهم بدفع القاضي زعيتر إلى جهة الشارع أمام الحافلة ثم تراجعوا خطوتين، وبعد أن نهض القاضي عن الأرض اخذ بالصراخ وكانت يداه مرفوعة للأعلى ويصرخ متذمراً من إهانته وتقدم باتجاه الجنود.
في هذه اللحظة وكما أفاد شهود العيان صوّب الجنود أسلحتهم باتجاه القاضي الذي كان يبعد عنهما ما بين 3 -4 أمتار تقريباً، وسمع إطلاق رصاصة واحدة تلتها ثلاث رصاصات أخرى نحو القاضي الذي اهتز جسده من الرصاص وكان يتراجع عند إطلاق النار عليه حيث سقط على الأرض.
في هذه اللحظات قام سائق الحافلة بالدخول إليها وإغلاق الأبواب، بعد فترة قليلة، تقدم أحد الجنود الإسرائيليين من سائق الباص الأردني وطلب منه إبلاغ المسافرين بالنزول من الحافلة الواحد تلو الآخر وبدأ المسافرون بالنزول، وتم إجبار الرجال والشبان على الانبطاح على الأرض ووجوههم نحوها، وتم إجراء تفتيش جسدي لكل المسافرين على الحافلة وتم تفتيش النساء وقوفا كما تم تحسس أجساد الفتيات ولا سيما الأرجل وأحياناً كان يطلب من السيدات فتح الجاكيت، وقد نزل كافة الركاب لإجراء التفتيش بعدها أمر الجنود الركاب بالصعود مرة ثانية إلى الحافلة.
خلال هذه المرحلة كانت جثة القاضي رائد زعيتر ملقاة على الأرض ولم يقترب أي شخص من الإسرائيليين منها لمعاينتها أو فحصها ومعرفة مصيره.
بعد عدة دقائق عاد الجنود وطلبوا من ركاب الحافلة النزول مرة أخرى والتوجه نحو البوابة الحديدية (المقابلة لنقطة تفتيش الدخول الأولى التي تم فيها إطلاق النار على القاضي زعيتر) وهي البوابة الحدودية التي يتجه المسافرون من خلالها إلى الأردن خارجين من جسر "أللنبي"، وأمر الجنود سائق الباص بالرجوع 20 متراً تقريباً، عن مكان وقوفه.
في تلك اللحظات كما افاد شهود عيان، حضرت تعزيزات شرطّية وجنود إسرائيليين إلى المكان، ومسعفون يرتدون الزيّ الأبيض، وشوهدوا من قبل المسافرين يقومون بمحاولة إسعاف القاضي زعيتر الملقى على الأرض وذلك من خلال الضغط على صدره، ثم قاموا بلف الجثة بالقصدير.
بعد حوالي ساعة تقريباً من لحظة إطلاق الرصاص على القاضي زعيتر طلب أحد الجنود من الركاب أن يتقدم كل 5 أشخاص على انفراد لكي ينقلوا حقائبهم بعد تفتيشها لحافلة أخرى، وأثناء قيام أحد شهود العيان بفتح حقائبه وتفتيشها حضر أحد ضباط المخابرات الإسرائيليين وسأله عن حقيقة ما جرى، حيث أبلغه الشاهد بما جرى وأنه وقعت مشاجرة بين القاضي والجنود تطورت لعراك ليتم في النهاية إطلاق النار على القاضي زعيتر من قبل الجنود الإسرائيليين.
بعدها تراجع الجنود عن إجراء تفتيش لكافة الأمتعة والحقائب وطلب من بقية المسافرين نقل حقائبهم من الحافلة الأولى إلى الحافلة التي حضرت، حيث صعد كافة المسافرين للحافلة الأخرى، فيما كان "جيب عسكري" يقف أمامها وجيب آخر خلفها وتوجهت الحافلة إلى صالة الاستقبال المخصصة للقادمين من الأردن في داخل جسر أللنبي الإسرائيلي.
بعد أن قام المسافرين بنقل حقائبهم من الحافلة الأولى للحافلة الأخرى صعد أحد الجنود وسأل المسافرين فيما إذا كان أحد منهم قد نسي حقائبه. وطلب الجندي منهم (المسافرين) النظر عبر زجاج الحافلة على الحقائب المتبقية، وبعد أن أكد المسافرون أن تلك الحقائب ليست لهم.
بعدها تحرك المسافرون نحو نقطة المعبر وأخذوا في إتمام إجراءات دخولهم إلى الأرض الفلسطينية المحتلة، بعد سماع أقوالهم من قبل الجانب الإسرائيلي.