هل تستطيع امريكا انقاذ الصفويين في العراق ؟ 3
Share on facebook Share on twitter
شبكة ذي قـار صلاح المختار
بكل وضوح وبلا اي تردد اعلنت السفارة الامريكية في العراق رسميا يوم الثلاثاء 22-4-2014 على لسان مايكل بدناريك رئيس مكتب التعاون الامني التابع للسفارة الامريكية بان امريكا تواصل دعم الحكومة الصفوية في العراق بكافة انواع الدعم ضد الشعب العراقي ، وكشف عن تقديم واشنطن ( متطلبات طارئة ) لمعركة الانبار منها 14 مليون قذيفة وطلقة وسبعة الاف نوع من الاسلحة المختلفة، مؤكدة ان هذا الدعم ( سيبقى وسيستمر ) .
لماذا لا اضع علامة استفهام بعد هذه المعلومة ؟ ببساطة لان الامر طبيعي ومتوقع بالكامل ، لعدة اسباب منها ان امريكا اختارت دعم هذه الحكومة التابعة لايران كليا دون غيرها لانها تستطيع واكثر من اي طرف اخر الحاق الاذى والدمار بالعراق شعبا ووطنا وبمستوى يعجز اي طرف اخر عن تحقيقه ، فهذه الحكومة هي الاداة الطبيعية الاكثر ملائمة لاكمال مخطط تدمير العراق الذي بدأته امريكا بشنها سلسلة حروب عليه ، بواسطة ايران في عام 1980 ، او بقوتها الذاتية مع حلفاء لها بلغ عددهم حوالي 40 دولة منذ عام 1991 وحتى نهاية عام 2011 تمهيدا لتقسيمه والغاء هويته الوطنية والقومية بعد تغيير تركيبته السكانية الاصلية .
هل هذا الدعم يثير القلق ؟ نعم اذا نظرنا الى الجانب الانساني فهذا الدعم العسكري الضخم سوف يزيد من ضحايا العراق المدنيين ويوسع نطاق الدمار العمراني ، ولكن على مستوى ستراتيجي فان هذا الدعم واي دعم اكبر منه سوف لن يغير مجرى الصراع في العراق والذي تقرر بصورة ثابتة وليس بامكان احد تغييره غير الثوار من ابناء العراق . ما هي اسباب هذا الجزم ؟
1 – للتذكير فقط وكي لاننسى الامس القريب فان امريكا بكل ما تملك من اسلحة متطورة ، بعضها استخدم لاول مرة اثناء غزو العراق ولم تعرف طبيعته الكاملة حتى الان مثل القنابل التي حسمت معركة المطار ، فشلت في تحقيق النصر على المقاومة العراقية وعلى شعب العراق العظيم . وايضا نذكّر بان امريكا التي تعد المصدر الاول للسلاح في العالم وصلت مرحلة نفاد مخازنها من السلاح والعتاد فاضطرت لشراء عتاد من دول اخرى لسد النقص الحاصل في ذخيرتها في العراق نتيجة حدة وشراسة المعارك التي دارت بين امريكا والمقاومة العراقية .
اذن امريكا بكل قدراتها التسليحية عجزت عن قهر شعب العراق ومقاومته الباسلة ، فهل يمكن بجزء بسيط جدا من تلك الترسانة العسكرية تحقيق النصر على المقاومة في كل العراق والتي اشتعلت ثورتها المباركة منذ مجزرة الحويجة ؟
2 ان جيش الحكومة العميلة ليس جيشا بالمعنى الدقيق لمصطلح جيش بل هو عبارة عن ميليشيات دمجت بما يسمى الان جيشا ، لذلك فانها تبقى ميليشيات بحكم تكوينها الاصلي تربويا ونفسيا ، وهذه الحقيقة تجعلها تفتقر الى :
أ- القيم الاخلاقية ، لانها جيش حرامية لا يكتفي بقتل النساء واغتصابهن بالاضافة للرجال والاطفال بل يسرق ما يجده في بيوت الضحايا .
ب- ويفتقر للروح الوطنية ، لانه جيش طائفي وتابع رسميا وفعليا للعدو التاريخي الاكثر شراسة للعرب وهو ايران .
ت- ليس لهذا المسمى جيشا نظام الجيوش ومنه العقيدة العسكرية تدريبا وانضباطا وقدرات . بل ان هذا الجيش الميليشياوي لا يشبه المليشيات الاخرى في العالم فالميليشيات التابعة لايران في العراق عبارة عن حثالات متخلفة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، ولو قورنت بميليشيا حزب الله اللبناني ، وهي ايضا تابعة لايران ، لرأينا فرقا هائلا فالاخير ميليشيا مدربة تدريبا راقيا وتحولت الى جيش حقيقي تدريجيا ، وهذا ما اثبتته الحرب الاهلية السورية حيث لعبت هذه الميليشيا الدور الاكثر حسما في بقاء نظام اسد وانقاذه من انهيار حتمي كما اعترف حسن نصر الله .
فهل ( جيش ) بهذه المواصفات يستطيع تحقيق نصر عجزت عن تحقيقه امريكا بذاتها بعظمتها وبتقدمها التكنولوجي وبامتلاكها اقوى جيش في العالم ؟ الجواب واضح وقدمته ساحات معارك الانبار ونينوى وصلاح الدين وديالى وبابل في الشهور الثلاثة الماضية ، فقد شهد الجميع كيف ان هذا الجيش المزعوم كان ما ان يبدأ هجوما حتى تبدأ عمليات الفرار والانهيار تحدث بسرعة كبيرة جدا ، ولتسهيل الهرب يرتدي افراده دشداشة تحت اللباس العسكري .
3 - اذن ما الهدف الامريكي من تزويد حكومة الصفويين بهذه الكميات الضخمة من السلاح ؟ ليس سرا ان الهدف المباشر هو منع حسم الصراع في العراق بسرعة وتعمد ادامته كي يسقط اكبر عدد ممكن من العراقيين بين قتيل وجريح ومشرد ، من جهة ، وتدمير اكبر مساحة ممكنة من العمران من جهة ثانية . فامريكا تعرف اكثر من غيرها بان ما يسمى بالجيش غير مؤهل لخوض معارك مع مقاومة مدربة تدريبا عاليا ومعبئة تعبئة وطنية وعقائدية عميقة وفاعلة جدا ، لكن امريكا تريد له ان يشتبك في معارك من اجل سقوط اكبر عدد ممكن من القتلى من الجانبين لان ذلك قد يجر الى ثأرات لاحقا تخرب النسيج الاجتماعي وتفككه وتمنع عودة العراق متلاحما كما كان قبل الغزو ، بالاضافة الى مواصلة تدمير ما تبقى من عمران .
4 – الدعم العسكري الامريكي للجيش الميليشياوي هو رسالة للحكومة العميلة ولايران تقول : واصلوا الحرب ضد شعب العراق ونحن ندعمكم ، والهدف الواضح هو سحق العراق وتجريده من اي امكانية لمدة نصف قرن على استعادة القوة والعافية . لكن هذه الرسالة تنطوي على امر اخر بعيد المدى وهو ان هذه الكميات من الدعم العسكري الغير قادر على حسم الصراع سوف تجبر ايران على التورط الرسمي والمباشر في حرب اخرى في العراق اشد ضراوة وتكلفة من حربها على الشعب العربي السوري ، واللتان لن تنتهيا بسرعة ، الامر الذي يجعل ايران عاجزة عن الخروج منها الا وهي مضعضعة او مهزومة ، وفي الحالتين فان تلك النتيجة سوف تسهل مهمة تحقيق هدف ستراتيجي لامريكا وهو اعادة تركيب النظام الايراني لاجل دمجه في النظام الشرق اوسطي الجديد لتكون ايران مع تركيا واسرائيل الاضلاع الثلاثة لمثلث النظام هذا .
5– وصلت امريكا والغرب برمته الى حالة استنفاد القوة الاقتصادية والمالية والنفسية ، الحتمية لمواصلة خوض الحروب الاستعمارية ، نتيجة الازمات البنيوية التي تطحن الرأسمالية العالمية ، واثبتت ذلك تجربة الفشل الامريكي في العراق في قهر المقاومة فأجبرت امريكا على الانسحاب منه والتركيز على العمل المخابراتي فيه المعتمد على استخدام الاداة الايرانية ، وجاءت احداث سوريا واوكرانيا لتؤكد تلك الحقيقة وهي ان الغرب بكامل قواه عاجر عن خوض حروب مفتوحة النهايات .
ما الذي يترتب على هذه الحقيقة الميدانية ؟ اول ما يترتب على تلك الحقيقة ان امكانية امريكا والغرب للتدخل العسكري الواسع والمستمر لزمن طويل في العراق مرة اخرى امر مستبعد ، وبما ان المقاومة العراقية حاليا تمسك بزمام المبادرة وتتقدم بسرعة نسبية لتحرير كل العراق فان جعل الدعم الامريكي للحكومة في بغداد كافيا للصمود الى ما لانهاية امر غير ممكن ، وهذا يشبه عجز امريكا واسرائيل عن جعل نظام خميني يواصل الحرب ضد العراق رغم الدعم الامريكي الاسرائيلي لايران كما اثبتت فضيحة ايرانجيت ، بعد ان استنزفت ايران معنويا وبشريا وماديا ووصلت حافة الانهيار الشامل فاضطر خميني لتجرع سم الاعتراف بالهزيمة .
6– ايران ايضا وبعد استنزاف كبير ومرهق لها في سوريا تبدو عاجزة عن خوض معارك طويلة وضخمة في العراق ولمدة طويلة لذلك فان تدخلها في محاولات قمع الثورة الشعبية المسلحة تحدده حالة العجز والاستنزاف وتجعله دعما محدودا مهما كبر . وبناء على هذه الحقيقة فان تواصل اجبار ايران على خوض الحرب في سوريا في نفس وقت تدخلها في العراق مباشرة وعلنا كما فعلت في سوريا ، هو احد اهم عوامل انهيار ايران في العراق وسوريا في ان واحد .
7– الدعم العربي لايران والذي تحقق نتيجة عمليات مخابراتية مدروسة ( امريكية ايرانية صهيونية ) كان جوهرها التظاهر بدعم القضية الفلسطينية وممارسة حزب الله لدور قتالي تأهيلي ضد الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان ، فتوفر التبرير المقنع لدعم ايران من قبل بعض العرب حتى وهي تحارب العراق وتحتل ارضا عربية في الاحواز والامارات والعراق .
لكن بعد غزو العراق وتوفر ادلة اكثر من كافية لاثبات ان ايران لديها تعاون شامل مع امريكاو وتحظى بدعم اسرائيلي ( مثلا ايرانجيت ) ، ثم جاءة طلقة الحسم لتقتل اكذوبة العداء بين ايران وامريكا واسرائيل حينما سلمت امريكا العراق الى ايران وليس الى اتباعها المعروفين ، ثم دعمت امريكا بشار بعد فترة دعم للمعارضة برفض اسقاطه ومنع تسليح معارضيه فتلاقت امريكا مع ايران حول الحرب في سوريا تماما مثلما توافقت بداية واصلا حول الموقف من العراق .
وهكذا اصبح دعم ايران من قبل اي عربي يساوي الخيانة الوطنية والقومية فتراجع الدعم بصورة كبيرة واصبح مقتصرا على المضللين طائفيا من العرب ، كما في العراق ولبنان واليمن والبحرين والخليج العربي ، اما من ليس متورطا بالطائفية فلا تفسير لتواصل دعمه لايران سوى انه مرتزق بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى وضيع وحقارة ، وهذه الحقيقة تنطبق الان على كل من يدعم ايران وبلا اي استثناء بعد ان عرف ما فعلته وتفعله في العراق وسوريا واليمن والبحرين ولبنان وغيره .
ما قيمة ابراز هذهالحقيقة ؟ ان امكانية حصول ايران على دعم عربي لها اصبحت متدنية جدا ومحدودة تماما الامر الذي جرد ايران من استخدام خيول طروادة عرب كانوا كثر وجعل تلك الخيول قليلة العدد جرباء ومحاصرة من قبل الجماهير العربية ، خصوصا وان ايران كشفت عن مطامعها التوسعية القومية وسقط الغطاء التحرري كليا بعد احتلال افغانستان والعراق .
8 - ايران تعرف ما سبق لذلك فانها تخوض معركة كسر العظم مع العرب ، فهي الان دولة امبريالية معادية بنظر الاكثرية الساحقة من العرب وهي لا تختلف من حيث الجوهر عن اسرائيل ، بل هي اخطر من اسرائيل كما نرى ذلك في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين وغيرها ، فكلاهما لديها مطامع توسعية وكلاهما تحتلان اراض عربية وكلاهما تجاهران بالعداء العنصري ضد العرب . فهل بالامكان بعد الان استمرار تداخل الخنادق ؟ ام ان مرحلة تطهير الوطن العربي كله وليس العراق وسوريا فقط من نغول ايران قد بدأت ولن تتوقف ؟
اذن الدعم الامريكي لحكومة العمالة في العراق هو دعم للمخطط الايراني وهو ذاته من حيث الجوهر المخطط الصهيوني الامريكي ، وهذه الاطراف الثلاثة تدرك الان بانها تخوض معركة كسر العظم مع الامة العربية ، لذلك كشفت كل اوراقها واصبح الصراع واضحا وتحقق فرز انهى عملية خلط الاوراق وتداخل الخنادق ، وتلك هي الخطوة الصحيحة المطلوبة لخروج الامة العربية من نفق مظلم ادخلت فيه رغما عنها ، واخذت القوى الوطنية والقومية والاسلامية ترى النور الذي يمكنها من تحقيق اهم متطلبات هذه المعركة الوجودية وهو التوحد في اطارات جهادية لابد منها .
تسليح امريكا لنغول ايران لن يمنع التحرير القادم لان اهم متطلباته قد توفرت وهي انهيار قوة وحجج العدو التاريخي وانكشاف اهدافه الحقيقية وسقوط ( القناع الفلسطيني ) عن الوجه الفارسي البشع وظهور وجه شارون من تحته ، ومقابل ذلك لم تشهد الامة العربية اصرارا جهاديا واستعدادا للتضحية من اجل دحر ايران كما نراه الان في العراق وسوريا بشكل خاص ، فابشروا يا عرب ، فمن بوابات بغداد او دمشق سوف تمر قوافل التحرير الشامل للامة العربية وبيد عرب سوريا والعراق سوف تدفن ايران مع شرورها الى الابد .
Almukhtar44@gmail.com