لطفي الياسيني معلومات إضافية
الأوسمة : المشاركات : 80135 نقاط : 713946 التقييم : 313 العمر : 118 | موضوع: فــــــــــدوى طـــــــوقــــان الإثنين 9 يونيو 2014 - 0:40 | |
| [size=48]فــــــــــدوى طـــــــوقــــان [/size] أنا فدوى عبد الفتاح طوقان ، ولدتُ في نابلس عام 1917 لأسرة عريقة وغنية ذات نفوذ اقتصادي وسياسي اعتبرت مشاركة المرأة في الحياة العامة أمرًا غير مستحبّ, فلم أستطع إكمال دراستي, واضطررتُ إلى الاعتماد على نفسي في تثقيف ذاتي. وقد شكلت علاقتي بشقيقي الشاعر إبراهيم طوقان علامة فارقة في حياتي, إذ تمكن من دفعي إلى فضاء الشعر, فاستطعت -وإن لم أخرج إلى الحياة العامة- أن أشارك فيها بنشر قصائدي في الصحف المصرية والعراقية واللبنانية, وهو ما لفت إليَّ الأنظار في نهاية ثلاثينيات القرن الماضي ومطلع الأربعينيات. موت شقيقي إبراهيم ثم موت والدي ثم نكبة 1948, جعلني أشارك من بعيد في خضم الحياة السياسية في الخمسينات, وقد استهوتني الأفكار الليبرالية والتحررية كتعبير عن رفض استحقاقات نكبة 1948. وقد كانت النقلة المهمة في حياتي هي رحلتي إلى لندن في بداية الستينات من القرن الماضي, والتي دامت سنتين, فقد فتحت أمامي آفاقًا معرفية وجمالية وإنسانية, وجعلتني على تماسٍّ مع منجزات الحضارة الأوروبيّة.
وبعد نكسة 1967 خرجتُ لخوض الحياة اليومية الصاخبة بتفاصيلها, فتشاركت في الحياة العامة لأهالي مدينتي نابلس تحت الاحتلال, وقد بدأتُ عدة مساجلات شعرية وصحافية مع المحتل وثقافته.
وأُعدُّ من الشاعرات العربيات القلائل اللواتي خرجن من الأساليب الكلاسيكية للقصيدة العربية القديمة خروجًا سهلاً غير مفتعل, وحافظت في ذلك على الوزن الموسيقي القديم والإيقاع الداخلي الحديث. ويتميز شعري بالمتانة اللغوية والسبك الجيّد, مع ميل للسردية والمباشرة. كما يتميز بالغنائية وبطاقة عاطفية مذهلة, تختلط فيه الشكوى بالمرارة والتفجع وغياب الآخرين.
مؤلفاتي : على مدى 50 عامًا, أصدرتُ ثمانية دواوين شعرية هي على التوالي: 1.(وحدي مع الأيام) الذي صدر عام 1952 2.(وجدتها) 3.(أعطنا حباً) 4.(أمام الباب المغلق) 5.(الليل والفرسان) 6.(على قمة الدنيا وحيدًا) 7.(تموز والشيء الآخر) 8.(اللحن الأخير) الصادر عام 2000, 9.(رحلة صعبة, رحلة جبلية) ، سيرة ذاتية 10.(الرحلة الأصعب) ، سيرة ذاتية
وقد حصلتُ على جوائزَ دولية وعربية وفلسطينية عديدة ، منها: 1. جائزة رابطة الكتاب الأردنيين 1983 2. جائزة سلطان العويس 1987 3. جائزة ساليرنو للشعر من إيطاليا 4. وسام فلسطين 5. جائزة مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري 1994. 6. جائزة كافاتيس الدولية للشعر عام 1996.
ما صدر عني من دراسات وبحوث :
صدرت عني دراسات أكاديمية (للماجستير والدكتوراة) في عدد من الجامعات العربية والأجنبية، كما كتبت عنها دراسات متفرقة في الصحف والمجلات العربية، إلى جانب كتابات أخرى لكل من إبراهيم العلم، وخليل أبو أصبع، وبنت الشاطئ وروحية القليني، وهاني أبو غضيب، وعبير أبو زيد وغيرها . ومن الكتب الجديدة عني كتاب : ( من إبراهيم طوقان إلى شقيقته فدوى) ، وهو كتاب جديد يكشف دور أخي الشاعر إبراهيم طوقان في تثقيفي عبر الرسائل. وفيه يطالبني إبراهيم بمطالب تتعلق باللغة والوزن والصورة، وفي سبيل تطوير أدواتي، وكان المصدر الأول الذي يحقق ذلك هو القرآن الكريم . وصدر عن دار الهجر للنشر والتوزيع-بيت الشعر-في مدينة رام الله بفلسطين كتاب آخر " رسائل إبراهيم طوقان إلى شقيقته فدوى". وعلى هذا الصعيد تكشف الرسائل مدى العنت والجهد الذي كنا نبذله للوصول الى الهدف فهو يرشدني الى قواعد اللغة والى قوانين الشعر، ويقترح لي فيما أقرأ ، وفيما أكتب ويصحح لي هناتي وأخطائي، وحين يطمئن إلى مستوى معقول يدفعني لأدفع بشعري للنشر. وفاتي : توفيت يوم الجمعة الموافق 12-12-2003 م
نماذج من شعري
حـــيـــاة
حياتي دموع
وقلب ولوع
وشوق ، وديوان شعر، وعود
حياتي ، حياتي أسىً كلهّا
اذا ما تلاشى غداً ظلّها
سيبقى على الأرض منه صدى
يردد صوتي هنا منشدا :
حياتي دموع
وقلب ولوع
وشوق ، وديوان شعر ، وعود
بليل الشجون
وعمق السكون
تمر أمامي كحلم سرى
طيوف أحبّاي تحت الثرى
فتزعج ناري خلف الرمادِ
ويغرق سيل الدموع وسادي
دموع الحنين
الى راحلين
مضوا وطواهم ظلام اللحود
بقلبي اليتيم
تنادي كلومي
أطلّ بروحك يا والدي
لتنظر من أفقك الخالدِ
فموتك ذلٌ لنا أيّ ذلْ
ونحن هنا بين أفعى وصلْ
ونفث سموم
وكيد خصوم
بدنيا العقوق ، بدنيا الجحود
ويبدو خيال
بغفو الليالي
خيال أبي شقّ حجب الغيوب
بعينيه ظلّ شعورٍ كئيب
أراه فتهم له أدمعي
ويحنو علي ويبكي معي
وأدعو : تعال
رحيلك طال
بمن نستظل وانت بعيد!
وفي ليل سهدي
يحرّك وجدي
أخٌ كان نبع حنانٍ وحبّ
وكان الضياء لعيني وقلبي
وهبّت رياح الردى العاتية
واطفأت الشعلة الغالية
وأصبحت وحدي
ولا نور يهدي
ألجلج حيري بهذا الوجود
وهذا شبابي
أمان كوابي
شباب سقاه الأسى ورواه
اذا ما دعته إليها الحياه
وأشواقها ، شدّه ألف غلّ
وطوّقه ألف طوق مذلّ
شباب عذاب
رهين اغتراب
يضيع شذاه بأسر القيود :
واطرق رأسي
بوحشة يأسي
وفي الروح تصخب أشواقها
وفي النفس ترعد آفاقها
وأفزع للشعر سلوة روحي
أصور أشواق عمر ذبيح . .
فيهدأ حسي
وتخشع نفسي
وتسكن لهفة روحي الشريد
وأجذب عودي
لقلبي الوحيد
فتخفق أوتاره باللحون
تهدهد قلبي وتجلو شجوني
بفنّي وشعري والحان عودي
أصارع آلام عمر شهيد
وهذا نشيدي
نشيد وجودي
سيبقى ورائي صداه يعيد :
حياتي دموع
وقلب ولوع
وشوق ، وديوان شعر ، وعود!
..................................................
أنــشــودةٌ للــحـبِّ
كان وراء البنت الطفلةِ
عشرةُ أعوامْ
حين دعته بصوتٍ مخنوقٍ بالدمعِ:
حنانك خذني
كن لي أنت الأبَ
كن لي الأمّ
وكن لي الأهلْ
وحدي أنا
لا شيء أنا
أنا ظلّ
وحدي في كون مهجور
فيه الحبُّ تجمّدْ
فيه الحسُّ تبلّدْ
وأنا الطفلةُ تصبو للحبِّ وتهفو
للفرحِ الطفْليِّ الساذجْ
للنطّ على الحبلِ
وللغوصِ بماءِ البركةِ
للّهو مع الأطفالْ
لتسلّق أشجارِ الدارْ
القمعُ يعذبني
والسطوة ترهبني
والجسم سقيمٌ منهار
أرفعُ وجهي نحو سماءِ الليلْ
أهتفُ
أرجُو
أتوسّل:
ظلّلني تحت جناحيكَ
أغثني
خذني من عشرة أعوامِي
من ظلمةِ أيامي خذنِي
وسّعْ لي حضنَك دَعْني
أتوسَّدُ صدرَك امنحني
أمنًا وسلام
يا بلسمَ جرحِ المطحونينْ
وخلاص المنبوذين المحرومينْ
خذني!
خذني!
يجري نهرُ الأيام يمرُّ العامُ
وراءَ العامِ وراءَ العامِ
الطفلةُ تكبَرُ والأنثى
وردةُ بستانْ
تتفتّح والأطيارُ تطوفْ
وتحوم رفوفًا حول الوردةِ
بعد رفوفْ
الزّمنُ الصعْبُ يصالحها
ومجالي الكوْن تضاحكها
والحبُّ يفيضُ عليها
من كلّ جهات الدنيا
ويطوّقها بتمائمه
ويباركها بشعائِرِه
ويساقيها من كوثرِهِ
ما أحلى الحبّ وما أبهاه!
الأنثى الوردةُ بعد سُراها
وتخبّطها في ليلِ متاههْ
تتربَّعُ في ملكوتِ الحبّْ
تصير إلههْ
هالاتُ النورِ تتوّجُها
وتلاطفها قُبَلُ الأنسامْ
ما أحلى الحبّ وما أبهاهْ!
فيه الليلُ سماءٌ تَهْمِي
تُمطر موسيقى وقصائدْ
وقناديلُ الكلماتِ تصبُّ
الضوءَ على أملٍ واعدْ
ما أحلى الحبّْ!
تتفتح فيه عيون القلبْ
ما أحلاه حين يمسُّ شغافَ القلبِ
فيبصرُ ما لا يبصرهُ العقلُ ويدرِكُ
ما لا يدركه الفكرُ ويسبرُ ما لا
تبلغُهُ الأفهامْ
ما أحلى الحبّ وما أبهاهْ!
كونٌ مكتملٌ ومعافى
لم يتشظَّ ولم يتمزَّقْ
يتناسق فيه العمرُ ويمسي
إيقاعًا كونيّ الأنغامْ
تتماهى فيهِ (أنا) مع (أنتْ)
تزهو بحوارٍ موصولٍ
حتى في الصمتْ
ما أحلى الحبّ وما أبهاهْ!
يحيا بين يديْه رميمْ
تندى أرضٌ, تحضرُّ عظامْ
فيه الزمنُ المسحورُ يقاسُ
بدقّاتِ القلبِ المبهورْ
لا بالسَّاعاتِ يُقاس ولا
بتوالي الأشهرِ والأعوامْ
ما أحلى الحبّْ! .................................................. ............... (1976)
كبُروا في غاب الليل الموحش، في ظل الصبار المر
كبروا أكثر من سنوات العمر
كبروا التحموا في كلمة حب سريه
حملوا أحرفها انجيلا، قرآنا يتلى بالهمس!
كبروا مع شجر الحناء وحين التثموا بالكوفيه
صاروا زهرة عباد الشمس
كبروا أكثر من سنوات العمر
صاروا الشجر الضارب في الأعماق الصاعد نحو الضوء
-الواقف في الريح الهوجاء
صاروا الصوت الرافض صاروا
جدلية هدم وبناء
صاروا الغضب المشتعل على أطراف الأفق المسدود
يكتسح صفوف مدارسهم
العودة
العودة
وأطلّ وجهك مشرقًا من خلف عامْ
عام طويل ظلّ في عمري يدب كألف عامْ
عام ظللتُ أجرُّه خلفي وأزحف في الظلامْ
وعواصف ثلجية تصطكُّ حولي والطريقْ
كانت تضيق كأنها أمل يضيقْ
ويضيع في تيه القتامْ
***
عام طويل ظلَّ يفصلنا به بحر صموتْ
بحر دجت أمواجه وتجمّدت, بحر تموتْ
فيه الحياة وتغرق الخلجات في برد السكوتْ
وأناعلى الشط الأصمِّ
أنا والفراغ وليل وهْمي
أصغي لعل صدى يمرُّ
بي, علَّ شيئًا منك, همسٌ, نبأةٌ,
شيئًا يمرُّ
بي منك عبر مدى السكوتْ
لا شيء, إلاّ وطأة ثقلت وصمتٌ مستمرٌّ
***
عام, ودبّتْ بعده في البحر معجزة الحياهْ
لم أدر كيف, هناك رفَّت بغتة فوق المياهْ
وهفت حمامهْ
زرقاء, في طهر السماء, هفت إليَّ على غمامهْ
وطوت جناحيها وقرَّت في يديّهْ
ورنت إليهْ
وتنفست دفئًا وعطرًا
وشممت فيها منك شيئًا هاجني وجدًا وذكرى
فمضيت ألثم ريشها
وجعلت صدري عُشَّها
وشعرت أنك عدت, أنك في الطريقْ
واجتاحني فرح الغريقْ
حضنتْه شطآن النجاهْ
***
وأطلَّ وجهك من بعيدِ
حلوًا يرف على وجودي
ورأيت أحزاني تموت على تعانُقِ راحتينا
وأضاء في فمك ابتسام
البسمة الجذلي التي أحببتها منذ التقينا
عادت تضيء كأنها قلب النهارْ
وتصب في نفسي فيشربها دمي
ويعبّها قلبي الظمي
ونسيت آلامي الكبارْ
ونسيت في فرح اللقاء عذاب عامْ
عام طويل ظلَّ في عمري يدب كألف عامْ
.................................................. .............
لن أبكي
على أبواب يافا يا أحبائي وفي فوضى حطام الدور . بين الردمِ والشوكِ وقفتُ وقلتُ للعينين : قفا نبكِ .... على أطلال من رحلوا وفاتوها تنادي من بناها الدار وتنعى من بناها الدار وأنّ القلبُ منسحقاً وقال القلب : ما فعلتْ ؟ بكِ الأيام يا دارُ ؟ وأين القاطنون هنا وهل جاءتك بعد النأي ، هل جاءتك أخبارُ ؟ هنا كانوا هنا حلموا هنا رسموا مشاريع الغدِ الآتي فأين الحلم والآتي وأين همو وأين همو؟ ولم ينطق حطام الدار ولم ينطق هناك سوى غيابهمو وصمت الصَّمتِ ، والهجران وكان هناك جمعُ البوم والأشباح غريب الوجه واليد واللسان وكان يحوّم في حواشيها يمدُّ أصوله فيها وكان الآمر الناهي وكان.. وكان.. وغصّ القلب بالأحزان * ** أحبائي مسحتُ عن الجفون ضبابة الدمعِ الرماديهْ لألقاكم وفي عينيَّ نور الحب والإيمان بكم، بالأرض ، بالإنسان فواخجلي لو أني جئت القاكم – وجفني راعشٌ مبلول وقلبي يائسٌ مخذول وها أنا يا أحبائي هنا معكم لأقبس منكمو جمره لآخذ يا مصابيح الدجى من زيتكم قطره لمصباحي ؛ وها أنا أحبائي إلى يدكم أمدُّ يدي وعند رؤوسكم ألقي هنا رأسي وأرفع جبهتي معكم إِلى الشمسِ وها أنتم كصخر جبالنا قوَّه كزهر بلادنا الحلوه فكيف الجرح يسحقني ؟ وكيف اليأس يسحقني ؟ وكيف أمامكم أبكي ؟ يميناً ، بعد هذا اليوم لن أبكي ! * ** أحبائي حصان الشعب جاوزَ – كبوة الأمسِ وهبَّ الشهمُ منتفضاً وراء النهرْ أصيخوا ، ها حصان الشعبِ – يصهلُ واثق النّهمه ويفلت من حصار النحس والعتمه ويعدو نحو مرفأه على الشمسِ وتلك مواكب الفرسان ملتمَّه تباركه وتفديه ومن ذوب العقيق ومنْ دم المرجان تسقيهِ ومن أشلائها علفاً وفير الفيض تعطيهِ وتهتف بالحصان الحرّ : عدوا يا حصان الشعبْ فأنت الرمز والبيرق ونحن وراءك الفيلق ولن يرتدَّ فينا المدُّ والغليانُ – والغضبُ ولن ينداح في الميدان فوق جباهنا التعبُ ولن نرتاح ، لن نرتاح حتى نطرد الأشباح والغربان والظلمه * ** أحبائي مصابيحَ الدجى ، يا اخوتي في الجرحْ ... ويا سرَّ الخميرة يا بذار القمحْ يموت هنا ليعطينا ويعطينا ويعطينا على طُرقُاتكم أمضي وأزرع مثلكم قدميَّ في وطني وفي أرضي وأزرع مثلكم عينيَّ في درب السَّنى والشمسْ .................................................. .......
نداءُ الأرض
أتغصب أرضي؟
أيسلب حقي وأبقى أنا حليف التشرد أصبحت ذلة عاري هنا
أأبقى هنا لأموت غريباً بأرض غريبة
أأبقى ؟ ومن قالها؟ سأعود لأرضي الحبيبة
سأنهي بنفسي هذه الرواية فلا بد ، لا بد من عودتي
كان بعينه يرسب شيء
ثقيل كآلامه مظلم
لقد كان يرسب سبع سنين
انتظار طواها بصبر ذليل
تخدره عصبة المجرمين
وترقد تحت حلم ثقيل
أهوى على أرضه في انفعال يشم ثراها
يعانق أشجارها ويضم لآلى حصاها
ومرغ كالطفل في صدرها الرحب خداً وفم
وألقى على حضنها كل ثقل سنين الألم
وهزته أنفاسها وهي ترتعش رعشة حب
وأصغى إلى قلبها وهو يهمس همسة عتب
رجعت إلي
وكانت عيون العدو اللئيم على خطوتين
رمته بنظرة حقد ونقمة
كما يرشق المتوحش سهمه
ومزق جوف السكوت المهيب صدى طلقتين.
نبوءةُ العرافة
حين بلغت عامي العشرين
قالت لي العرافة الدهريّة:
"تنبّئني عنك الرياح في هبوبها،
تقول:
تعويذةُ الشرّ المحيق ههنا
بينك المهلهل المشطور
معقودةً تظلّ لا تزول
حتّى يجئ الفارس المكرّسُ المنذور
تنبّئني الرياح في هبوبها
عن فارسٍ يجيء
لا واهناً ولا بطيء
تقول لي يجيءُ من طريق
تشقّها من أجله الرعود
والبروق"
-هلاّ سألت لي الرياح -
يا عرّافة الرياح
متى يجيءُ الفارسُ المنذور؟
"حين يصيرُ الرفض
محرقة وجلجلة
تلفظه أحشاءُ هذي الأرض
من جسمها بُضعة
لكنّما الرياحُ في هبوبها
تقول حاذري
إخوتك السبعة
تقول حاذري
إخوتك السبعة"
تحت شقوق سقفي المصدوع
وقفتُ عند الشرفة المخلّعة
أحلمُ بالتكوين
أنتظر الآتي
أصغي لنبض البذرة الدفين
يخضّ رحم الأرض
يرضعُ قلب السنبلة
يا كيمياء الموت والحياة
متى يصير الرفض
محرقةً وجلجلة؟!
................
...............
-2-
كانت خُطاه حين جاء جرساً
يقرعُ في أقبية الظلام
والريحُ كانت حين جاء فرساً
تركضُ تحته وتنفضُ الحطام
أردفني وراءه وقال يا حبيبتي
حبّك يحمي ظهري العريان
التصقي بي، لا تخافي الليل والذؤبان
فالحبّ لا يخاف
يوم امتطيناها ظهور الخيل
راحت أغانينا
تومضُ مثل الخنجر العريان
على ضفاف الليل
.................
على ضفاف اللّيل
تسامقت أشجارنا وأطلعت
الزهر والأثمارُ والنجوم
وكلّما نجمٌ هوى
في موسم الإعصار والسموم
انتفضت أشجارنا وأطلعت
سواه أفواجاً من النجوم
.................
يوم امتطيناها ظهور الخيل
تجوهرت جباهُنا في الشمس
تعصّبت بالعنفوان
صرنا الرؤى تلمّها الأجفان
صرنا زهر
على شفاه السهل
والغور والنهر
وأصبحت هُدب الصغار
راياتنا
حين تفتّحت عيونهم على
وميض أغنياتنا
(صوتٌ داخليّ):
لكنما الرياحُ في هبوبها
تقولُ حاذري
إخوتك السبعة
تقول حاذري
إخوتك السبعة
تقول حاذري
إخوتك السبعة
..............
| |
|
لطفي الياسيني معلومات إضافية
الأوسمة : المشاركات : 80135 نقاط : 713946 التقييم : 313 العمر : 118 | موضوع: رد: فــــــــــدوى طـــــــوقــــان الإثنين 9 يونيو 2014 - 0:41 | |
| لو انّا نطامنُ من صوتنا
ونكبحُ هذا الهياج
ولو نتوارى ونمشي رويداً رويداً
وراء السياج
فلي إخوةٌ يا حبيبي غُيُرْ
لو أنّ القمر
يعودُ إلى كهفه في الجبال ويرخي الستر
أخافُ الضياء يشي يا حبيبتي بنا
فإنّ كلاب الطراد على دربنا
تجنّ إذا برقت في الظلام نصالُ القمر
- حبّك يحمي ظهريالعريان
التصقي بي، لا يكون الحبّ يا حبيبتي جبان
(صوت داخلي):
لكنما الرياحُ في هبوبها
تقولُ "حاذري
إخوتك السبعة
تقول حاذري
إخوتك السبعة
تقول حاذري
إخوتك السبعة"
-3-
قابيلُ الأحمرُ منتصبٌ في كلّ مكان
قابيلُ يدقّ على الأبواب
على الشرفات
على الجدران
يتسلّقُ يقفزُ يزحفُ ثعباناً ويفحّ
بألف لسان
قابيلُ يعربدُ في الساحات
يلفّ يدور مع الإعصار، يسدّ -
مسالك
ويشرعُ أبواباً لمهالك
يحملُ في كفيّه غسول الدمّ –
توابيت النيران
قابيلُ إلهٌ مجنونٌ يحرقُ روما
والموت كبيرٌ يتنامى
صفصافةُ بلّورِ أحمر
يسقيها القابعُ في "المخفر"
فتمدّ تمدّ تمدّ تمدّ
تمدّ وتنتشرُ الأغصان
وعلى الآفاق
على الطرقات
على العتبات
على الحيطان
أوراق اللهب ترقّصها ريحُ الشيطان
الموت كبيرٌ يتنامى في كلّ مكان
الموتُ وقابيلُ الأحمر في كلّ مكان
............
مددتُ نحوهم يدي
ناديتُ في حزني وفي نحيبي
يا إخوتي لا تقتلوا حبيبي
لا تقطفوا العُنقَ الفتي
سألتكم بالحبّ، بالقربى سألتكم بالحنان
يا إخوتي لا تقتلوه
لا تقتلوه
لا تق......
-4-
حين استراح الموت
وعرّشتُ حولي غصون الصمت
حنوتُ فوقهُ أنوءُ بالأسى
أمسحُ صدره المهشّمُ الضّلوع
أمسحه بالحبّ والأحزان والدموع
لملمتها بالحب ّوالأحزان والدموع
لملمتها أشلاءه المتبّلة
بالدم والدّخان والحصى
لملتُ ليل غابة الشعر
والشفة التي تمزّقت كما الزهر
وماستي عينيه
(واهاً كانت العينان تثقبان
غابة الظلام، كانتا
مستودع الرؤيا وموطن
الحلم)
لملمتُهُ شلواً فشلواً
باقةً من الزهر
أسلمتها إلى الرياح
وقلتُ يا رياح
هذي شظاياه ابذريها
في السفوح والفتن
وفي السهول، في ثنايا الغور
في مسارب النهر.
خُذيه وانثريه عبر كلّ ساحة الوطن
...........
...........
-5-
يشدّني أيلول
إلى شقوق بيتي المهلهل المشطور
ولم تزل عرّافة الرياح
تطرقُ بابي الحزين كلّما تنفّس الصباح
تقول لي:
"حين تتمّ دورة الفصول
تُرجعه مواسم الأمطار
يُطلعُه آذار
في عربات الزهر والنوّار". | |
|