ليلى العدنية
بقلم/ علي عمر الصيعري
( شاءها الله شهية
شاءها الله.. فكانت كبلادي العربية)
هذا مطلع لأجمل قصيدة خصّها الشاعر سميح القاسم بالفاتنة «عدن» وعنونها بـ«ليلى العدنية».. قالها قبل ثلاثة عقود ونيف من الزمن، غير أنها علقت في ذاكرتي منذ ذلك الحين، أيام ما كنت أعيش في حضنها الدافئ ريعان شبابي « وبعدها كلما ألتقيها 1968-1977م أجد نفسي أتمتم من حيث لا أدري بهذا المطلع الرائع «شاءها الله شهية».
ومنذ ذلك الحين وأنا كلما مررت بعاصمة عربية، أو أجلت الطرف في كثبان تهامة، أو غوخة العراق، أو أوراس الجزائر، أو واحة في الجزيرة العربية، يطالعني طيف عدن في روح وقوام «ليلى العدنية» فأستحضرها في الصورة الفنية التي رسمها لها سميح القاسم، لأخالها ماثلة أمامي تنثال من تلافيف الذاكرة وتراً من حنين لا يريم.
ولـ«ليلى العدنية» شعر شديد السواد تخاله عندما تنثره شبيه بليلة صيف غابت نجومها بين كثبان تهامة ولها عينان قدّتا من عيون المها اليمنية. وكلما ظمئت جاء عليك منها سلسبيلا.. وحين تطالعك هضبة «نجد» العامرة بالدفء والاخضرار، سرعان ما تتذكر صدر «ليلى العدنية» العامر بالدفء والاشتهاء.
وكلما مررت بأي ميناء أو شاطئ عربي ممتد من المحيط إلى الخليج، تطالعك خاصرة «ليلى العدنية» تنهض واقفة في الإبكار والآصال من زرقة خليجها العدني.
أما إذا طاف بك الخيال على جبال «الأوراس» حيث المآثر البطولية الجزائرية، فسرعان ما يتبدى لك روح «ليلى العدنية» حيث تجد فيه الرقة سلماً، والقسوة في حال مقاومتها للغزاة والمستعمرين على مدار التاريخ.
ولكي تقرأوا معي «ليلى العدنية» في عيون شاعرنا العربي الفلسطيني سميح القاسم، أبسط أمامكم مقاطع من رائعته التي يقول فيها:
شاءها الله شهية
شاءها الله.. فكانت كبلادي العربية
شعرها.. ليلة صيف
بين كثبان تهامة
مقلتاها.. من مهاة يمنية
فمها.. من رطب الواحة
في البيد العصية
عنقها.. زوبعة بين رمالي الذهبية
صدرها.. نجد السلامة
يحمل البشرى إلى نوح
فعودي ياحمامة
ولدى خاصرتيها بعض
شطآني القصية
شاءها الله.. فكانت كبلادي العربية
نكهة الغوطة والموصل فيها
ومن الأوراس.. عنف ووسامة
وأبوها شاءها اسماً وشكلاً
فدعاها الوالد المعجب.. ليلى
وإليكم أيها الإخوان:
( ليلى العدنية) .