بغداد تعانق شيخها الياسيني / للشاعر الفلسطيني ياسر الوقاد
------------------------------------------
بغدادُ ، ردِّي باليمينِ بليلةً
بدمِ القبابِ تحيَّةَ الياسيني
شيخٌ يمدُّ إليكِ نشوةَ قلبه
و يضيءُ دربك بالهوى الميمونِ
يأتي و عكازُ الغمام حصانهُ
و مدادُ أضلعه دمُ الشربينِ
يأتيكِ من قدس القلوبِ بيانُهُ
فاستقبليه بدفَّة التبيينِ
شاخَ القتامُ و لم يشخْ قنديلُهُ
ما زال يسقينا ألذَّ لحونِ
فيها من القدس الحبيبة لمسةٌ
نبويةٌ و مكابداتُ سنينِ
الناي في يده يؤانسُ ليله
إذ شقَّه من ضلعه المسنونِ
و الشمس في دمه كأنَّ مهبَّها
فرسٌ و شهوتَها سيوفُ يقينِ
بغدادُ إن القدس عبر لسانه
تهديكِ من دمها جناحَ حنينِ
إنَّا غدونا في مكيدتنا معاً
ظبيينِ بين مخالب التنِّينِ
فلتهنأ الآسادُ في ذل الحمى
و لتسعد الصحراء ملء ظنوني
و على بكائي اليومَ فليتسابقوا
كتنافس الشعراء في التأبينِ
ما ثمُّ إلا شاعرٌ بجوانحي
أبياته كحنينه تكويني
بغدادُ ! تلك أصابع المسرى تُمدُّ
إليكِ من أنشودة الياسيني
يا قدس ! تلك أصابع السيَّاب من
بغدادَ قادمةٌ لكي تسقيني
وجه الرشيد يطل من قسماتها
و بقلبها يدْوي صلاح الدينِ
عبر التتار هنا ، و لفهم البلى
و الدَّينصورُ هنا يقيءُ لحينِ
و غداً لمتحفه سيقذفه المدى
و تشقُّ فكَّيهِ يدا حطِّينِ
شكراً لياسينيِّنا و لصوته
قد شق أفنيتي و دغدغ طيني
ومن القباب المقدسية قد أتى
بتنفس البلوط و الليمونِ
أهديه أزمنتي المضيئة كلها
و رماد أهدابي و جمر وتيني
أنا ، بعدُ ، عاصمة الرشيدِ ، و سوف أبقى
في المدى أيقونة التكوينِ
يا قدسُ ضمي الشيخَ في ضلعيكِ ،
ضمي قلبه بجديلَتَيْ حنُّونِ
بغدادُ و القدس الحبيبة ها هنا
التقتا بقلبكَ أيها الياسيني
فاحملهما أبداً إلى رئة المدى
و اصعدْ فإنَّ هواهما يكفيني
ياسر الوقاد
ملتقى شواطئ الأدب
-----------------
للشاعر الفلسطيني ياسر الوقاد
غزة