تخلخل القاعدة والحلم بالخلافة الإسلامية عاملان يدفعان الشباب الجهادي نحو «الدعوشة»عبد الله مولود
October 11, 2014
نواكشوط – «
القدس العربي»: بيعة لـ«داعش» في المنطقة الوسطى المنشقة عن تنظيم «
القاعدة»، وبيعة أخرى للخلافة الإسلامية تؤدي طقوسها «كتيبة عقبة بن نافع» في تونس وهي إحدى كتائب قاعدة
المغرب الاسلامي، وشباب سلفيون من جنسيات مختلفة متحمسون في شمال إفريقيا وفي منطقة الساحل للخلافة، يضغطون ويضغطون على أمرائهم لمبايعة خلافة البغدادي، دول تحضر وتستعد لمواجهة تمدد هذه الخلافة التي ازداد التعاطف معها قوة بعد استهدافها من طرف التحالف العسكري الدولي في
العراق وسوريا.
هذه هي الصور التي تتراءى للمراقبين المتتبعين لتمدد الدولة الإسلامية نحو منطقة شمال إفريقيا ونحو المنطقة الساحلية؛ هاتان المنطقتان الجاهزتان لاستقبال الفكر الجهادي السلفي المتطرف الذي هو نسخة من الفكر الداعشي، والمزدحمتان بآلاف الشباب السلفي المتحمس للجهاد والذي يدفعه خطاب المبشرين بالخلافة الإسلامية الآتية حسب الآثار الدينية المتداولة.
«داعش» نسخة القاعدة الثانية
حول هذا التمدد يقول محمد محمود أبو المعالي الباحث الموريتاني المتخصص في قضايا الجماعات الإسلامية لـ «القدس العربي»..»الواقع أن «داعش» كنسخة ثانية من القاعدة بدأ يتمدد بسرعة في منطقة شمال إفريقيا، ووصل هذا التمدد فكريا بشكل مبكر منذ ظهور هذه الحركة».
ويضيف أبو المعالي مؤلف كتاب «القاعدة وحلفاؤها في أزواد؛ النشأة وأسرار التوسع» الصادر للتو عن مركز الجزيرة للدراسات «مع ظهور «داعش» بدأت المجموعات الشبابية السلفية تؤازر الدولة الإسلامية وحين بدأت حربها مع «جبهة النصرة» كان التوجه العام لمجموعات الشباب هو دعم «داعش» في مواجهة جبهة النصرة».
تحمس الشباب للدوعشة
«وبعد انشقاق قيادة المنطقة الوسطى في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وهي كلها في
الجزائر، يضيف الباحث، وإعلانها البيعة لـ»داعش» تمدد حضور الدولة الإسلامية تنظيميا، ولوحظ أن شباب المناطق الأخرى في تنظيم «القاعدة» ظل يؤكد عبر المنتديات الجهادية وعبر صفحات التواصل على الأنترنت تأييده لـ»داعش»، مع تمني البيعة ودعوة القادة للإسراع ببيعة البغدادي».
وأوضح «أن التحريات أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن التوجه العام لدى التيار الجهادي في شمال إفريقيا وبخاصة الشبابي منه هو دعم «داعش» بدون تردد».
وحول مظاهر التمدد الأخرى يؤكد أن «داعش» حصلت على مبايعة كتيبة عقبة بن نافع في تونس وهي كتيبة من قاعدة المغرب الإسلامي لها حضور قوي جدا في أوساط العناصر النشطة في شمال مالي سواء تعلق الأمر بقاعدة المغرب الإسلامي أو بجماعة «المرابطون» أو بـ»أنصار المجاهدين» مضيفا «أن لكتيبة عقبة بن نافع حضورها القوي في أوساط السلفيين الجهاديين في
ليبيا وفي مصر».
الظهور الكاسح
ويتوقع الباحث أبو المعالي «ظهورا قويا للدولة الإسلامية في شمال إفريقيا ، بما أنها تطور للفكر القاعدي وبما أنها نسخة ثانية منه» وسيكون ذلك الظهور، حسب رأيه، على حساب الحركات التقليدية كتنظيم القاعدة وغيرها.
وفي السياق نفسه يرى الصحافي الكاتب موسى ولد حامد «أن «داعش» أصبح موضة الآن بعد أن أخذ اللواء إثر ذوبان تنظيم القاعدة تحت الملاحقة الأمريكية والغربية».
ويؤكد «أن منطقة المغرب العربي ومنطقة شمال إفريقيا جاهزة فكريا لاستقبال «داعش» الذي لم يجد مشكلة في اكتتاب العناصر والإستحواذ على المجموعات الجهادية».
وحسب ولد حامد فإن «الدولة الإسلامية قد تواجه مشكلة في التنظيم في المنطقة الساحلية لكنها ستتغلب عليها بفعل ما اكتسبته من خبرة في
سوريا والعراق».
تعاطف بعد التحالف
ويضيف «أن الجميع حتى الذين لا يحبون «داعش» يتعاطفون معه في مواجهته للولايات المتحدة وللتحالف العسكري الغربي». ويشير إلى أن «تنظيم القاعدة بدأ بعدد قليل من النشطاء في أفغانستان وبفعل معاداة الولايات المتحدة له انتشر في مواقع كثيرة في العالمين العربي والإسلامي».
وحول مظاهر التمدد الداعشي المسجلة حتى الآن، يؤكد الباحث محمد محمود أبو المعالي «أن منطقة المغرب العربي والساحل الإفريقي كلها موجودة على شفا هذا التحول الذي إن تكرس أكثر فإنه سيعطي جرعة جديدة من الحماس والنشاط للجماعات الجهادية المسلحة».
تأكيد الوجود
«كانت المنطقة الوسطى لتنظيم القاعدة، يضيف أبو المعالي، من أكثر المناطق ركودا وأقلها نشاطا، لكن عندما انشقت عن القاعدة وانضمت لـ»داعش» نفذت عملية اختطاف الفرنسي الفرنسي إيرفيه غوردي وقتله لأن هذه التنظيمات تثبت وجودها بالقيام بعمليات وأنشطة نوعية وأي مجموعة من القاعدة تنضم لداعش سيكون أول نشاط لها هو توجيه ضربات قوية ورسالة قوية تسجل به حضورها في المنطقة».
ويتابع قائلا «..في
موريتانيا وشمال مالي هناك تيار جارف وكبير جدا في أوساط شباب التيار الجهادي للإلتحاق بداعش وترك القاعدة والظواهري باعتبار أن الزمن قد تجاوزهم، مع الاحتفاظ لهم بالاحترام والتقدير تاريخيا لكن الدعوة إلى تجاوزهم للالتحاق بجماعة البغدادي قائمة ونشطة لأن حلم الخلافة عاطفيا كان جذابا وشكل في حد ذاته يافطة دعائية جذبت الكثير من الشباب إلى ألوية داعش» حسب تعبير الباحث.
ويجزم عبد الله ممدو باه المحلل السياسي الموريتاني بأن تمدد «داعش لا محيد عنه، لأن تنظيم القاعدة في وضعية التلاشي تنظيميا، والجماعات المرتبطة بها في المنطقة المغاربية والمنطقة الساحلية، متفككة لا قيادة لها».
ويؤكد «أن الحدث الكبير الذي يستحق التوقف هو إعلان تنظيم بوكو حرام قبل فترة قليلة عن تأييده التام وتسليمه لخلافة البغدادي».
وقال «إن مواجهة القاعدة لا تتطلب ضربات عسكرية بإرادات مصلحية غربية متسرعة، وإنما تستلزم خطوات عديدة أخرى أكثر تأثيرا منها إحياء الوسط التأطيري الروحي الصوفي التقليدي المتسامح، وتمويل مشروعات تنموية حقيقية تقضي على البطالة والفقر التي هي حوافز الترامي في أحضان التطرف، ومنها القيام بمواجهة عسكرية منسقة تنظيرا وتخطيطا وتنفيذا مع البلدان المستهدفة».
بدء التنسيقات الدولية
مع تسجيل حالات التمدد الداعشي غربا، بدأت التنسيقات الدولية لمواجهة هذا التمدد ولقتل فراخه في بيضها؛ ومن ذلك ما أكدته مصادر مطلعة بخصوص «تركيز المباحثات التي تمت مؤخرا في باريس بين الرئيسين الفرنسي فرانسوا أولاند والموريتاني محمد ولد عبد العزيز رئيس الإتحاد الإفريقي على نشاط الجماعات المسلحة، والحرب التي يشنها التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، والاستراتيجية التي ستتخذها الدول الإفريقية وبخاصة دول الساحل والدول المغاربية لمنع تكوين جماعات إرهابية تنفذ خطط التنظيم الإرهابي لنشر الرعب والإرهاب.
وكان تنظيم موال لـ»داعش» قد أعدم أحد الرعايا الفرنسيين بعد اختطافه في الجزائر، مما دفع فرنسا إلى توسيع التحالف ضد «داعش» والتفكير في خطط لمنع تكوين جماعات إرهابية موالية له في دول الساحل الإفريقي.
ويرى أبو المعالي «أن توسيع التحالف العسكري الدولي نحو الساحل وشمال إفريقيا سيؤدي لاتساع نفوذ «داعش» وسيتطاير شررها الى كل مكان، حيث أثبتت التجربة في افغانستان أن القاعدة كانت بعد أحداث 11 ايلول/سبتمبر تضم بضع مئات من الشباب في افغانستان وبعد 12 سنة من شن الحرب عليها توسعت فهناك القاعدة في المغرب الاسلامي وفي
اليمن وفي العراق وفي سوريا وفي الجزيرة العربية وفي نيجيريا هناك تنظيم بوكوحرام..لقد أصبحت القاعدة تنظيما عالميا بسبب تلك الحرب».
ومن ضمن التحضيرات لمواجهة تمدد «داعش» الذي تشير بياناته الى «تشكيل دولة الخلافة من المحيط الأطلسي الى نهر النيل» ما كشف عنه وزير الداخلية المغربي محمد حصاد مؤخرا من قلق مغربي إزاء وجود نحو 1200 مغربي يقاتلون في سوريا والعراق في صفوف الدولة الإسلامية وجبهة النصرة، يضاف اليهم ما بين 1500 و2000 مقاتل مغربي من أوروبا، ويحتل المغاربة مواقع قيادية في هذين التنظيمين».
وجرت مؤخرا في إطار هذا الإنشغال الدولي بـ»داعش» مشاورات بين مسؤولين جزائريين وأمريكيين حول موضوع التصدى للتنظيم للحيلولة دون تغلغله فى المغرب العربي والساحل الإفريقي.
وتحدثت مصادر مطلعة إلى بدء واشنطن الإعداد لإحداث تحالف إقليمي في شمال إفريقيا من أجل مواجهة وصول «داعش» إلى شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، حيث ترغب واشنطن في تعاون جزائري أكبر في مجال الحرب التي تقرر شنها ضد منظمة البغدادى .. وهذا التعاون يشمل الجانب الأمني وأمور أخرى يجري التفاوض بشأنها.
بلمختار أميرا لـ»داعش» الساحل
وكان موقع «مالي-ويب» الإخباري قد أكد في تقرير أخير نقلا عن مصادر أمنية «أن قائد تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي مختار بلمختار على وشك أن يصبح أمير تنظيم «داعش» في منطقة الساحل الإفريقي».
وتحدث الموقع عن اجتماعات عقدت مؤخرا بين الجزائري بلمختار وبعض مبعوثي أبو بكر البغدادي في ضواحي مدينة أوباري الليبية من أجل تحديد دور هذا الجهادي في التنظيم الجهادي الجديد.
وبحسب الموقع فإن «إنشاء تنظيم «داعش» لإمارة تابعة له في منطقة الساحل الإفريقي ستكون له تداعيات كبيرة، حيث أنه سيزيد من قوة الجهاديين في المنطقة».
عبد الله مولود