حناني ميــــــا الإدارة العامة
معلومات إضافية
الأوسمة : المشاركات : 24054 نقاط : 219228 التقييم : 15 العمر : 82
| موضوع: حدث في نينوى والموصل في ظل الهمجية الجديدة : حسام رشيد الخميس 13 نوفمبر 2014 - 16:30 | |
| حدث في نينوى والموصل في ظل الهمجية الجديدة : حسام رشيد
| |
حدث في نينوى والموصل في ظل الهمجية الجديدة - اقتباس :
حسام رشيد الحوار المتمدن-العدد: 4552 - 2014 / 8 / 23 - 23:19 المحور: مواضيع وابحاث سياسية
ستون يوما مضت على اشرس هجمة همجية تشنها قوى الإرهاب والفكر الظلامي على ثاني اكبر مدن العراق منذ الأحتلال عام 2003 , هجمة كانت مظلتها ( داعش ) , الا أنها اختلفت عن ما تعرضت له المدن العراقية الأخرى في مضامينها و مكوناتها وأبعادها . هنا لابد لنا من العودة الى الوراء لأستعراض ما تعرضت له كافة المدن العراقية من موجات إرهابية على مدى السنوات العشرة المنصرمة , حيث سنجد أن القوى الأساسية لهذه الموجات كانت قوى الأسلام الديني ألمتطرف واتخذت واجهات طائفية مختلفة , ففي المدن الغربية والوسطى شكلت القاعدة المظلة التي تحركت تحتها كل المجاميع الأرهابية التي ماثلتها في المنهج والفكر الطائفي ( مدن الأنبار وديالى ونينوي نموذجا) , أما المدن الأخرى( البصرة والعمارة والكوت وغيرها نموذجا اخر) فقد تعرضت لموجات إرهابية مارستها المليشيات المسلحة متسترة بفكر وشعارات طائفية متطرفة , وعند دراسة وتحليل ممارسات تلك المنظمات والمجاميع والمليشيات الأرهابية سنجد انها تشترك معا في فكرها ونهجها الظلاميين وممارستها في القتل والنهب وسلب المواطن حرياته الخاصة والعامة والغاء كل مظاهر الحضارة الأنسانية من فن وجمال وثقافة منفتحة, بهدف العودة بالمجتمع الى قرون مضت , يظهر ذلك بصورة متميزة من خلال تطابقهما في الموقف من المرأة و استعبادها وتهميشها في المجتمع , ولم يكن خافيا على أحد تحول هذه التنظيمات وممارساتها الأرهابية الى ادوات بيد كتل احزاب الأسلام السياسي في صراعاتها الطائفية التي الحقت بالوطن اضرار بالغة واوقفت فيه عجلة التطور في كافة مجالات الحياة . كما اصبح هذا الصراع بيئة حاضنة لكل اشكال الفساد والأرهاب ومنظماته , وهو واقع لم يعد خافيا عن المواطن العراقي الذي فقد من خلال ذلك ابسط مقومات حياته وحقوقه الأنسانية . ----------------------------------------------------- أن سقوط الموصل بأيدي ( داعش ) قبل ستين يوما, يمثل مرحلة متقدمة مقارنة بموجات الأرهاب التي تعرضت لها المدن العراقية الأخرى , وهنا سأتناول مجريات الأحداث والقوى المحركة لها بلغة المواطن الذي راقب الحدث عن قرب وعاش معها وعانى من بطشها , لا بلغة المحلل والكاتب في فضاء معزول عن الواقع . ------------------------------------------------------ لنعد الى سنوات مضت منذ ان أستفحل الأرهاب في مدننا واستباح حرماتها في الشارع والمدرسة والجامعة وكافة مؤسسات الدولة والمجتمع وهمش من خلاله المواطن والمجتمع ومنظماته المدنيه , واصبحت تلك المدن ميدانا للصراع الطائفي والقومي , كانت مدينة الموصل احدى هذه المدن التي استوطن فيها الأرهاب وخاصة بعد سقوطها لبضعة أيام في ايدي المسلحين عام 2005 , بالرغم من دحرهم آنذك , الا أن ألمنظمات الأرهابية مدعومة من مجاميع القتلة واللصوص , تغذيها بطالة نخرت جيل الشباب وفشلت السلطة من حلها عبر سنوات عشر , تمكنت هذه الجماعات من الأمتداد في كافة مفاصل حياة المدينة , لتفرض سطوتها وتبتز المواطن وتقتل وتسرق وتفجر في الوقت والمكان الذي تشاء دون اي رادع فاعل من السلطتين المحلية والمركزية بالرغم من العدد الكبير لقواتهما الأمنية والعسكرية التي اصبح سلوكها واجراءاتها ثقلا على كاهل المواطن دون ان يلمس منها ما يؤمن سلامته وحريته . وكان أخطر ما في المشهد تمكن المنظمات الأرهابية من اختراق كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية ودوائر الدولة وقدرتها على كشف من يتصدى لها ويرفض ابتزازها , وهو ما دفع المواطن الى التعامل السلبي مع السلطة واجهزتها المختلفة لانعدام الثقة بها , كانت المنظمات الأرهابية تمتلك المعلومات الدقيقة عن اعمال شركات المقاولات والتجارة المتعاملة مع الدولة وحجم عقودها وارباحها ونشاط شركات الأتصالات وأعمال تجارة العقار لتفرض الأتاوات المناسبة مع حجم الأموال المتبادلة , وكان أي تمرد على ابتزازها يعني قتل المتمرد وايقاف عمله , وما تعرضت له شركات الأتصالات كان نموذجا فظ لعجز الأجهزة الأمنية أوتواطئها حيث كانت أبراج الأتصالات القائمة أهدافا ثابتة في اماكن معلومة تنسف وتدمر في وقت كان بامكان القوات الأمنية ليس حمايتها فقط بل كشف مهاجميها من الأرهابيين وتنظيماتهم ,وامعانا منها في الأستهتار كانت الأرهابيون يعلنون مسبقا عن العدد والوقت الذي ستبدأ فيه بنسف هذه الأبراج !!! كان ذلك يتم امام نظر القوات الأمنية المنتشرة في ألمدينة , كما لم تتمكن الأجهزة الأمنية من حماية أي مواطن موصلي تصدى بشجاعة للقوى الأرهابية كما حدث مع التاجر الشهيد مؤيد الحامد الذي واجه مهاجميه بالسلاح واجبرهم على الهرب مع قتلاهم وجرحاهم , الا ان الأرهابيين لم يمهلوه فاغتالوه مع اربعة من ابنائه ليوجهوا رسالة تحذير لكل من يفكر بالاعتراض عليهم والوقوف بوجههم , وعلى النطاق العام لم تتأخر القوى الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني من التحذير من خطورة هذا الوضع في مدينة الموصل , ففي اكثر من بيان للتيار الديمقراطي في محافظة نينوى تم التاكيد من خلاله على خطورة الوضع واستفحال قوى الأرهاب اللتي اصبحت تهدد الأستقرار والسيادة الوطنية ومطالبة السلطتين المحلية والمركزية بالتوقف عن صراعاتها الخاصة والقيام بواجبها في حفظ أمن الوطن والمواطن . الا أن ردود الفعل لم تكن تمثل الحد الأدنى من الألتزام الوطني والمهني والأخلاقي لقوات عسكرية وامنية اقسمت على الدفاع عن الشعب والوطن , وطغى على عملها خضوعا كاملا للصراع السياسي بواجهات طائفية وقومية بين الكتل السياسية الكبيرة التي تقاسمت السلطة واستمرت في صراعها بهدف الحصول على الحد الأعلى من المصالح والمكاسب المتعارضة مع المصلحة الوطنية , واصبحت مدينة الموصل ميدانا خصبا لنشاط قوى الأرهاب تحت مظلة ما سمي (بالدولة الأسلامية) التي مارست نشاطاتها الأرهابية وجمع الأتاوات من الغالبية العظمى من المواطنين العاملين في النشاط الأقتصادي العام كشركات المقاولات والتجار والكسبة والأطباء والصيادلة والمدارس الخاصة . وكان ( جباتها ) يتحركون بصورة علنية دون اي خوف ليؤكدوا للمواطن ان ( دولتهم الأسلامية) هي امر واقع رغم ممارستها لسلطتها في العالم السفلي من المدينة , وتعدى نشاطها الى القيام بنشاطات تجارية تعزز مصادر تمويل اعمال الأرهاب وعصابات النهب والقتل والتهجير فتحول بعض عناصرها الى تجار ومقاولين نشطوا في سوق العمل بدعم من قوى وشخصيات سياسية طائفية , لا بل وصل الأمر بالدوائر الهندسية للسلطة المحلية ان تضيف الى كلفة المشاريع المحالة بعهدة المقاولين ما يدفعه المقاول من أتاوات ( للدولة الأسلامية) حسب ما صرح به بعض مهندسي هذه الدوائر !!! , ونذكر بهذه المناسبة , في آب 2010, تصريحا للسيد زهير الجلبي رئيس لجنة اسناد محافظة نينوى يقول فيه ان ( الدولة الأسلامية) تجمع حولي خمسة ملايين دولار شهريا من الأتاوات التي تفرضها على المواطنين في الموصل ( أمين يونس – الأرهابيون يحصلون على خمسة ملايين دولار شهريا من الموصل وحدها – الحوار المتمدن – 17-8-2010). وقد عانت مدينة الموصل ما عانته المدن العراقية الأخرى من نقص للخدمات والأمن والحريات العامة مما دفع أبناء هذه المدن للتحرك سلميا للمطلبة بحقوقهم المشروعة , وكان موقف السلطة السلبي الرافض لممارسة الشعب حقه في الدفاع عن مصالحه المشروعة وقمعها بالسلاح الذي ادى الى سقوط عدد من الشهداء في مدن العراق في الجنوب والشمال عاملا مباشرا لأستحواذ القوى المتطرفه على ميادين الحراك الشعبي المسالم وتحويله الى بؤرة تتحرك فيها قوى الأرهاب وتنفذ نواياها , همش من خلال ذلك المجتمع المدني ومنظماته وقواه الديمقراطية .
مرت مدينة الموصل خلال السنوات العشرة الماضية بمراحل مختلفة من الصراع السياسي تحت شعارات قومية وطائفية , ففي المرحلة التي كان فيها السيد ( دريد كشمولة) محافظا لها كانت السلطة المحلية تمارس عملها بانسجام كبير مع احزاب الكتلة الكردستانية حيث كان لأحزابها وجودا واسعا في المدينة من خلال عدد مقراتها المنتشرة في المراكز الحساسة للمدينة و احيائها السكنية والسيطرات الأمنية لقوات ( البيشمركة ) التي كانت تمارس عملها العسكري والأمني فيها . من خلال التاريخ النضالي والوطني لقوات ( البيشمركة ) كان متوقعا ومطلوبا أن تمارس عملها الأمني خلافا لقوات الجيش والشرطة التي تشكلت خارج الأعتبارات المهنية والوطنية , الا ان مواطني مدينة ألموصل تعرضوا مع الأسف الشديد الى ممارسات أقل ما يقال عنها أنها كانت تتعارض مع تعزيز اواصر الأخوة العربية الكردية التي كانت عنوان العلاقة التاريخية والعيش المشترك لمدينة الموصل مع المدن الكردستانية , كما تحول وجود مقرات الأحزاب الكردية في الأحياء السكنية الى رعب دائم للمواطن الموصلي بسبب استهدافها من القوى الأرهابية , كل ذلك جرى استخدامه بصورة ذكية من القوى اليمينية والقومية في المدينة فرفعت شعارات ذات نفس شوفيني باخراج ( الغرباء !!!!) من المدينة ومن الأراضي التي تم ا لأستيلاء عليها ( الأراضي المتنازع عليها) , ولعب فشل الحكومة المحلية في معالجة الأزمة الخانقة التي تواجه المواطن ( الأمن , توفير الماء والكهرباء , مكافحة البطالة , تنفيذ المشاريع الخدمية والأستثمارية ..... الخ ) اضافة الى ما ذكرناه دورا حاسما في ظهور كتل سياسية وقوائمها الأنتخابية التي ركبت موجة الصراع ألقومي بالتنسيق والدعم المباشر والغير مباشر مع القوى الداخلية والأقليمية التي تقف ضد الواقع الجديد في العراق ضد اقامة دولة المؤسسات المدنية والدستورية , وسط هذه التفاعلات والصراعات تمكنت هذه القوى من الوصول الى السلطة في المدينة وظهور كتلة الحدباء بقوة لا يستهان بها في مجلس النواب من خلال الأخوين السيدين أسامة وأثيل الأنجيفي عام 2008 (الأنتخابات المحلية) وعام 2010 (النتخابات البرلمانية), ولم يمضي وقت طويل حتى تخلت هذه القوى عن ما رفعته من شعارات انتخابية بعد توصلها الى تفاهمات مصلحية مع الكتلة الكردستانية , وفي هذه المرحلة التي تولى فيها السيد أثيل الأنجيفي السلطة المحلية تمكنت القوى الأرهابية من تعزيز وجودها وصولا الى ممارسة سلطتها تحت اسم ( الدولة الأسلامية ) بالصورة التي سبق التطرق له , الا انها خطت خطوات نوعية في الجانب العسكري أذ اصبحت اماكن قياداتهم في منطقة الحاوي ومشيرفه وحي 17 تموز ومناطق محاذية لنهر دجلة في المدينة معروفة لأبناء المدينة مما يثير التساؤل والشكوك حول موقف المؤسسات الأمنية والعسكرية المخترقة للسلطتين المحلية والمركزية ومصداقيتها في محاربتها للأرهاب , خاصة وان المنظمات الأرهابية كانت تمارس أعمال القتل والأبتزاز وجمع الأتاوات بحرية كاملة دون اي حساب لوجود اجهزة امنية وعسكرية , كما كانت السيارات المفخخة وزارعي العبوات الناسفة قادرة على اختراق اكثر المناطق تحصينا وتجاوز الحواجز الأمنية التي لم يتمكن المواطن العادي من عبورها بسهولة وصولا الى مناطق عمله او سكناه !!! والأغرب من ذلك كانت قيادات الأجهزة الأمنية وقيادة عمليات نينوى تنحى باللوم على المواطن الموصلي المهمش والأعزل لعدم تعاونه معها ومقاومته للأرهاب, ففي احد اللقاءات التي اجراها قائد عمليات نينوى في السنتين الماضيتين مع اطباء وصيادلة وتجار ورجال اعمال من المدينة هدد كل من يستجيب الى ابتزاز الأرهابيين باعتقاله وفق المادة 4 ارهاب باعتباره داعما للارهاب !!! قيادة عمليات تهدد المواطن وتعجز عن حمايته وعن ملاحقة الأرهابيين في معسكراتهم المعروف . ------------------------------------------------------- في العاشر من حزيران سقطت مدينة الموصل بأيدي داعش والمتحالفين معها ودخل معها العراق اخطر مراحله منذ إحتلاله وسقوط النظام السابق عام 2003 , حيث كان سقوطها يختلف عن سقوط بقية المدن العراقية حتى الآن من خلال تكوين القوى الأرهابية التي دخلت المدينة متحالفة في جبهة واحدة وطريقة ادارة المواجهة بينها وبين القوات الأمنية والعسكرية للسلطتين المحلية والمركزية . اضافة الى ذلك النهج الذي اتبعته تلك القوى الأرهابية في ادارة المدينة والمجتمع .
أن أبرز ما اتسمت به عملية سقوط مدينة الموصل هي : 1- دخول ألمنظمات الأرهابية وقوى مسلحة اخرى تحت مظلة ( داعش ) في الخامس من حزيران وانحسارها لاول ثلاثه ايام في ثلاثة من الاحياء السكنيه في الموصل , كان هذا مع وجود كامل الاجهزه الامنيه والعسكريه في المدينه بكامل عدتها وعددها الذي كان يقارب الخمسة وثمانون الف عسكري ( جيش مع شرطه اتحاديه وشرطه محليه ) مع وجود القياده العسكريه الرفيعة المستوى القادمه من بغداد في مركز القياده بالموصل , هذا ما صرح به الناطق الرسمي انذاك , ثم تحول الى إمتداد سريع للعناصر الارهابيه في احياء الجانب الأيمن من مدينة الموصل دون مقاومة حقيقية , وهذا يعكس عدم وجود خطة عسكرية أمنيه تهدف الى مقاومة هذا الأكتساح والقضاء عليه , فقط مناوشات عسكرية لتغطية انسحاب منظم , وما زاد من اشكالية المواطن الموصلي حينها , هي الطريقه السلبيه للجيش في مواجهة تقدم الارهابيين بالمدينه , حيث كان القصف المدفعي من الجانب الأيسرللمدينه على الأحياء التي يتوقع تواجد الأرهابيين فيها حيث كانوا منتشرون على اسطح الدور السكنية وأزقتها , وكان ضحايا القصف من المدنيين بالدرجة الأولى , وقد أدخل هذا ألرد الرعب في نفوس المواطنين وجعلهم يشعرون في الوهلة الأولى أن الخطر القادم عليم سيكون من رد فعل السلطة المركزية في قصف سيكون عشوائيا على أماكن تواجد المسلحين المنتشرين في احياء المدينة ودورها السكنية من خلال تجربتهم في التصدي للمنظمات الأرهابية في محافظة الأنبار وغيرها من المحافظات التي أكتسحها الأرهاب. 2- كان دخول ( داعش ) والمنظمات الأرهابية المتحالفة معها مختلفا عن دخولها مدن اخرى في العراق , يتبين منه انها دخلت وفق برنامج طويل الأمد متفق عليه مع جهات داخلية واقليمية ودولية , جاءت لفرض واقع جديد قد يطول امده او يقصر , أخذت فيه بنظر الأعتبار خصوصية مدينة الموصل وطبيعة مجتمعها بثقافته ومكوناته وتاريخه , ظهر ذلك من خلال طريقة ادارة المدينة والمجتمع في الأيام الأولى , وهو موقف لم تعرف به هذه المنظمات الأرهابية ( كالقاعدة وداعش ) التي كانت تقتل وتنهب وتدمر كل ما يطاله يدها واعتماد الكر والفر دون القدرة على الأحتفاظ بالأرض كما حدث خلال السنوات الماضية في محافظتي الأنبار وديالى , وهو ما يشير الى ان داعش لم تكن لوحدها في الميدان بل مع قوى اخرى لها خبرة في ادارة الدولة وتنظيم العلاقة بالمجتمع والقدرة على المناورة لتجاوز فتح جبهات ثانوية هي في غنى عنها في الوقت الحالي اوتاجيلها على الأقل , وهو ما اتضح فيما بعد من موقف حزب البعث والقوى السائرة في ركابه الداعم ( لثورتهم ) البائسة , وكان واضحا أن هذه القوى المتحالفة كان يجمعها عدو واحد ولكنها كانت تحمل كل منها للآخر نية تصفيته بعد تعزيز موقعه , وعلى هذا الأساس قامت داعش وحلفائها ( بتقاسم السلطة) , تولت داعش العلاقة بالمجتمع واعادة صياغته وفق فكرها الظلامي المتخلف ولكن بحذر شديد في المرحلة الأولى وتولت القوى الأخرى من الكوادر البعثية والعسكرية ذات التجربة والخبرة الطويلة ادارة مؤسسات الدولة وخاصة الخدمية منها ادارة المدينة ومؤسساتها والحفاظ على الدوائر الحكومية والمصارف والأسواق التجارية لأثارة نوعا من الأطمئنان لدى المواطن الى جانب ما يتطلبه بقاء المدينة في هذا الوضع لمدة غير معلومة يقررها توازن القوى المتصارعة والمساومات التي سترافقها وموقف الكتل السياسية المتصارعة على السلطة في بغداد والمصالح الأقليمية والدولية التي اصبح لها الدور الأساسي في ادارة هذا الصراع . 3- خلال السنوات الماضية عانت مدينة الموصل ومواطنيها من وضع استثنائي قل ان عانت منه مدينة اخرى بسبب ما تطرقنا اليه سابقا من استفحال قوى الأرهاب فيها وتحكمها في تفاصيل حياة المدينة ومواطنيها من جهة , والأجراءات الأمنية التي تبررها هذه الحالة من جهة اخرى , وقد زاد في الطين بلة استفحال الصراع بين السلطتين المحلية والمركزية وانعكاس ذلك على عمل القوى الأمنية والعسكرية , الشرطة المحلية ومرجعيتها السلطة المحلية , والشرطة الأتحادية وقيادة عمليات نينوى ومرجعيتها السلطة المركزية , وكان هذا الصراع الذي يظهر باجراءات وقرارات امنية متعاكسة تلغي كل منها الآخر , يدور امام نظر المواطن الموصلي ويثير لديه الأشمئزاز والأحباط في آن واحد , كانت شوارع مدينة الموصل مغلقة بنسبة تجاوزت الخمسة والستون بالمئة وتنتشر في المدينة سيطرات امنية تتعامل بصورة سلبية تصل الى حد الأهانة والأعتداء على المواطنين وكأنها تحملهم مسؤولية استفحال الأرهاب الذي قصم ظهر المدينة ومواطنيها قبل غيرهم , وقد استغلت فيما بعد سلطة داعش الأرهابية وحلفائها ما خلقه ذلك من وضع نفسي لدى المواطنين فقامت بازالة كافة الحواجز الخرسانية وفتحت الطرق والشوارع التي كانت تعيق حركتها هي أولا واستغلت في الأيام الأولى من احتلالها البغيض للمدينة توفر المواد الغذائية والوقود في مخازن المدينة فامرت بتوزيعها واشرفت عليه وتمكنت من توفير الماء والكهرباء بمستوى لم تعرفه المدينة منذ عشرة سنوات , رافق ذلك توقفت اعمال التفجير والقتل التي مارستها هذه القوى الأرهابية نفسها طوال السنوات العشر الماضية لأنتفاء حاجتها اليها الآن , ومن الجهة الأخرى كان المواطن يراقب ردود افعال السلطة المركزية وتوقعه ان يكون ردها ومعالجتها للامر سريعا وحاسما , وما يرافق ذلك من قصف يكون اغلب ضحاياه من المدنيين العزل . 4- بالرغم من الأجراءا ت التي اتخذتها سلطة داعش وطبيعة انعكاسها على الوضع النفسي للمواطن في أيامها الأولى , استمرت عزلة قوى الأرهاب الأسود ولم تلقى اي تجاوب من المجتمع الموصلي , فقد خبروا فكرها المتخلف وسلوكها الدموي عبر عشر سنوات مضت كان فيها المجتمع الموصلي المدني ومنظماته وقواه الديمقراطية والمدنية مهمشا أعزل مسلوب الأرادة غير قادر على القيام بأي دور يعبر فيه عن رفضه ومقاومته لقوى الأرهاب الأسود في ظل الصراع المحموم للقوى السياسية الكبرى على السلطة , وسيبقى كذلك دون قيام السلطة المركزية وقواتها الأمنية والعسكرية بالدور الموكل لها , مخطئ من يعتقد ان ابناء الموصل قد استكانوا لسلطة الأرهاب الدموي وفكره الظلامي المتخلف , الا أن تخلي السلطة وقواتها الأمنية والعسكرية عن اداء واجبها بالدفاع عن مدينتهم واستسلامهم المنكر بالصورة التي عرفها القاصي والداني قد خلق وضعا من الأحباط ليس من السهل تجاوزه على أي مجتمع آخر , ولابد لنا ان نذكر على سبيل المثال لا الحصر أن التصدي لأرهاب المليشيات الدينية المتطرفة التي استباح ارهابها مدينة البصرة ومدن اخرى بفكرها الظلامي لم يحسمه رفض ابناء هذه المدن ومقاومتهم لها , بل من خلال دور القوات الأمنية والعسكرية للحكومة المركزية وقيادات عملياتها 5- دخلت مدينة الموصل ومجتمعها مرحلة جديدة بعد اعلان ( دولة الخلافة ) ووثيقتها الهادفة لأعادتها الى عصور التخلف والظلام لم تشهده اي مدينة اخرى في تاريخنا المعاصر , بدأته بالغاء وتحطيم كل الرموز المعبرة عن الهوية الثقافية والحضارية للمدينة وتنوعها المجتمعي رافقه هجرة مئات الألوف من الموصليين من كل الأديان والطوائف والقوميات دون استثناء , يجمعهم رفض قيام دولة الخلافة المتخلف وارهابها الأسود , تلاها ملاحقة وتهجير الشبك والتركمان منها ووصل ذروتها بتهجير المكون المسيحي والأيزيدي بالصورة المأساوية البشعة وارتكاب جرائم الأبادة الجماعية , وهكذا تعرض المجتمع الموصلي التي تعايشت مكوناته بمحبة وسلام عبر مئات من السنين الى ابشع صور الأرهاب التي سيسجلها التاريخ بصفحات سوداء , وبقي من أبناء مدينة الموصل الأكثرية التي لم تتوفر لها القدرة على المغادرة , عزلا يرزحون تحت ارهاب داعش ويراقبون مسخ مدينتهم والغاء هويتها وتدمير ثقافتها ورموزها الحضارية والتاريخية , ومعها يتنامى الموقف الرافض لسلطة داعش يوما بعد يوم , ينعكس ذلك في رفض ابناء الموصل لما قامت وتقوم به العناصر الأرهابية والتعبير عن هذا الرفض في كافة المجالات التي تحتك بها مع هذه العناصر الأرهابية واصوات الرفض والأحتجاج والأستغاثة الذي بدأ يرتفع يوما بعد يوم , أن مجتمع الموصل بكل مكوناته قد تم استهدافه والغاء هويته دون استثناء , مخطئ من يعتقد أن داعش قد أتت مستهدفة مكون معين من مكونات مجتمعنا , هدمت رموز الديانات والمذاهب دون استثناء بجوامعها وكنائسها ومعابدها بنفس الرعونة والهمجية ومسخت الجامعة والمدرسة وكل المؤسسات الثقافية , وهي ملك الجميع .أن التعامل مع هذه القضية الحساسة وكأن داعش تستهدف مكونا دون آخر , بالرغم من بشاعة ما تعرض له الأخوة الأيزيدية والمسيحيين , سيلحق الضرر بالحملة الوطنية لمواجهة داعش والمتحالفين معها وبشكل - دون قصد – غطاء لجرائمها الأرهابية , أن داعش ترفض كل من لا يخضع لفكرها الظلامي المتخلف , أيا كان دينه او طائفته اوانتمائه القومي . ---------------------------------- كانت ردود الأفعال قوية لما حدث على المستوى الشعبي والرأي العام في المنطقة والعالم كله, ويهمنا في هذا المجال ردود افعال وموقف القوى ذات العلاقة المباشرة بما حدث , موقف السلطة السياسية والأحزاب المكونة لها , الدول التي يرتبط العراق معها بمعاهدات أمنية , موقف الأحزاب والتيارات الديمقراطية والمدنية ومنظمات المجتمع المدني ودور كل هذه الجهات في التصدي للهجمة الأرهابية . 1- لم تشهد أي مواجهة عسكرية مع المنظمات الأرهابية خلال السنوات العشر الماضية انهيارا مريعا للقوات الأمنية والعسكرية كالذي شهدته المواجهة معهم في مدينة الموصل بالرغم من حجم هذه القواة وتسليحها اللذي استحوذ على مئات المليارات من اموال الشعب في مواجهة بضعة مئات من الأرهابيين , ولم يحدث هذا الأنهيار لولا البناء الخاطئ للقوات العسكرية القائم على الولاءات السياسية والطائفية والعرقية المتعارضة مع الأسس المهنية والوطنية لبناء القوات العسكرية , وبدلا من مواجهة هذه الحقائق بجرأة وشعور بالمسؤولية الوطنية أخذ القائد العام للقوات المسلحة يكيل الأتهامات لكل خصومه من كتل سياسية واحزاب ودول بالتآمر والوقوف خلف هذا الأنهيار , حتى وان صدقت أدعاء الموأمرة فأنه لا يبرر استسلام وفرار كل قيادة عمليات نينوي وادارتها المدنية الا اذا كانوا جزءا من تلك المؤامرة , وهو ما يحمل رئاسة السلطة السياسية والقيادة العامة للقوات المسحلة المسؤولية الكامل عن ما حدث وعن بناء جيش لا ولاء له للوطن . لم تعرف حتى الآن سلطة سياسية تخلت عن تحمل مسؤولية بمثل هذا الحجم من الخراب غير السلطة في العراق او ما يماثلها من بلدان خاضعة لأنظمة دكتاتورية لا تقيم للمسؤولية الوطنية أي اعتبار . 2- أخطر ما في الوضع الحالي هو اعتماد التحشيد الطائفي للتغطية على فشل القوات الأمنية والعسكرية تحت شعار مساهمة مكونات الشعب لمواجهة الأرهاب والدفاع عن الوطن , متناسين ان الشعب كان عبر التاريخ الظهير القوي لجيش تأسس على مبادئ وطنية وملتزما بشرفه المهني والعسكري . أن هذا الموقف قد فتح الأبواب واسعا لعودة المليشيات الطائفية المسلحة رافقها العودة الى خصوم الأمس لتشكيل ميليشيات اخرى تحت مسميات مختلفة ستكون بداية لصراع دموي طويل قد يدفع بالعراق الى التجزئة والأنقسام , انه اعلان بأنهيار الدولة وتحطيم آمال الشعب بقيام عراق مدني موحد , ديمقراطي تحكمه مؤسسات دستورية . ان ما يثير استغراب المواطن واشمئزازه أن السلطة كانت تتبادل الأتهامات مع شركائها من الكتل الطائفية والقومية بالتآمر وممارسة الأرهاب والتواطئ معه وتسعى لأجتثاث بعض رموزها اللذين عادوا ليتصدروا المواقع الرئيسية في قيادة مؤسسات الدولة , دون ان ينال هذا الأجتثاث عناصر القاعدة والأرهاب عندما تصدروا بعض القوائم الأنتخابية في مدينة الموصل ومنهم من كان رافعا للسلاح عام 2005 عند سقوط المدينة بأيدي المسلحين لبضعة أيام . 3- رافق سقوط مدينة الموصل بأيدي الأرهاب الأسود دخول العملية السياسية مرحلة جديدة بعد انتخاب المجلس النيابي الجديد والأستحقاقات الدستورية المترتبة على ذلك , وانتظر الشعب العراقي أن يكون هذا التزامن دافعا قويا للكتل والأحزاب السياسية الكبيرة ان تنجز هذه الأستحقاقات الدستورية وانتخاب الرئاسات الثلات وتشكيل حكومة جديدة قادرة على التصدي للمهام الوطنية الخطيرة في بلد يهدده الأرهاب بمسخ هويته وتمزيقه والعودة به قرونا عديدة الى الوراء , الا أن ما حدث عبر عن اصرار هذه الكتل والأحزاب على تخندقها الطائفي واعتماد محاصصة كانت مسؤولة عن كل الفساد والخراب اللذين نخر الدولة والمجتمع , كما انها تجاهلت نداءات المراجع الدينية التي طالما احتمت بها , ففي الوقت الذي كانت ( داعش ) وحلفائها تحكم قبضتها على مدينة الموصل وتحويل ابناء نينوى الى عبيد وسبايا وتمعن في التدمير والقتل والتشريد وتمد مخالبها في أرجاء المحافظة والعراق كله , لم تخرج هذه الكتل والأحزاب عن نهجها وصراعها على السلطة بنفس العقلية التي انتهجوها خلال السنوات العشر الماضية وكأنهم يعيشون في كوكب آخر لم تصله اخبار سقوط اجزاء عزيزة من وطنهم في ايدي الأرهاب, لا بل انتقل الصراع داخل الكتلة الواحدة لتحديد استحقاقات فارضين على الشعب دستوريتها , وفتحوا الأبواب على مصراعيه لتدخل فض ومهين من الدول الأقليمة ليقرروا هم من هو صاحب الأستحقاق الدستوري لأستلام السلطة, والتمادي بالتهديد( بنار جهنم !!) ان لم يتحقق لهم هذا الأستحقاق وكأن نار جهنم لم تفتح بعد بارهاب ( داعش ) وما يتعرض له ابناء شعبنا من قتل وذبح وتهجير وارتكاب جرائم الأبادة الجماعية ما دامت هذه النار لم تصل اليهم بعد , ووصل استخفافهم بالشعب ان يعتبر أحد قيادييهم نجاحهم في انتخاب رئيسا لمجلس النواب مناسبة وطنية تستحق تهنئة الشعب بها !!!! ان هذه الكتل بكل اطرافها الطائفية والقومية التي استلمت السلطة بعد الأحتلال على طبق من ذهب ملطخ بدماء ابناء الشعب تأكد انها غير قادرة على التخلي عن نهجها الطائفي والقومي , لأن تخليها عن ذلك يعني انتفاء مقومات وجودها , ولم يعد ينطلي على أحد تبرير سياسة المحاصصة الطائفية والقومية بتحقيق الشراكة الوطنية , ان شعبنا يفهم هذه الشراكة من خلال التعامل مع مواطنيه على اساس هويتهم الوطنية العراقية الجامعة لكل الهويات الفرعية واعتماد الكفاءة والأخلاص اساسا لمساهمته في الخدمة العامة ومشاركتهم في بناء الوطن وبشكل خاص في بناء قواته المسلحة على الأسس المهنية والوطنية وتعزيز التمسك والأعتزاز بالشرف العسكري الذي أهين في معركة نينوى . 4- يرتبط العراق بمعاهدات تعاون مشترك مع دول عديدة كان لها الدور الأساسي في احتلالهم البغيض لها وما انتجه هذا الأحتلال من وضع جديد فرض على هذه الدول ان تتحمل مسؤوليتها في اعادة بناء الدولة العراقية التي ساهم احتلالها له بانهيارها واعادتها الى عقود من التخلف والأنحطاط . ويهمنا في هذا الصدد معاهدة التعاون الأستراتيجي والأمني التي وقها العراق مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد انسحاب قواتها العسكرية من العراق وما نصت عليه من دعم القوات المسلحة العراقية في الجوانب التي لم تستكمل بنائها وبشكل خاص الجانبين التسليحي والأستخباراتي . لا يشك احد فيما تمتلكه الأستخبارات الأمريكية من معلومات دقيقة عن المنظمات الأرهابية وتحركاتها وأماكن وجودها وقدراتها في منطقتنا عموما وفي سوريا والعراق على وجه الخصوص , تعزز ذلك بوجود بضعة مئات من ضباط المخابرات العسكرية الأمريكية في بغداد , الا ان ذلك لم ينعكس حتى الآن على القدرات الأستخبارية للقوات العسكرية العراقية كما يتضح ذلك من التخبط في مواجهة ( داعش ) وقدراتها على الأمتداد في مساحات واسعة من العراق والى مواقع استراتيجية كالنفط والمياه التي يمكن ان تتحول الى تهديد خطير يتجاوز المناطق التي تمكنت القوى الأرهابية حتى الآن من السيطرة عليها حيث لا يمكن ان يكون هذا الأمتداد خارج الرصد الأستخباراتي للولايات المتحدة الأمريكية , ويظهر من الموقف الأمريكي ان موضوع التسليح والدعم الأستخباراتي أصبح اداة تستخدمه ادارتها للصراع في المنطقة وتطور علاقتها مع الجمهورية الأيرانية بما يأمن مصالحها القريبة والبعيدة , مصالح تعتمد على التعامل مع انظمة ضعيفة منهكة بصراعاتها الداخلية والخارجية , وهو ما كان قد مارسته في الحرب العراقية الأيرانية بهدف اطالة الحرب وما نتج عنه من تدمير للطرفين وانتعاش لسوق السلاح السوداء, وقد وجدت الولايات المتحدة الأمريكية الآن بيئة ملائمة لممارسة هذه السياسة من خلال صراع القوى السياسية العراقية على السلطة بصورة تتنافى مع ابسط القيم الأخلاقية والوطنية . 5- في خضم احتدام الصراع بين الكتل الكبيرة المكونة للسلطة في العراق , اتخذت حكومة اقليم كردستان العراق واحزاب الكتلة الكردستانية المكونة لها موقفا قوميا تميز بالأنعزالية ومحاولة استغلال الوضع الحالي برفع شعارات تتعلق بتحقيق أهداف مشروعة للشعب الكردي متجاهلة ان تحقيق هذه الأهداف النبيلة لا يمكن ان تتحقق في ظل عراق ممزق تجتاحه قوى ارهابية معادية للشعب الكردي كما هي معادية لكل مكونات الشعب العراقي الأخرى , ان كردستان والشعب الكردي محاط بدول وقوى لن يروق لها المسيرة الظافرة للشعب الكردي باتجاه تحقيق كافة أمانيه , الا ان سياسة حرق المراحل وتجاوز تأمين مستلزمات تحقيق الأهداف مهما كانت نبيلة ومشروعة كانت واضحة في سياسة حكومة الأقليم في مواجهة الأزمة الحالية . لقد كانت اهداف الشعب الكردي جزءا لا يتجزأ من اهداف الحركة الوطنية والديمقراطية العراقية التي كانت الأحزاب الكردستانية احد اركانها الأساسية عبر تاريخها الطويل , مما يدعونا للتأكيد على ان تحقيق ا لأهداف الوطنية المشروعة لأي من المكونات التي عاشت لعقود طويلة على ارض العراق لا يزال مرتبط ببناء دولة المؤسسات الديمقراطية المدنية التي يتحقق في ظلها اهداف الشعب كله , كما ان تطورات المعركة التي لا زالت مستمرة ضد الأرهاب الذي اجتاح الوطن قد أكدت ان هذه المعركة هي معركة الشعب كله وليس لفئة او مكون من مكوناته التي قد يتوهم أنه قادر على تحقيق النصر لوحده. 6- من الجهة الأخرى كانت القوى المدنية والديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني تعمل بمناهجها وشعاراتها الرافضة للطائفية والتطرف القومي من اجل تشكيل حشد وطني لمواجهة الهجمة الأرهابية , وقد كان ذلك واضحا خلال الحملة الأنتخابية وفي برامجها ونشاطاتها التي اعقبت ذلك وانعكس ذلك من خلال موقف التحالف المدني الديمقراطي وكافة التحالفات والشخصيات المدنية الأخرى في مواجهة الأزمة الحالية ومواجهة الأرهاب والموقف من اعادة بناء الدولة . ان القوى الوطنية والديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني التي تناضل من اجل اقامة دولة المؤسسات الدستورية على اسس ديمقراطية حقيقية وتأمين الحرية والعدالة الأجتماعية , مدعوة الى التوجه الى جماهير ألشعب لخلق قوة ضاغطة على الكتل السياسية المهيمنة على السلطة واحزابها السياسية المصرة على نهجها الطائفي والقومي , ان تطهير الوطن من المنظمات الأرهابية ومن كل اشكال العنف والأرهاب لا يمكن ان يتحقق دون ان يسير ذلك مع اعادة بناء الدولة ومؤسساتها الدستورية على اسس ديمقراطية حقيقية وقيام السلطة التشريعية بأداء مهامها بسن وتشريع القوانين اللازمة لهذا البناء بما فيها سن قانون للخدمة العسكرية على اسس وطنية ومهنية وسن قوانين صارمة لمكافحة الفساد الذي نخر الدولة كلها الى جانب قوانين ديمقراطية للأنتخابات والأحزاب وغيرها من القوانين التي عطلت تشريعها السلطة والكتل المكون لها حتى الآن . أن القوى المدنية والديمقراطية التي تضم الأحزاب والتيارات والشخصيات الأكثر كفاءات ووطنية, مدعوة اكثر من اي وقت مضى لتحمل مسؤوليتها التاريخية من خلال توحيد صفوفها و تجاوز عمل ( النخب ) في مواجهة الكتل الطائفية والقومية المتطرفة بالتوجه الى جماهير الشعب ببرنامج وطني جريء يعبر عن امانيها ويخاطب عقولها واحاسيسها , يتصدره شعار تطهير الوطن من المنظمات الأرهابية بكل اشكالها وبناء الدولة الديمقراطية المدنية .
(++) استاذ جامعي و ناشط في مجال العمل المدني الديمقراطي .
| |
|