«تويتر» ينشر الفوضى في صفوف «داعش» والبنتاغون معاً
تضارب حول مقتل البغدادي.. وتغريدة للعدناني أشعلت الجدل
محمد عايش
November 15, 2014
لندن – «
القدس العربي»: تسببت تغريدات متعددة ومتضاربة على شبكة التواصل الإجتماعي «تويتر» في نشر حالة من الفوضى في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية في
العراق والشام «داعش» وفي أروقة وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أيضاً في آن واحد، وذلك بعد أن تضاربت الأنباء طوال الأيام الماضية حول مقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي.
وأورد عدد من الحسابات على «تويتر» من التي عادة ما تنشر أخبار «داعش» نبأ مقتل أبو بكر البغدادي، قبل أن تتراجع حسابات داعشية أخرى عن الخبر وتنفي النبأ جملة وتفصيلاً، في الوقت الذي كانت طائرات أمريكية قد استهدفت اجتماعاً أو موكباً للتنظيم بالفعل أدى الى مقتل عدد من عناصر وقيادات التنظيم، إلا أن «البنتاغون» والسلطات العراقية لم يتمكنا من تأكيد نبأ قتل البغدادي نفسه في الغارة التي استهدفت موقعاً في مدينة الموصل، عاصمة دولة «داعش».
وفي الوقت الذي يلاحق فيه موقع «تويتر» الحسابات العائدة لتنظيم «داعش» ويلغي الكثير منها بين الحين والآخر، بمجرد اكتشاف أي منها، فان حسابات جديدة تظهر كل يوم، وهو ما منح التنظيم أيضاً قدرة على نشر الأخبار ونقيضها، أو نشر الأخبار ومن ثم التراجع عنها، حيث يشيع مؤيدو التنظيم أن بعض الحسابات قد تمت سرقتها أو إلغاؤها، بما في ذلك حسابات لقيادات في التنظيم كان طوال الفترة الماضية مصدراً مهماً للأخبار بالنسبة للصحافيين.
ويقول متابعون على الانترنت أن الناشطين الإعلاميين التابعين لتنظيم «داعش» يؤسسون عشرات الحسابات يومياً على «تويتر» و»فيسبوك» ويقومون بنشر العديد من الأخبار، فضلاً عن أن الكثير من الحسابات تنشر أخباراً ثم تتراجع عنها لاحقاً، فيما يزعم بعض أصحاب الحسابات انها تعرضت للسرقة أو أن إدارة الشركة قامت بالغاء الحساب أو تجميده في إطار الحرب التي يواجهها تنظيم «داعش» على الانترنت.
وقال صحافي عربي متخصص في رصد شبكات التواصل الإجتماعي لــ»
القدس العربي» إن لدى «داعش» استراتيجية متعمدة تقوم على «نشر الأخبار ونقيضها من أجل بث الفوضى لدى الطرف الآخر وخلط الأوراق» مشيراً الى أنه رصد حالات عديدة يقوم فيها حساب ما تابع لـ»داعش» بنشر خبر ما، ومن ثم يقوم بحذف التغريدة عن الحساب ومسحها نهائياً بعد أن يكون الخبر قد انتشر، ليتم نشر النقيض لهذا الخبر بعد أيام قليلة.
وبحسب الصحافي الذي يعمل لحساب إحدى أكبر القنوات الفضائية الإخبارية فانه يقوم بتصوير التغريدات فور نشرها على الحسابات الداعشية المعتمدة، لتظل دليلاً بين يديه على النشر، وفي كثير من الحالات يقوم الناشط الداعشي بمسح التغريدة لينشر خبراً مضاداً لها بعد أيام، وأحياناً بعد ساعات قليلة.
تضارب حول البغدادي
وخلال الأيام القليلة الماضية اشتعلت شبكات التواصل الإجتماعي بالأخبار المتضاربة حول مقتل أو اصابة البغدادي، فنشرت بعض الحسابات على «تويتر» أن غارة أمريكية على الموصل أدت الى مقتل البغدادي، بينما نشرت حسابات أخرى أن الغارة ذاتها أدت الى إصابة الخليفة بجراح، فيما نفت حسابات أخرى هذه المعلومات جملة وتفصيلاً وقالت إن الرجل بخير.
وفوجئ أنصار تنظيم «داعش» على الانترنت بتغريدة ينشرها الناطق باسم التنظيم أبو محمد العدناني على موقع «تويتر» يعلن فيها أن البغدادي أصيب في الغارة الأمريكية التي استهدفت التنظيم، وقال: «وهل تظنون أن الخلافة تنتهي باستشهاد الخليفة؟ نطمئن الأمة بأن أميرها أبو بكر البغدادي بخير ولله الحمد. إدعوا له بالشفاء العاجل».
وأثارت تغريدة العدناني جدلاً واسعاً على الانترنت قبل أن يصدر عن تنظيم «داعش» على شبكات التواصل الإجتماعي ينفي ما ورد على لسان العدناني، بل يقول أيضاً إنه «لا يوجد لأمير المؤمنين أبي بكر البغدادي والشيخ أبي محمد العدناني أي حساب على أي من مواقع التواصل الإجتماعي. ولا يمتلك أحد التصريح باسم الدولة الإسلامية غير أميرها أو المتحدث الرسمي… للدولة الإسلامية مصادر رسمية ثابتة تنشر أخبارها ومرئياتها، وهي مؤسسة «الفرقان» و»الاعتصام» و»مركز الحياة» للإعلام، ومؤسسة «أجناد» للإنتاج الصوتي. وكل ما ينشر خارج ذلك، فهو لا يمثّل الدولة الإسلامية في أي وجه كان».
اضطراب في واشنطن وبغداد
وبدت حالة الفوضى والاضطراب وعدم اليقين في بغداد وواشنطن، حيث أعلنت السلطات العراقية أنها تحقق في صحة الأخبار حول مقتل أو إصابة البغدادي، إلا أنها لم تؤكد أو تنف المعلومات، أما واشنطن فقالت أنها «غير متأكدة مما إذا كان البغدادي قد قضى في الغارة الجوية التي استهدفت موقعاً لداعش».
وبينما لم يستطع أي من العراق أو الولايات المتحدة تأكيد مقتل البغدادي أو نفي الخبر، فان جدلاً واسعاً ولغطاً كبيراً دار على الانترنت وعبر شبكات التواصل الإجتماعي حول احتمال مقتله، حيث تداول ناشطون صورة لجثة يبدو وكأن صاحبها هو البغدادي ذاته، أو أنه شبيه بالرجل، فيما حاول الكثير من أنصار التنظيم التقليل من التأثير المتوقع لمقتل البغدادي.
وأراد الكثير من النشطاء على الانترنت التقليل من تأثيرات مقتل البغدادي على التنظيم، في حال كانت الأنباء عن اصابته صحيحة، وحاول الكثير منهم التأكيد على أن دولة الخلافة الإسلامية قامت وأن مؤسساتها ثابتة لن تتأثر بمقتل زعيمها ولا غيابه.
وفسر صحافي متابع للشأن الداعشي التضارب في التصريحات بأن التنظيم «ربما يريد اختبار ردود الفعل المحتملة على نبأ مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي، وهو الخبر الذي سيأتي لا محالة عاجلاً أم آجلاً» مشيراً الى أن الشائعات ربما تكون بالون الاختبار الذي أطلقه «داعش» من أجل استقراء ردود الأفعال.
ولدى الصحافيين والمراقبين للشأن الداعشي إجماع على أن التنظيم يتبنى استراتيجية إعلامية ذكية يقوم من خلالها بتحقيق الكثير من أهدافه، سواء ما يتعلق منها ببث الرعب والخوف في قلوب أعدائه، أو رفع المعنويات في صفوف جنوده ومقاتليه الذين يخوضون معارك شرسة في العديد من المناطق وعلى الكثير من الجبهات.
محمد عايش