الأوروغواي: موخيكا أفقر رئيس في العالم أو «الخليفة عمر بن عبد العزيز في أمريكا اللاتينية» يترك السلطة
فوز باسكيث بالانتخابات يعتبر استمرارا لتقدم اليسار في دول المنطقة
December 2, 2014
مدريد – «
القدس العربي» من
حسين مجدوبي: شهدت الأوروغواي يوم الأحد الماضي الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي قادت اليساري تباري باسكيث إلى الفوز لخلافة خوسي موخيكا. ويبقى الخبر الرئيسي الذي اهتمت به وسائل الإعلام والرأي العام الدولي هو عدم ترشح موخيكا وانسحابه بعدما اكتسب صفة أفقر رئيس دولة في العالم، وعمل على المساهمة في أكبر قفزة اقتصادية لبلاده خلال العقود الأخيرة. هذا الرئيس الذي سخر من ثري عربي أراد شراء سيارته التي لا يتعدى ثمنها الألفي دولار بمليون دولار.
وجرت الانتخابات يوم الأحد، وفاز تباري باسكيث بأكثر من 54٪ من الأصوات على حساب مرشح اليمين لويس كيي بو. وينتمي تباري باسكيث إلى الائتلاف اليساري «الجبهة الموسعة»، وهو نفس حزب خوسي موخيكا.
وحملت هذه الانتخابات معطيات جديدة وعلى رأسها استمرار اليسار في الحكم لمدة 15 سنة متتالية، ويحدث هذا لأول مرة في تاريخ البلاد، وفي الوقت نفسه عودة تباري باسكيث إلى الرئاسة بعدما كان قد شغل المنصب ما بين سنتي 2005-2010.
وهذا الفوز يؤكد مرة أخرى استمرار تقدم اليسار في مجموع أمريكا اللاتينية على حساب اليمين المحافظ والمعتدل الذي يحكم فقط في دولتين، كولومبيا والباراغواي. وتوجد دول كبيرة في يد رؤساء يساريين مثل بوليفيا والإكوادور والتشيلي والبرازيل وفنزويلا.
لكن الخبر الذي اهتمت به أمريكا اللاتينية والصحافة الدولية ليس الفائز في الانتخابات بل انسحاب خوسي موخيكا من الرئاسة بعدما اكتسب صفات تجعل منه أحد الرؤساء النادرين. وفي المقام الأول، فقد كان فاز في الانتخابات الرئاسية سنة 2009 بقرابة 53٪ ويغادر السلطة دون الترشح ثانية وشعبيته الأعلى في أمريكا اللاتينية. والصفة الثانية التي ترفعه إلى مصاف الأسطورة أنه أفقر رئيس في العالم، والرئيس الذي تخلى عن كل الامتيازات.
وقرر موخيكا بعد انتخابه رئيسا الاستمرار في العيش في منزله العادي للغاية في ضواحي العاصمة، وهو منزل لزوجته، وكان يزور المسكن الرئاسي فقط للعمل أو الاستقبال. وكان راتب الرئيس هو 11 ألف دولار شهريا، ولكنه اكتفى بـ1100 دولار وتنازل عن 90 ٪ من راتبه لمشاريع خيرية لصالح الفقراء. وبهذا أصبح راتبه يعادل مرتب موظف متوسط في الوظيفة العمومية.
وكان منظر موخيكا الرئيس مثيرا للدهشة وهو يقود سيارته من نوع فولسفاغن المعروفة بالخنفس التي تعود إلى سنة 1987، هذه السيارة التي أراد ثري عربي شراءها بمليون دولار، ورفض موخيكا، بل أن بعض مساعديه صرح للصحافة أنه كان يمقت زيارة بعض الدول ومنها العربية لأن البذخ الفادح كان يسبب له التقزز، فكيف سيبيع سيارته بثمن مرتفع ليلطخ سمعته.
يترك موخيكا السلطة وينسحب بعدما بلغ عقده الثامن، تاركا البلاد في بحبوحة اقتصادية، ولكنه جسد قيم تضامن الحاكم مع الشعب التي تبقى في العالم العربي «يوتوبيا»، بحكم أن حكام العالم العربي لا يأبهون لا بنموذج موخيكا ولا بنموذج من التاريخ العربي وهو الخليفة عمر بن عبد العزيز.