هلال الإسلام يتعهد بحماية الصليب باحتفالات رأس السنة في مصر فعاليات سياسية مصرية وضعت خططا للذود عن الكنائس خاصة وأن الإرهاب لا يتوقف عند الأقباط بل يطال كل مواطني مصر. العرب
عماد أنور [نُشر في 16/12/2014، العدد: 9770، ص(13)]
المسيحيون حرسوا صلوات المسلمين في التحرير، والمواطن المصري سيحمي كنائس الوطن خلال الأعياد
القاهرة – مبكرا بدأت وزارة الداخلية المصرية في إعداد خطة أمنية غير مسبوقة لتأمين الكنائس، خلال الاحتفال بأعياد الكريسماس واحتفالات الأقباط بالعام الجديد، حتى تتجنب مشهد تفجير كنيسة القديسين قبيل اندلاع ثورة 25 يناير 2011، والتي أطاحت بنظام مبارك، وانهيار هيبة جهاز الشرطة برمته.
كشفت مصادر أمنية رفيعة المستوى، عزم الداخلية الدفع بنحو 1500 تشكيل أمني، لتأمين جميع الكنائس المصرية على مستوى الجمهورية البالغ عددها نحو 2626 كنيسة، بمشاركة قطاعي العمليات الخاصة والأمن المركزي، وقسم المفرقعات بالحماية المدنية، إضافة إلى نشر المئات من الكلاب البوليسية حول الكنائس.
وزارة الداخلية اتخذت تلك الاستعدادات، بعد ورود تهديدات تبنتها جماعات مسلحة، في مقدمتها “أنصار بيت المقدس” بالتعدي على الكنائس وإفساد الفرحة على الأقباط خلال الاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية، ونشر الفوضى لإرباك المشهد السياسي، الذي يسير بخطوات حثيثة نحو تثبيت أركانه.
الكنائس المصرية باتت عقب ثورة 25 يناير 2011 صيدا ثمينا استغلته الجماعات المتشددة لإشعال الفتنة الطائفية بين المصريين، وقد تعرضت عدة كنائس إلى هجمات إرهابية، استهدفت الآمنين، فضلا عن تدمير المنشآت، وقد حمّل تقرير لجنة تقصي حقائق ثورة 30 يونيو بمصر قيادات الإخوان المسلمين مسؤولية استهداف الكنائس لإثارة البلبلة، ومن ثم إسقاط الدولة المصرية. بين الحين والآخر، وعقب سقوط نظام محمد مرسي، بات اللعب على نغمة الكنيسة المصرية نارا تحت الرماد تشتعل تارة وتنطفئ أخرى، أمام دعوات ملايين المصريين بألا تندلع أحداث ”فتنة طائفية” في هذه المرحلة المهمة من عمر الوطن.
- اقتباس :
- دعوة أبناء الشعب المصري إلى التكاتف من أجل الدفاع عن الدولة المصرية وحماية المقدسات من التطرف
الداخلية المصرية وضعت في الحسبان عدم تكرار مثل هذه الأحداث مرة أخرى، حتى لا يستغلها البعض في التفرقة بين الشعب والشرطة من جهة، وحفاظا على أرواح المواطنين من جهة أخرى، وحتى لا تسمح بدس أنوف جهات خارجية من جهة ثالثة، لذلك راعت في خطتها التأمينية ضرورة تكثيف التواجد الأمني حول الكنائس، خاصة في المناطق المكتظة بالسكان، كما قررت وضع العديد من البوابات الإلكترونية أمام الكنائس للكشف عن المعادن، والقيام بعملية مسح شامل وتعقيم المباني بواسطة الكلاب البوليسية قبل الاحتفالات، كما حذرت الأقباط من عدم التجمع أمام الكنائس قبل وبعد الاحتفالات والانصراف مباشرة.
كانت مصر قد شهدت أحداث عنف متعددة، استهدفت الكنائس، والتي فشلت محاولات علاجها من الجذور لعشرات السنين، رغم تزايدها عقب ثورة يناير، إلا أن أشهرها وقع قبل اندلاع الثورة بأيام قليلة، وهو تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية في الأول من يناير 2011، وهو الحادث الذي وضع قوات الأمن المصرية في حرج شديد، حيث اتهم البعض حبيب العادلي وزير الداخلية في نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك بالتورط في عملية التفجير، في حين أشار جهاز الأمن وقتها، إلى تورط عناصر تابعة لحركة حماس.
عقب ثورة يناير شهدت محافظة المنيا بصعيد مصر، أحداث عنف متبادل بين مسلمين ومسيحيين، وكان أشهرها أحداث (منقطين وبني واللمس ومغاغة وسمالوط)، إضافة إلى أحداث طائفية أخرى في البحر الأحمر، بسبب سور أحد الأديرة الذي وقع، وأرادت الكنيسة بناءه دون الرجوع إلى الجهات الأمنية كما هو متبع، فضلا عن الأحداث التي وقعت عقب عزل مرسي، وكان أبرزها حريق كنيسة (دلجا)، والتي تولت القوات المسلحة المصرية إعادة بنائها، كما فعلت مع القديسين من قبل. إذا كانت الكنائس وسيلة الجماعات المتشددة، فهي أيضا الوسيلة التي يتخذها بعض الأقباط في إحداث الفتنة نفسها، لكن من منطلق إجهاض حقوق الأقباط وانتهاكها، وأنهم يعيشون مثل الغرباء على أرض مصر، حتى أن بعضهم طالب بالاستقواء بأميركا والهجرة إلى هناك، إلا أن الراحل البابا شنودة بابا الإسكندرية السابق، رفض تماما تدخل أي طرف أجنبي في شؤون مصر الداخلية، وقال عقب أحداث كنيسة القديسين “العمليات الإرهابية لا تستهدف الأقباط فحسب، بل تستهدف كل مواطني مصر”، مؤكدا أن الأقباط لا يعانون من الاضطهاد.
- اقتباس :
- الإرهاب لن ينال من المصريين، واستهداف الكنائس لا يعني استهداف المسيحيين فقط، بل هو اعتداء على جميع المصريين
من جانبه، حذر فادي يوسف رئيس ائتلاف أقباط مصر، من استهداف الكنائس المصرية أثناء الاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية، وأكد في تصريحات لـ”العرب”، أن الإرهاب لن ينال من المصريين وأن الجميع سيقف يدا واحدة لحماية الوطن الذي نعيش على أراضيه، داعيا جميع أطياف الشعب المصري إلى التكاتف لهدم أي مخطط يستهدف أمن المصريين واستقرارهم، ومنع الجماعات المتشددة من العبث، مشيرا إلى أن استهداف الكنائس لا يعني استهداف المسيحيين فقط، بل هو اعتداء على جميع المصريين.
بعض الأحزاب السياسية المصرية أصدرت عدة بيانات تحذيرية من تعرض مناطق عدة في البلاد إلى هجمات إرهابية، خاصة الكنائس، وطالب ياسر القاضي رئيس اتحاد نواب مصر في تصريحات لـ”العرب”، أبناء الشعب المصري بالتضامن مع الجيش والشرطة من أجل الدفاع عن الدولة المصرية وحماية الشعب والمقدسات من التطرف.
وشدد “القاضي” على أن جميع المصريين سيجعلون من أجسادهم دروعا لحماية الكنائس المصرية، لإغلاق الأبواب أمام من يستهدفون الهوية الدينية، ورأت بعض القوى الثورية أن الأقباط كان لهم دور بارز في ثورتي 25 يناير و30 يونيو. وعلمت “العرب” أن بعض الأحزاب والقوى السياسية في المحافظات والقرى، وضعت خططا لمساعدة قوات الأمن في حماية الكنائس والأديرة خلال الاحتفال بأعياد “الكريسماس”، وامتد الأمر إلى التجهيز لحماية بيوت الأقباط في تلك القرى، حتى ينعموا بالاحتفال في أمان. في السياق ذاته، أكد الخبير الأمني خالد مطاوع لـ”العرب”، أن قيام الجماعات المسلحة بتنفيذ هجمات إرهابية على الكنائس خلال احتفالات رأس السنة أمر متوقع، مشددا على عدم الاستهانة بأي بيانات تصدر عن هذه الجماعات، وقال إن حالة الاستنفار الأمني التي أعلنتها الداخلية المصرية لم تأت من فراغ، وربما أثبتت التحريات نية تلك الجماعات إفساد فرحة المصريين.