السلطان العابد المجاهد نور الدين محمود زنكى
--------------------------------------------------------------------------------
اخوتى الاحباب
الشخصية التى اريد ان تتعرفوا عليها هى شخصية السلطان العابد المجاهد نور الدين محمود زنكى
وقصة منبره
الحق أن في سيرة هذا الرجل ما يدعو إلى التوقير والدراسة والبحث…ويكفينافخرا أن تتعطر ألسنتنا بذكر بعض مواقف هذا الرجل الصالح ، فلقد هب كما يهبالمارد ليحرر المسجد الأقصى من دنس الحملات الصليبية ونقتطع من سيرة هذاالرجل ما يتعلق بمنبره المعروف باسم منبر نور الدين محمود.
من هو نور الدين ؟
ولد في17 شوال511هـوهو ثاني أولادعماد الدين زنكيبعدسيف الدين غازي، وقد تأثر أبناء عماد الدين بما كان لأبيهم من خلال وفضائل، فكانوا جميعا من رجال الجهاد وفرسانه، على تفاوت في ذلك بينهم.
بعد وفاة عماد الدين زنكي اقتسم ولداه: سيف الدين غازي ونور الدين محمود دولته، فحكم الأولالموصلوثبّت أقدامه بها، وانفرد الآخر بحكمحلب، وكان الحد الفاصل بين أملاك الأخوين هونهر الخابورفيالجزيرة السورية، وكان كلا الأخوين مؤهلا لما وجهته له الأقدار، فكان سيف الدين غازي صاحبسياسة وأناة، على حين كان نور الدين مجاهدا مخلصا جياش العاطفة صادقالإيمان، ميالا إلى جمع كلمة المسلمين وإخراج الأعداء من ديارالمسلمين،وهو ما جذب الناس إليه، وحبب القلوب فيه.
كانعلى نور الدين أن يواصل سياسة أبيه في جهاد الصليبيين، يدفعه إلى ذلكطبيعته المفطورة على حب الجهاد، وملازمته لأبيه في حروبه معهم. وقربإمارته فيحلببشمال سوريا من الصليبيين جعله أكثر الناس إحساسا بالخطر الصليبي .
أهم صفاته الشخصية
حرصه على تطبيق الشريعة
كاننور الدين محمود يقول: "نحن شحن (شرطة) الشريعة نمضي أوامرها" وقال أيضاً: "نحن نحفظ الطريق من لص وقاطع طريق والأذى الحاصل منهما قريب أفلا نحفظالدين ونمنع عنه ما يناقضه, وهو الأصل"
قال عنهابن كثير: "كان يقوم في أحكامه بالمعدلة الحسنة واتباع الشرع المطهر .. وأظهر ببلاده السنة وأماتالبدعة"
أمر بإلغاء كلالضرائبوالمكوسالتي كانت تؤخذ من الشعب وذلك عندما قص عليه وزيره موفق الدين خالد بنمحمد بن نصر القيسراني الشاعر أنه رأى في منامه كأنه يغسل ثياب الملك نورالدين، فأمره بأن يكتب مناشير بوضع المكوس والضرائب عن البلاد، وقال له:هذا تأويل رؤياك. وكتب إلى الناس ليكون منهم في حل مما كان أخذ منهم،ويقول لهم: إنما صرف ذلك في قتال أعدائكم من الكفرة والذب عن بلادكمونسائكم وأولادكم. وكتب بذلك إلى سائر ممالكه وبلدان سلطانه، وأمرالوعاظ أن يستحلوا له من التجار، وكان يقول في سجوده: اللهم ارحم المكاسالعشار الظالم محمود ال***.
عدله
وصفابن الأثيرنور الدين بأنه: "كان يتحرى العدل وينصف المظلوم من الظالم كائناً من كان, القوي والضعيف عنده في الحق سواء, فكان يسمع شكوى المظلوم ويتولى كشف ذلكبنفسه, ولا يكل ذلك إلى حاجب ولا أمير, فلا جرم أن سار ذكره في شرق الأرضوغربها."
قالابن الأثير:وهو أول من ابتنى داراً للعدل، وكان يجلس فيها في الأسبوع مرتين، وقيل:أربع مرات، وقيل: خمس. ويحضر القاضي والفقهاء من سائر المذاهب، ولايحجبه يومئذ حاجب ولا غيره، بل يصل إليه القوي والضعيف، فكان يكلم الناسويستفهمهم ويخاطبهم بنفسه، فيكشف المظالم، وينصف المظلوم من الظالم.
وكان سبب ذلك أنأسد الدين شيركوه بن شاذيكان قد عظم شأنه عند نور الدين، حتى صار كأنه شريكه في المملكة، واقتنىالأملاك والأموال والمزارع والقرى، وكان ربما ظلم نوابه جيرانه في الأراضيوالأملاك العدل، وكان القاضي كمال الدين ينصف كل من استعداه على جميعالأمراء إلا أسد الدين هذا فما كان يهجم عليه، فلما علم نور الدين بذلكابتنى نور الدين دار العدل تقدم أسد إلى نوابه أن لا يدعوا لأحد عندهظلامة، وإن كانت عظيمة، فإن زوال ماله عنده أحب إليه من أن يراه نور الدينبعين ظالم، أو يوقفه مع خصم من العامة، ففعلوا ذلك.
فلماجلس نور الدين بدار العدل مدة متطاولة ولم ير أحداً يستعدي على أسد الدين،سأل القاضي عن ذلك فأعلمه بصورة الحال، فسجد نور الدين شكرا لله، وقال:الحمد لله الذي جعل أصحابنا ينصفون من أنفسهم.
تدينه وزهده
كان نور الدين يصلي كثيرابالليل وحكي عنه أنه يصلي فيطيل الصلاة, وله أوراد في النهار, فإذا جاءالليل وصلى العشاء نام, ثم يستيقظ نصف الليل, ويقوم إلى الوضوء والصلاة ثميظهر للركوب ويشتغل بمهام الدولة.
قال عنهابن كثيرفيالبداية والنهاية: "وقد كان رحمه الله حسن الخط كثير المطالعة للكتب الدينية، متبعاً للآثارالنبوية، محافظاً على الصلوات في الجماعات، كثير التلاوة، محباً لفعلالخيرات، عفيف البطن والفرج، مقتصداً في الإنفاق على نفسه وعياله فيالمطعم والملبس، حتى قيل: إنه كان أدنى الفقراء في زمانه أعلا نفقة منهمن غير اكتناز ولا استئثار بالدنيا، ولم يسمع منه كلمة فحش قط، في غضب ولارضا، صموتاً وقوراً."
قالابن الأثير: لم يكن بعدعمر بن عبد العزيزمثل الملك نور الدين، ولا أكثر تحرياً للعدل والإنصاف منه، وكانت له دكاكينبحمصقد اشتراها مما يخصه من المغانم، فكان يقتات منها، وزاد امرأته من كراهاعلى نفقتها عليها، واستفتى العلماء في مقدار ما يحل له من بيت المال فكانيتناوله ولا يزيد عليه شيئاً، ولو مات جوعاً، وكان يكثر اللعب بالكرةفعاتبه رجل من كبار الصالحين في ذلك فقال: إنما الأعمال بالنيات، وإنماأريد بذلك تمرين الخيل على الكر والفر، وتعليمها ذلك، ونحن لا نتركالجهاد.
وكان لا يلبس الحرير، وكانيأكل من كسب يده بسيفه ورمحه.وكان نور الدين يستقرض من الشيخ عمر الملا منالموصل -وكان من الصالحين الزاهدين- في كل رمضان ما يفطر عليه، وكان يرسلإليه بفتيت ورقاق فيفطر عليه جميع رمضان. وكان يدعو قائلاً: "اللهم انصردينك ولا تنصر محموداً من ال*** محمود حتى ينصر ", وكان يدعو أيضاً: " إنكيا رب إن نصرت فدينك نصرت, فلا تمنعهم النصر بسبب محمود إن كان غير مستحقللنصر ".
الجهاد ضد الصليبيين
استهل نور الدين حكمه فيسوريابالقيام ببعض الهجمات على إمارةأنطاكيةالصليبية، واستولى على عدة قلاع في شمالالشامومنطقةالساحل السوري، ثم قضى على محاولة "جوسلين الثاني" لاستعادةالرهاالتي فتحها عماد الدين زنكي وكانت هزيمة الصليبيين في الرها أشد منهزيمتهم الأولى، وعاقب نور الدين من خان المسلمين من أرمن الرها، وخافبقية أهل البلد من المسيحيين على أنفسهم فغادروها.
كاننور الدين دائم السعي إلى استمالة القوى الإسلامية المتعددة في الشاموشمال العراق وكسب ودها وصداقتها؛ لتستطيع مواجهة العدو الصليبي، فعقدمعاهدة معمعين الدين أنرحاكمدمشقسنة (541هـ = 1147م) وتزوج ابنته، فلما تعرض أنر لخطر الصليبيين وكانتتربطه بهم معاهدة وحلف لم يجد غير نور الدين يستجير به، فخرج إليه، وسارامعا صاحب دمشق ونور الدين واستوليا علىبصرىوصرخندفي جنوب سوريا قبل أن يقعا في يد الصليبيين، ثم غادر نور الدين دمشق؛ حتىيبعث في قلب حاكمها الأمان، وأنه لا يفكر إلا في القضاء على الصليبيين؛فتوجه إلى حصون إمارةإنطاكية، واستولى على أرتاح وكفر لاثا وبصرفوت وغيرها.
وعلىأثر ذلك ملك الرعب قلوب الصليبيين من نور الدين، وأدركوا أنهم أمام رجل لايقل كفاءة وقدرة عن أبيه عماد الدين، وكانوا قد ظنوا أنهم قد استراحوابموته، لكن أملهم تبدد أمام حماسة ابنه وشجاعته، وكانت سنه إذ ذاك تسعاوعشرين سنة، لكنه أوتي من الحكمة والتدبير خيرا كثيرا.
وفي سنة (542 هـ = 1147م) وصلتالحملة الصليبية الثانيةعلى الشام بزعامةلويس السابعوكونراد الثالث،لكنها فشلت في تحقيق أهدافها، وعجزت عن احتلالدمشقأهم مدن الشام ، ويرجع الفضل في ذلك لصبر المجاهدين واجتماع كلمة جيشالمسلمين ووحدة صفهم، وكان للقوات التي جاءت مع سيف الدين غازي وأخيه نورالدين أكبر الأثر في فشل تلك الحملة، واستغل نور الدين هذه النكبة التيحلّت بالصليبيين وضياع هيبتهم للهجوم علىأنطاكيةبعد أن ازداد نفوذه في الشام، فهاجم في سنة (544هـ=1149م) الإقليم المحيط بقلعةحارمالواقعة على الضفة الشرقيةلنهر العاصي، ثم حاصر قلعة إنب، فنهض "ريموند دي بواتيه" صاحب أنطاكية لنجدتها،والتقى الفريقان في (21 من صفر 544هـ= آخر يونيو 1149م) ونجح المسلمون فيتحقيق النصر وكان من جملة القتلى صاحب إنطاكية وغيره من قادة الفرنج
حكاية المنبر
كانمن عادة نور الدين محمود أنه كلما خرج من نصر على الصليبين فى معركة منمعاركه أن يصلى لله شكرا وأن يعطى العطايا ويوزع الغنائم ويجلس إلىالعلماء والخطباء والناس فيسمع ما يقولون ويسمعون ما يقول ، وكان دوما مايردد أن نصر الله آت قريبا لا شك – عنده- فى ذلك.
وفى ذات مرة بعد معركة حارم التى أقض فيها مضاجع الصليبيين التفت إلى جلسائه وهو يقول
الحمدلله اقتربنا من القدس وسوف ندخله إن شاء الله قريبا نقيم فيه الصلاة لكنه – والحضور- صمت لحظة ثم عاد يقول فى تأثر شديد : لكنهم حطموا المنابرفلنستعد بمنبر عظيم يليق بذلك اليوم العظيم يصعد فيه الخطيب ويحيى يومالنصر ويهز الجدران كما تهز القلوب.
ثمأمر باستدعاء أمهر المهندسين وكان منهم : حميد الدين بن ظافر الحلبي ،وسليمان بن معالي وطلب منهما أن يصنعا منبرا فخما مرصعا بالجواهر والدر لميصنع مثله من قبل واستعجلهما فى الطلب حتى ظن الحاضرون أن نور الدين محمودتوهم النصر على الأبواب وقرأ ذلك فى عيون الحاضرين فقال:
إنهآت قريبا بعون الله ندخله إن شاء الله مهللين مكبرين ملبين نصلى فيه صلاةالشكر ونستمع فيه إلى الخطيب البليغ وهو يرطب بكلامه قلوبنا ولابد أن يلقىخطبته العظيمة فى ذلك اليوم العظيم من فوق منبر عظيم.
ثمالتفت إلى المهندسين قائلا : أريد ذلك المنبر تحفة تليق بجلال الفتحالمبين يتلألأ بجواهره ودرره وغالى خشبه ودقة صنعه فى وسط المسجد الأقصى .
حول المنبر
بدأالصناع بتنفيذ المنبر الذي أمر بصنعه الملك العادل نور الدين سنة (563هـ /1167م) في مكان يدعى (الحلوية) في مدينة حلب في سوريا، إذ اشتهرت مدينةحلب في تلك الفترة في صناعتها وصناعها واستغرق بناء المنبر سنينا على يد أمهر المهندسين ، ويوصف بأنهمنبرخشبي ، صنع من خشب أرز لبنان، له بوّابة ترتفع فوقها تاجٌ عظيم ثمّ درجيرقى إلى قوس أعلاه وشرف خشبيّة، وهو مرصّع كلّه بالعاج والآبنوس، فيهنقوش وحفر على الخشب الذي فيه ، مكتوب على يسار الخطيب وهو يرتقي المنبر " بسم الله الرحمن الرحيم ، أمر بعمله العبد الفقير إلى رحمته الشاكر لنعمتهالمجاهد في سبيله المرابط لإعلاء دينه الملك العادل نور الدين ركن الإسلاموالمسلمين منصف المظلومين من الظالمين أبو القسم محمود بن زنكي ابن آقسنقر في شهور سنة أربعة وستين وخمس مائة ، وعلى يمين الخطيب وهو يرتقىالمنبر مكتوب قوله تعالى: "إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذيالقربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلّكم تذكّرون"
وقبلأن يموت أوصى نور الدين محمود بمنبره خيرا ولكأنى به أراه وهو يشير عليهمبإتمامه ويقول ضعوه فى مكانه من المسجد الأقصى ولا تنسوا نور الدين محمود وأنتم تنظرون إلى ذلك المنبر وتسمعون الخطيب من فوقه وهو يبكى بدموع الفرح لإنقاذ القدس وتطهيره من دنس الصليبيين .
وجاء صلاح الدين صاحب الوفاء
وحيناستكمل صلاح الدين رسالة نور الدين محمود وحرر المسجد الأقصى قال وعيناهمغرورقتان بالدموع : المنبر.. منبر السلطان نور الدين محمود ابعثوا إلىحلب وأحضروه لنقيمه حيث أراد السلطان المؤمن ذلك الرجل الذى لم يشك يوما فى أن ذلك المنبر سيأخذ مكانه من القدس الشريف.
الشاهد اخوتى من هذه القصة تلك الشخصية الفذة
صاحبة الاخلاص والنظرة الثاقبة والاصرار
فكانت النتيجة التوفيق من الله فشارك السلطان فى فتح بيت المقدس حتى بعد وفاته
اللهم ارزقنا الاخلاص فى القول والعمل واهدى حكامنا ليكونوا هداة مهديينالى الحكم بشرع الله وان يتركوا ما سواه من قوميات وديمقراطيات وعلمانياتلم تجر الينا الا الخزى والعار