لطفي الياسيني معلومات إضافية
الأوسمة : المشاركات : 80306 نقاط : 715287 التقييم : 313 العمر : 118 | موضوع: سايكس بي TWO أو الحرب المقدسة ؟ / واسيني الأعرج الجمعة 2 يناير 2015 - 15:53 | |
| [rtl]سايكس بي TWO أو الحرب المقدسة؟[/rtl] [rtl]واسيني الأعرج[/rtl] SEPTEMBER 19, 2014
ما يحدث اليوم في المنطقة العربية غريب ومتداخل جدا ويدعو إلى أكثر من تساؤل، على الأقل في الظاهر. من جهة، ثورات عنيفة تحللت بسرعة، لم تسفر في الجوهر عن أي شيء يذكر، أي عن المبتغى تحقيقه، باستثناء رؤساء مقتولين أو مطاردين أو فارين من العدالة الدولية التي ترى بعين واحدة وتسير على عكاز فريد، وتغييب كلي للفعل الحداثي الذي انطلقت الثورات من أجله في الجوهر، لأنه هو الضامن للمجتمع المدني القادر على فرض المواطنة كخيار استراتيجي وليس كمناورة تفرضها الأوضاع المتحركة. ومن جهة ثانية نرى ارتسام علامات حرب مقدسة يتم التحضير لها على قدم وساق، تضم أمريكا وبقية العالم بما فيهم العرب الذين اكتشفوا فجأة الخطر الداهم لمنظمة هي من أخطر المنظمات تطرفا وإرهابا وتخلفا دينيا: «داعش». مع أن سبل الفهم متوفرة قليلا، ولا يقتضي منا ذلك إلا بعض الفهم والربط بين الظواهر. «داعش» على الرغم من خطورتها وغرابة ممارساتها ليست بكل هذه القوة التي تقتضي تحالفا غير مسبوق ضد منظمة إرهابية. سندها المالي والإيديولوجي معروف. عندما أرادت أمريكا تدمير القاعدة، لم تستشر أحدا من العرب، ولا حتى من الغربيين، الذين كان الكثير منهم قد وضع المال والسلاح تحت تصرف هذا التنظيم في حربه ضد الشيوعية وروسيا. تنظيم «داعش» مثله مثل القاعدة، ليس أكثر من وحش مخبري تم الاشتغال عليه منذ سنوات بالتوازي مع التشكل التاريخي للعقلية العربية التي حرمت من التجلي والتطور بسبب أنظمة فاسدة، وضعت في ذلك المكان لتأدية تلك الوظيفة. لا غرابة في أن يكون هدف داعش الإجهاز على روح الثورات العربية والتي يفترض أن من بين مراميها التاريخية، تقوية الدولة، ورتق النسيج المجتمعي، والإنتقال إلى مجتمع الحداثة المؤمن بالتغيير والديمقراطية، لكن ذلك كله لا يخدم في الجوهر لا إسرائيل عل الأمد المتوسط، ولا الجشع الاستعماري الذي يريد نهب خيرات البلدان العربية بجهد ومال أقل، ولا الأنظمة العربية التي جعلتها الثورات ترتعش على كراسيها. «داعش» هي الآكت تو Act two من اللعبة الكبرى التي حرفت الثورات عن مساراتها الحقيقية، وحولتها إلى حروب أهلية، لم تدمر مطلقا الأنظمة ولكنها دمرت كيان الدولة. ما الذي تغير في بلدان الربيع العربي من الناحية الجوهرية؟ ليس الشيء الكثير ما عدا ماكياجا ديمقراطيا فاضحا، وإضعافا كلي للدولة كما حدث في مصر، أو نفيا نهائيا لها وتعويضها بنظام قبلي قاتل، كما هو الحال فيليبيا. بعيدا عن نظرية المؤامرة السهلة، نحن أمام فوضى غير خلاقة مدارة بشكل متقن. الحرب المقدسة القادمة، أراد العرب أم لم يريدوا، ستحمي إسرائيل بكل تأكيد وتحمي مؤقتا الأنظمة العربية الهشة، وينسى الحاكم العربي أن هذه الآلة الطاحنة لا عواطف لها، تحمي من يحمي مصالحها بشكل براغماتي، وبحسب الحاجة، حبيب اليوم هو عدو الغد، وعدو الأمس يمكن أن يصبح حبيب اليوم، في حالة من التقلبات المستمرة التي تحتاج حقيقة إلى قراءة متأنية من أجل فهمها جيدا. زين العابدين ومبارك والقذافي لم يكونوا أعداء للغرب الاستعماري، كانوا يؤدون واجبات صنعوا لها. وعندما انتفى مبرر وجودهم، اندثروا وكأنهم لم يكونوا. لهذا، إن ما يحدث اليوم هو أكثر من حرب ضد «داعش». هو استجابة لإستراتيجية معقدة يتم تصنيع عالم عربي آخر من خلالها. فقد تفككت الدولة العربية التي حلم بها العرب في الحرب العالمية الأولى، من خلال جهاز تدميري فكك الدولة العربية المفترضة التي كانت تجمعها عل الأقل مساحة أرضية واحدة، فككت أوصالها بالمسطرة، وخلقت دول لم تكن موجودة على مر التاريخ العربي، وتم محو كيانات كانت موجودة عبر القرون. المحللون الغربيون بدأوا يرون في السنوات الأخيرة أن المزيد من التفتيت يجعل إسرائيل في مأمن نهائي من تطور عربي محتمل، في ظل تكدس المال بسبب الطفرة النفطية التي بدأت تتضاءل مخلفة وراءها خوفا كبيرا، إذ بدأ يتراجع سعر البرميل في الأسواق العالمية على العكس من كل التوقعات لأن النفط يشترى في جزء مهم منه، في الأسواق المتوحشة بأسعار رمزية من خلال التعامل مع العصابات القبلية والدينية في البلدان التي توقف فيها وجود الدولة. شخصيات مثل بريجنسكي، وبرنار لويس، وهنتغتون وغيرهم، كلهم نظّروا لهذا الزمن الذي نعيشه بحيث يعاد العرب إلى البدائيات الأولى، أو إلى الأنظمة العشائرية والقبلية المتقاتلة على الأرض والماء والسماء، وتنسى بشكل نهائي فكرة التطور والتنمية. وكأن الغرب الاستعماري ارتكب خطأ بتجميعه للعشائر في شكل دول في بدايات القرن الماضي، يريد الآن أن يعود بها إلى الأصول الأولى، من خلال قرارات ما تزال سرية حتى اليوم اسمها سايكس- بيتو أي سايكس بيكو ثانية هدفها تدمير نواة الدولة التي تكونت في المائة سنة الأخيرة. الفوضى التي خلقتها «داعش» تحتاج اليوم إلى إعادة ترتيبها نهائيا. فلو خاض العرب مجتمعين حربا ضروسا ضد عدو تقليدي لما خسروا ما خسروه. جامعة الدول العربية التي تلام على تقصيرها هي الأداة الثانية بعد «داعش»، المبررة للسياسة الدولية الجديدة ولمن يتحكم فيها ماليا من الدول العربية. لن تكون هذه الحرب المقدسة إلا مظلة أخرى لتمرير مشروع تقسيمي أصبح اليوم واضح الملامح والمزيد من الإنهاك للمال العربي الذي فتح اليوم أبوابه على مصراعيها أمام اللوبيين الصانعين لأمريكا الحالية ولقراراتها، اللوبي العسكري لبيع الأسلحة ل «داعش» وللمدافعين عن أنفسهم من داعش، واللوبي النفطي الذي يستفيد من النفط والغاز العربيين المهرب بأبخس الأثمان. من هنا و لسنوات قليلة قادمة تكون «داعش» قد أدت ما عليها من خدمات جليلة: مسخ سماحة الإسلام الكريم وتحويله إلى رديف للموت في اللاوعي الجمعي الغربي، تدمير الكيانات التي بدأت تترسخ وتدمير الدولة عن بؤس الأنظمة، تخويف الأنظمة من الخطر الداهم وتشغيل الآلة الحربية بالمال العربي. حقيقة ما أشبه البارحة بملوك الطوائف اليوم. لا شك أننا لا نقرأ التاريخ ليس جهلا، ولكن لأنه مرآة الخوف. واسيني الأعرج | |
|