غزة: عاد ليمارس حياته بعدما بتر الصاروخ ساقه
-------------------------------------------------------
أصبح أمرا مألوفا أن تجد مئات الشباب الفلسطيني في شوارع قطاع غزة يكملون حياتهم برجل واحدة، لكن القليل منهم استطاع الحصول على طرف اصطناعي،
[img(444.66666662693024px,251.66666662693024px)]http://pms.panet.co.il/online/images//articles/2015/01/22-01-2015/lnaz/8/n1.jpg[/img]
يتنقل من خلاله بمعاناة أقل، فعلى الرغم من قسوة الحياة في غزة، إلا أن إرادة البقاء عند هؤلاء الشباب تغلب الحصار الجائر الذي تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين، حسب تقرير لجمعية الايدي الرحيمة الخيرية، الذي استعرضت فيه قصة محمد طوطح، الذي أصبح في غضون ثوانٍ مبتور القدم وهو في عمر الزهور، كان حينها لم يبلغ بعد الـ 20 عاما، عندما تفاجأ بصاروخ من طائرة استطلاع تهاجم جسده الصغير، وهو عائد لمنزله من رحلة عمل في 28/12/2008م، أي خلال الحرب الأولى على قطاع غزة التي شنتها إسرائيل.
ويقول ابن السادسة والعشرين:" حاولت الهروب من الصاروخ بعدما سمعت صوته، ولكن لم أشعر إلا بصوت انفجار هز المكان ووقعت على الأرض، شعرت بأن الصاروخ قد أصابني فقد تناثرت أجزاء منه وحاولت تحريك قدمي بعد أن تأكدت بأن يدي سليمتين، فاستصعبت تحريك رجلي اليمنى واكتشفت حجم الإصابة فقد أصاب الصاروخ قدمي بشكل مباشر".
ويضيف " لا أعلم كيف صبرني الله ولم أكن أشعر بأي شيء، فقط كنت أنظر لقدمي وأتقرب بها لله وكنت أشعر بدمائي الدافئة تسيل من جسدي"، استمر وجوده 26 دقيقة بجانب المدرسة التي حمته بعد الإصابة، وهي مدرسة تونس الخضراء في منطقة الزيتون شرق مدينة غزة، والتي مازالت دماؤه وشظايا الصاروخ شاهدة على جدرانها.
قرر الأطباء بتر قدمه، ومن ثم انتقل لتكملة العلاج في دولة مصر ومكث فيها ثلاثة شهور، حتى التأم الجرح وتعافى من جميع الإصابات التي كان يعاني منها، ليعود إلى غزة ويقرر أن يكمل حياته العادية وألا تكون الإعاقة سببا في حبسه وتوقفه عن الحياة.
ويقول طوطح:" قررت أن أكمل حياتي وأن أعتمد على نفسي، لأحصل في أحدى زيارات وفد جمعية الأيدي الرحيمة، على تكتك بعد أن طلبته منهم كنوع من المساعدة لي، لأعمل عليه وأعيل نفسي".
[b]بدأ العمل على التكتك بعد أن أعد إعلانا ونشره في الكثير من المناطق
بعد حصوله على ما رغب به، قرر والده أن يزوجه حتى تستطيع زوجته أن تشرف عليه وتساعده، وأضاف:" بعد قرار والدي خطبت وأخبرتها أن قدمي مبتورة وأن حياتي ستعتمد على عدم وجود طرف اصطناعي، فلكبر البتر وصغر الساق المتبقية، والتي لا تتجاوز العشر سنتمتر من الصعب الحصول على قدم اصطناعي لأتزوج بعد ذلك".
بدأ العمل على التكتك بعد أن أعد إعلانا ونشره في الكثير من المناطق، ورغم البتر في قدمه فقد تشجع الكثير على أن يتصلوا به حتي ينقل لهم البضائع، وقال:" كنت أتلقى الكثير من التشجيع من قبل المواطنين والمجتمع، وكانوا يكررون الاتصال بي إذا احتاجوا لنقل، وقد قمت بإعادة تهيئة التكتك بما يتناسب مع وضعي واعتمادي على قدم واحدة ".
وأضاف:" خلال عملي لم أجد الكثير الصعوبات فقد كنت أطوع جميع المشاكل في عملي وضغوطات بعض الزبائن، فأنا المعيل الوحيد لعائلتي وهي زوجتي وأبني وننتظر طفلا خلال الأشهر القادمة، واستطعت خلال السنوات الماضية أن أبني منزلا خاصا بي على 100 متر ولكن بالدور الثالث، وحاليا أحلم أنا وزوجتي بشراء أرض لنبني عليها ونستقر خارج عمارة والدي".
طوطح مثل للكثير من الشباب المقبل على الحياة فرغم صغر سنه إلا أنه مثل يحتذى به
وعلى الرغم من تحديه لكل الصعوبات التي تواجه الشخص الكامل، إلا أنه يحتاج للكثير من الأمور الأخرى حتى تساعده على اكمال حياته، " لست معترضا على عملي فأنا أحبه جدا، ولكن ازعاج التكتك يتعبني فإصابتي أثرت على السمع كذلك يحتاج عملي إلى جهد كبير، وخاصة عندما يطلب مني أن أرفع وأنزل البضاعة وهذا متعب لي، أتمنى أن أحصل على عمل أجلس فيه مثل البقالة أو غيرها".
ويتمنى طوطح أن يحصل على منزل في الدور الأول حتى لا يضطر لاستخدام الدرج، الذي يتعبه كثيرا عند خروجه من عمله وعودته، وأضاف:" الكثير من الأمور نحتاجها نحن الجرحى فلا اهتمام حقيقي بنا، فلا يوجد ممثل لنا خاصة في الوزارات ليساعدنا على تخطي أصابتنا، فمثلا في المستشفيات نتعامل مثل إي مواطن رغم أننا مصابين نحتاج إلى جهة رسمية لتشرف علينا وتخفف من الآمنا ولا تزيدها".
طوطح مثل للكثير من الشباب المقبل على الحياة فرغم صغر سنه إلا أنه مثل يحتذى به في نشاطه وبحثه عن العمل، فلم ييأس للبتر الذي أصاب قدمه ليعيش مثل إي شخص ويتزوج وينجب، ويكون مسؤولا عنهم بشكل كامل ومازال يتابع نشاطه الرياضي في المشي، ويتحدى كل الصعاب ويحلم ويحقق أحلامه.
[/b]