صنعاء/دبي (رويترز) - سار المئات من رجال القبائل السنية في استعراض في صحراء بوسط اليمن على سيارات نقل صغيرة مزودة بأسلحة آلية ثقيلة وهم يغنون أناشيد عسكرية بهدف رفع الروح المعنوية.
ونصبوا معسكرات على أطراف محافظة مأرب الغنية بالنفط وهم عاقدو العزم على ألا يتركوا أرضهم تسقط بيد الفصيل الشيعي الذي بات يحكم جزءا كبيرا من اليمن.
وبعد أن تجنب اليمن بأعجوبة السقوط في حرب أهلية على مدى أربعة أعوام شهد فيها احتجاجات الربيع العربي يبدو أن البلد الفقير الواقع في جنوب الجزيرة العربية يميل نحو الدخول في صراع دمر بلدانا أخرى في المنطقة.
وتوسعت المعارك الرامية للفوز بالنفوذ والأراضي منذ أن اجتاح متمردو جماعة الحوثي العاصمة صنعاء في سبتمبر أيلول متبنين منهجا طائفيا من شأنه أن يجذب إلى الصراع قوى إقليمية كإيران والسعودية. وربما يعزز تنظيم القاعدة في اليمن.
وقالت ندوة الدوسري الخبيرة والباحثة في شؤون القبائل اليمنية "اللاعبون التقليديون على الساحة السياسية اليمنية كانوا يعثرون على حل وسط ولم يسمحوا بأن تؤدي صداماتهم الى حرب أهلية شاملة. الحوثيون ليست لديهم رغبة على ما يبدو في حل وسط."
واضافت "إنهم يجمعون نقص الخبرة في السياسة والطموح غير المحدود على حد تعبير زعيمهم. إن حقيقة ضلوع إيران تفاقم الأمور وتستحضر بعدا إقليميا يجعل تجنب الصراع أمرا عسيرا."
وأدى عقد من الهجمات المتقطعة التي شنتها الحكومة على الحوثيين إلى تدمير موطنهم في شمال اليمن. فسويت قرى بالأرض ودمرت مدينة صعدة المركز القديم للطائفة الشيعية التي حكمت البلاد على مدى ألف عام انتهاء بعام 1962 إذ أنشئ النظام الجمهوري.
ولكن بعد احتجاجات في الشارع أطاحت بالرئيس علي عبد الله صالح عام 2011 تعثرت محادثات الحوار الوطني بشأن مستقبل اليمن ولم يعد باستطاعة الجيش المنقسم أن يوقف تقدم المتشددين الغاضبين.
* لعبة الشيطان
وتحتاج الدولة التي أنشأها المقاتلون الحوثيون في شمال اليمن وغربه إلى موارد كي تتمكن من الاستمرار.
ووجه زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي في خطاب أذاعه التلفزيون الأسبوع الماضي انتقادا لزعماء المناطق التي لم تخضع بعد لسيطرة الحوثيين وحذرهم من "لعب لعبة الشيطان".
وأضاف الحوثي الذي ثبت الخنجر التقليدي اليمني بحزام حول خصره "اذا حاول الاخرون ان يدخلوا بالاعيب تؤثر على الاقتصاد سيتصدى لهم الشعب ستقف ضدهم الثورة سيقف ضدهم الشعب ومعه الجيش ومعه الأمن ومعه كل مؤسساته."
وبعد أن حرم الحوثيون من كثير من موارد الدولة منذ أن سحبت السعودية مساعداتها أواخر العام الماضي فإن من المرجح ألا تكون الحكومة التي تديرها جماعة الحوثي قادرة على دفع أجور موظفي القطاع العام أو إبقاء الاقتصاد المتداعي قائما من دون النفط والكهرباء. وهما شيئان يتركزان بشكل كبير بيد أعدائهم القبليين السنة في مأرب.
ويقول زعماء القبائل هناك إن ذلك لن يحدث من دون معارك. ولن تكون ترسانتهم من الصواريخ المضادة للطائرات وصواريخ جراد وكاتيوشا سلاحهم الدفاعي الوحيد.
فقال الشيخ حمد بن وهيط الذي يقود مجموعة من المقاتلين القبليين على الطرف الغربي لمأرب إنهم سيفجرون آبار النفط والغاز إذا استخدم الحوثيون الطائرات بعد سقوط القوات الجوية في قبضتهم. واضاف أنهم سيقطعون الطريق إلى العاصمة.
ويقول زعماء قبليون إن السعودية استمرت في سياستها القديمة بدفع مبالغ بصورة منتظمة للقيادات المحلية على الرغم من مقاطعتها للحكومة. ولكنها لم تزودهم بالسلاح.
ويقول محللون ودبلوماسيون منذ فترة بعيدة إن الحوثيين يتلقون أسلحة وتدريبا من إيران الشيعية التي أشادت بسيطرة الحوثيين على العاصمة بوصفها ثورة. وأدانت القيادات الخليجية السنية تلك الخطوة بوصفها انقلابا.
* "كفار" في مواجهة "الدواعش"
وتدور منذ شهور مواجهة بالأسلحة النارية يقتل فيها عشرات المقاتلين كل أسبوع في معارك تضع الحوثيين في مواجهة رجال القبائل السنية ومقاتلي تنظيم القاعدة في محافظة البيضاء الواقعة جهة الجنوب.
وهذه المحافظة تمثل بوابة استراتيجية إلى مأرب وإلى جنوب اليمن الذي كان دولة مستقلة في يوم من الأيام. ولا يخضع جنوب اليمن بموانئه واحتياطيه من الغاز لسيطرة الحوثي.
واستفاد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وهو أقوى أجنحة القاعدة في العالم من غياب الدولة.
فقام متشددوه بخوض المعارك القبلية وقادوا السيارات الملغومة ليفجروها في "الكفار" الشيعة ليس فقط في ساحات المعارك الجبلية ولكن أيضا في العاصمة. وهو ما ساعد في تأجيج حالة السخط الطائفية.
وقال زيد الحوثي المسؤول في جماعة الحوثيين في تغريدة على موقع تويتر "نحن نتمنى أن تتدخل السعودية عسكرياً لكي نريح الأمة منها ومن دواعشها" في إشارة الى تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد الذي كان يعرف سابقا باسم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).
وقال مسؤول يمني رفيع لرويترز إن احتضان بعض القبائل للقاعدة ربما يستمر في إقناع السعودية بالامتناع عن تزويدها بالسلاح.
وأضاف "إن نشوب حرب أهلية سيؤثر على أمن السعودية والمنطقة. سينضم آخرون إلى هذه الحرب وسيتقاتلون عمليا في الفناء الخلفي للسعودية."
(إعداد سيف الدين حمدان للنشرة العربية- تحرير دينا عادل