'الحركة الأدبيّة في بلاد الشام'
21/01/2010
دمشق ـ 'القدس العربي' لا أحد يختلف حول أهميّة الأدب كوعاء فكري يَشف عن مكونات المجتمع في مرحلة ما، مانحاً تلك النصوص الأدبيّة وظيفتها الجماليّة التي نبحث عنها في أي قراءة أدبيّة. فإذا كانت الأساطير قد نقلت إلينا جزاً هاماً من التراث الفكري والأدبي للمنطقة في صياغات ميثيولوجية- دينية، فإنّ السؤال المطروح: هل كانت تلك النصوص عربية لمُجرّد انتمائها إلى المنطقة بالمعنى الجغرافي، أم أنّ البُنية الإثنية لشعوب تلك المنطقة يمكن اعتبارها الجزر الأقوامي للعرب؟
خاصّة وأنّ تلك النصوص كُتبت بلغات محليّة كالايبلائية أو الأوغاريتية أو الآرامية التي تتقاطع إلى حدود كبيرة مع بُنية ونسق اللغات الشرقية عموما، ومنها اللغة العربية بشكل خاص.
تؤكد مجموعة من المؤلفين والباحثين في كتاب مهم صدر عن الأمانة العامّة لدمشق عاصمة الثقافة العربية بعنوان ' الحركة الأدبية في بلاد الشام' أنّ الأبجديّة الأولى، انطلقت من المنطقة واكتشفت في رأس شمرا على الساحل السوري، بحيث اعتبر نظام الألف باء اختراعاً فينيقياً- كنعانياً، انتقل إلى أرجاء العالم وشعوبه مع الحركة التجارية وانتقال البضائع.
وكان لهذا الاكتشاف أثر واسع في تطوّر البشرية جمعاء، وفي ظهور النهضة اليونانية التي أفرزت لاحقاً العصور الكلاسيكية في القارة الأوروبيّة.
يسعى كتاب ' الحركة الأدبيّة في بلاد الشام' إلى تتبّع الإبداع الأدبي منذ اختراع الكتابة مطلع الألف الثالث قبل الميلاد وحتى مطلع الألف الثالث بعد الميلاد الذي نعيشه الآن. ويشير مؤلفو الكتاب الذي جاء في مُجلدين كل منهما يحوي العديد من الفصول، إلى العصور الأولى التي شهدت ولادة النصوص الميثولوجية للشرق القديم قبل سيادة اللغة العربية، وصولاً إلى العصر الجاهلي الذي حفظ لنا المُعلقات ونصوصاً أخرى اندثر أغلبها، ثمّ العصور الإسلامية: صدر الإسلام - العصر الأموي العباسي المملوكي - العُثماني، وانتهاءً بالعصر الحديث.
ويشمل هذا المسح الأدبي شتى الفنون الإبداعية من شعر ونثر ومسرح وصولاً إلى الرواية، وهو مسح امتدّ من العصور القديمة التي حفظت لنا إبداع وأنواع لغات الشرق القديم مروراً بالعصور الإسلامية وتطوّر الحياة الأدبية في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، وصولاً إلى فترة الانتداب الفرنسي والإنكليزي في المنطقة، وحتى أدب المهجر، متابعاً انعكاس المدارس الأدبية في شتى الفنون الإبداعية، كظهور الرومانسية في آداب المنطقة، والواقعية لاحقاً، ومن ثم الحداثة الأدبيّة المعاصرة. بينما اكتفى المُجلّد الثاني من هذا الكتاب بعرض شامل بانورامي لأهم النصوص التي كتبت في الحقب السابقة وفي شتى الميادين. ويُضيف مؤلفو الكتاب أنّ عروبة الأدب لا تتوقف على ما كتب بالعربية فقط، بل هي الكتابات التي عبرت عن الواقع العربي عموماً.